وأما على قراءة: ( أو ننسها) فقال عبد الرزاق ، عن قتادة في قوله: ( ما ننسخ من آية أو ننسها) قال: كان الله تعالى ينسي نبيه ما يشاء وينسخ ما يشاء. وقال ابن جرير: حدثنا سواد بن عبد الله ، حدثنا خالد بن الحارث ، حدثنا عوف ، عن الحسن أنه قال في قوله: ( أو ننسها) قال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم أقرئ قرآنا ثم نسيه. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل ، حدثنا محمد بن الزبير الحراني ، عن الحجاج يعني الجزري عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار ، فأنزل الله ، عز وجل: ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها) قال أبو حاتم: قال لي أبو جعفر بن نفيل: ليس هو الحجاج بن أرطاة ، هو شيخ لنا جزري. وقال عبيد بن عمير: ( أو ننسها) نرفعها من عندكم. وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقرأ: " ما ننسخ من آية أو تنسها " قال: قلت له: فإن سعيد بن المسيب يقرأ: " أو تنسها ". قال: فقال سعد: إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب ، قال الله ، جل ثناؤه: ( سنقرئك فلا تنسى) [ الأعلى: 6] ( واذكر ربك إذا نسيت) [ الكهف: 24].
تفسير قوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها }
سبب نزول آية ما ننسخ من آية أو ننسها
يقال أن سبب نزول الآية الكريمة" ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" صدق الله العظيم من سورة البقرة. أن الله أنزلها لأن اليهود والمشركون كانوا يتهموا الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بالكذب والافتراء. وأن الرسول يقول أحاديث كاذبة من تلقاء نفسه وليس من كتاب الله أو كلام الله. وقيل أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بأحد الأمور ثم ينهاهم بعد ذلك عن فعل هذا الأمر. وقال المشركون أن النبي محمد يأمر العباد بخلاف ما يقول، فأنزل الله هذه الآية الكريمة لتكذيب اليهود الذين أنكروا. وكذبوا أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، وبين لهما في قوله تعالى أن الله عز وجل له ملك السماوات والأرض. وأن عباد الله جميعًا بين يدي الله وأهل لطاعته، حيث يأمرنا الله عز وجل بما يشاء وينهانا عما يشاء. ويقر لنا ما يشاء وينسخ لنا ما يشاء، وليس علينا إلا أن نطيع الله في كل أمر. الثمرات المستفادة من آية ما ننسخ من آية أو ننسها
في تلك الآية العديد من الدروس المستفادة ومن أهم هذه الثمرات المستفادة ما يلي:
يشرع الله سبحانه وتعالى لعبادة ما يناسبهم والشيء الذي في صالحهم، سواء في النفع أو الثواب.
مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ - ملتقى الشفاء الإسلامي
[ وقد روى أبو بكر بن الأنباري ، عن أبيه ، عن نصر بن داود ، عن أبي عبيد ، عن عبد الله بن صالح ، عن الليث ، عن يونس وعبيد وعقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف مثله مرفوعا ، ذكره القرطبي]. وقوله تعالى: ( أو ننسها) فقرئ على وجهين: " ننسأها وننسها ". فأما من قرأها: " ننسأها " بفتح النون والهمزة بعد السين فمعناه: نؤخرها. قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: ( ما ننسخ من آية أو ننسئها) يقول: ما نبدل من آية ، أو نتركها لا نبدلها. وقال مجاهد عن أصحاب ابن مسعود: ( أو ننسئها) نثبت خطها ونبدل حكمها. وقال عبيد بن عمير ، ومجاهد ، وعطاء: ( أو ننسئها) نؤخرها ونرجئها. وقال عطية العوفي: ( أو ننسئها) نؤخرها فلا ننسخها. وقال السدي مثله أيضا ، وكذا [ قال] الربيع بن أنس. وقال الضحاك: ( ما ننسخ من آية أو ننسئها) يعني: الناسخ من المنسوخ. وقال أبو العالية: ( ما ننسخ من آية أو ننسئها) أي: نؤخرها عندنا. وقال ابن حاتم: حدثنا عبيد الله بن إسماعيل البغدادي ، حدثنا خلف ، حدثنا الخفاف ، عن إسماعيل يعني ابن مسلم عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال: خطبنا عمر ، رضي الله عنه ، فقال: يقول الله عز وجل: ( ما ننسخ من آية أو ننسها) أي: نؤخرها.
تفسير: ما ننسخ من آية او ننسها - مقال
وكذلك أيضًا مَن عَلِم بأن الله -تبارك وتعالى- هو وليه، لا ولي له، ولا نصير سوى الله -تبارك وتعالى- يعلم أنه لا يفعل به إلا ما هو خير له، فيفوض أمره إلى الله، فإلى أين المصير؟ وإلى أين المفر؟ فمن كان واثقًا بعلم الله وحكمته وقدرته وإحاطته بكل الأمور، فإنه يركن إليه، ويطمئن إلى تشريعه وحكمه وتقديره، فلا يكون في قلبه أدنى اعتراض أو تشكك، أو تردد في صحة أحكامه الكونية القدرية، أو في صحة أحكامه الشرعية. فالله -تبارك وتعالى- له الحكم، وإليه يرجع الخلق، فما عليهم إلا التسليم والإذعان، وإذا كان ربنا -تبارك وتعالى- له ملك السماوات والأرض، وليس للعباد من دونه من ولي يتولاهم، ولا نصير ينصرهم، فإنه ينبغي أن تتوجه القلوب إليه، وأن يكون موضع الرغبة والرهبة، وأن يكون هو المعبود وحده لا شريك له، فيفر العبد منه إليه، فلا ملجأ منه إلا إليه فيُتقى حق التقوى، ولا يجترئ العبد على معصيته ومخالفته، فإنه ليس له من دونه من ولي ولا نصير. وربنا الذي نتعامل معه له ملك السماوات والأرض، فخزائنها بيده، فبيده الإمداد والعطاء والمنع، وبيده كل شيء، فينبغي أن يكون القلب منعقدًا على خوفه ورجائه، والتوكل عليه، والثقة بما عنده، واليقين بذلك كله، وبهذا يحصل سلامة الوجهة والقصد لدى العبد، ويكون موحدًا لربه -تبارك وتعالى- لا يلتفت إلى شيء سواه، فيكون ربه هو الذي يُدبِّره، فإذا شرّع تشريعًا قابله العبد بالإذعان والقبول والتسليم، وإذا قدّر تقديرًا فإن العبد أيضًا يتقبل ذلك عن ربه -تبارك وتعالى- غير متسخط له، وإنما يسلم لأحكامه الشرعية، وأحكامه القدرية، فيكون قد رضي به ربًا.
تفسير: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)
المسألة الرابعة: يكون نسخ الحكم من الأثقل إلى الأخف، كنسخ قوله تعالى: { إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا} (الأنفال:65)، حيث نُسخ هذا بقوله سبحانه: { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله} (الأنفال:66). ويكون نسخ الحكم الأخف إلى الأثقل، كتحريم الخمر والميسر كان أشق على الناس يوم حُرِّم من إباحتهما، وقد جاء التحريم في قوله تعالى: { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} (المائدة:90)، بعد قوله سبحانه: { ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} (النحل:67)، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية قبل تحريم الخمر. وقال ابن العربي: "الصحيح أن ذلك كان قبل تحريم الخمر، فتكون منسوخة، فإن هذه الآية مكية باتفاق العلماء، وتحريم الخمر مدني". ويكون نسخ الحكم بمثله ثقلاً وخفة، كنسخ القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام، في قوله تعالى: { فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} (البقرة:144). وينسخ الشيء لا إلى بدل، كصدقة النجوى، كما قال تعالى: { إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم * أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله} (المجادلة:12).
سبب نزول قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)
إنّ الشعب الجزائري ناضل ويناضل دوما في سبيل الحرية والديمقراطية، وهو متمسك بسيادته واستقلاله الوطنيين، ويعتزم أن يبني بهذا الدستور مؤسسات، أساسها مشاركة كل المواطنين والمجتمع المدني، بما فيه الجالية الجزائرية في الخارج، في تسيير الشؤون العمومية، والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحرية لكل فرد، في إطار دولة قانون جمهورية وديمقراطية ويتطلع أن يجعل من الدستور الإطار الأمثل لتعزيز الروابط الوطنية وضمان الحريات الديمقراطية للمواطن. إن الدّستـــور يعكـــس عبقريّة الشّعـــب، ومرآته الصّافيـــة الّتي تعبـــر عن تطلّعاتـــه، وإصـــراره، ونِتـــاج التّحوّلات الاجتمــاعيّة والسياسية العميقة الّتي أحدثها. وبموافقته عليه يؤكّد بكلّ عزم أكثر من أيّ وقت مضى سموّ القانون. تُعبّر الجزائر عن تمسكها بالعمل للوقاية من الفساد ومكافحته وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها. إنّ الدّستور فوق الجميع، وهو القانون الأساسي الذي يضمن الحقوق والحرّيّات الفرديّة والجماعيّة، ويحمي مبدأ حرّيّة اختيار الشّعب، ويضفي المشروعية على ممارسة السّلطات، ويكرّس التداول الديمقراطي عن طريق انتخابات دورية، حرّة ونزيهة.
2. نسخ الحكم دون التلاوة ، فيدل على وقوعه آيات كثيرة: منها: أن آية تقديم الصدقة أمام مناجاة الرسول وهي قوله تعالى ( يأيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) منسوخة بقوله سبحانه ( ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله) على معنى أن حكم الآية الأولى منسوخ بحكم الآية الثانية ، مع أن تلاوة كلتيهما باقية. ومنها: أن قول سبحانه ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) منسوخ بقوله سبحانه ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه) على معنى أن حكم تلك منسوخ بحكم هذه ، مع بقاء التلاوة في كلتيهما كما ترى. 3. نسخ التلاوة دون الحكم ، فيدل على وقوعه ما صحت روايته عن عمر بن الخطاب ، وأبي بن كعب أنهما قالا: ( كان فيما أنزل من القرآن " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها ألبتة ") ، وأنت تعلم أن هذه الآية لم يعد لها وجود بين دفتي المصحف ، ولا على ألسنة القراء ، مع أن حكمها باقٍ على إحكامه لم ينسخ. ويدل على وقوعه أيضاً: ما صح عن أبي بن كعب أنه قال: " كانت " سورة الأحزاب " توازي " سورة البقرة " ، أو أكثر " [ رواه أبو داود الطيالسي في مسنده ( رقم 540) ، وعبد الرزاق في " المصنف " ( رقم 5990) ، والنسائي في " السنن الكبرى " ( رقم 7150) ، وإسناده صحيح] ، مع أن هذا القدر الكبير الذي نسخت تلاوته لا يخلو في الغالب من أحكام اعتقادية لا تقبل النسخ.