معنى الآيات
ان في خلق السماوات والارض، السماء ومعناها أي ارتفاعها واتساعها وكبرها، والأرض في انخفاضها وكثافتها، كل تلك المساحة المهولة لما فيها من آيات لله عز وجل من الجبل الثابتة الشامخة، والبحار الكبيرة وكثرة الأشجار والنباتات والنجوم والكواكب والمجرات، وايض الثمار الرائعة والحيوانات وغيرها من الأشياء التي توجد في السماء وأيضا في الأرض من معادن وغيرها من المنافع التي تنتشر حول الانسان، فالألوان نعمة والرائحة نعمة والطعم نعمة. واختلاف الليل والنهار، أي تعاقب الليل والنهار، واختلافهما في ولهما، أي أوقات نجد ان النهار طويل أكثر من الليل، وايام أخرى نجد ان الليل أطول بكثير من النهار، وايام ثالثة نجد ان النهار والليل يشبهان بعضهم في طولهما، ولذلك قال الله تعالي، لأولي الالباب، أي لأصحاب العقول التامة والذكية والتي تعرف ان تميز بين حقيقة الاشياء، كما انهم لا يتساوون مع الصم والبكم الذين لا يعقلون أي شيء في هذه الحياة. تفسيرات بعض العلماء
1_ ان في خلق السموات والارض
قد بين الله سبحانه وتعالى عظمة الخلق في أكبر أشياء نراها وهما السموات والارض، فنجد ارتفاع السماء الشاهقة واتساعها، وأيضا الأرض في كبرها والاشياء الموجودة فيها وعظمة الخلق والآيات الكبيرة التي توجد بهما لهي آيات عظيمة لنا، فنجد في السماء النجوم والشمس والقمر وحتى اليوم تم اكتشاف الكواكب والمجرات وغيرها من الأشياء التي تدل على عظمة خلق الله في الكون، اما في الأرض فهناك العديد من الأشياء التي نجدها في يومنا هذا من أشجار وبحار ومحيطات وانهار وجبال راسيات وثمار ودواب والكثير من النعم العظيمة التي توجد في الأرض.
ان في خلق السموات والارض واختلاف الليل
لعل من الأَوْلى - بعد استعراض الآيات - أن يكون بدء البحث عن بدء خلق السموات والأرض؛ ليكون التسلسل منطقيًّا:
♦ ففي سورة الأنبياء تكون البداية، قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ [الأنبياء: 30]. قال في تفسير الكشاف: "قلت: الرتق صالح أن يقع موقع مرتوقتين؛ لأنه مصدر، فما بال الرتق؟
قلت: هو على تقرير موصوف؛ أي: كانتا شيئًا رتقًا". كتب خلق السموات والأرض في القرآن - مكتبة نور. وعند القرطبي: "ذواتَي رتق، ومعنى ذلك: أن السماء كانت لاصقة بالأرض لا فضاء بينهما، أو كانت السموات متلاصقات، وكذلك الأَرَضون لا فُرَج بينها، ففتقها الله وفرَّج بينها" هذا قول. لقد عبر بالمصدر "رتقًا"؛ وذلك لإفادته العموم، وهو يصح مع المفرد والمثنى والجمع، ثم فتقهما الله وفصلهما. والرتق: ضم هذه لتلك لتبدو واحدة، كما أن دلالة لفظ الفتق أقوى من دلالة لفظ الفصل، ويستعمل اللفظان في مهنة الخياطة، فالرتْق: ضم قطع الثوب بعضه لبعض وَفْق هندسة معينة يتم فيها تشكيل الثوب، وكذلك الفتق عودة القطع كما كانت قبل الرتق.
وعليه، فإن في الآية من البيان القرآني ما يشير إلى عظمة الخالق وجدية الأمر في خلق السموات والأرض، والتوجيه إلى أخذ الأمور بالجد والإتقان، وأن الإنسان مؤاخذ على أعماله؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر. آيات مختارة في مدة خلق السماوات:
وباعتبارنا أفردنا الكلام لذكر نشوء الكون، فإنه من المكمل ذكر مدة خلق السموات، فقد استغرقت كما أراد الله يومين من أيام الله: ﴿ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ [فصلت: 12]، آية في منتهى الجمال. فيها من البلاغة:
الالتفات؛ حيث انتقل من ضمير الغائب ﴿ فَقَضَاهُنَّ ﴾، إلى ضمير المتكلم ﴿ وَزَيَّنَّا ﴾. ان في خلق السموات والارض والفلك. الاستعارة؛ حيث استعار كلمة مصابيح للنجوم. وفيها من البيان القرآني الجمع، وقد جمع بين الزينة التي هي في المصابيح، والحفظ التي هي مهمة لرجم الشياطين منعًا لاستراق السمع. الفاصلة ومجيئها ﴿ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ لتمكين المعنى، فالعزة والقوة: للبناء والتزيين، والعلم: بحال عددها ومدة خلقها وأمر حفظها.