رواه النسائي وقال الشيخ الألباني: صحيح ، وعن معاذ بن جبل قال سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا يدعو يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة ، فقال: أي شيء تمام النعمة ؟ قال دعوة دعوت بها ،أرجو بها الخير ،قال: فإن من تمام النعمة دخول الجنة ، والفوز من النار
أيها المسلمون
فإلى متى العناد والعداء والاستكبار والتكاسل, فالموت يلاحق الجميع, والراحلون قبلنا آية ناطقة, والخضوع فرض واجب, فكل من عليها فان ،ولا يبقى إلا وجهه الكريم سبحانه ، ذو الجلال والإكرام والعطاء والقوة, فبأي آلاء ربك تكذب أيها المسكين. فها هي الأعمار تنتهي ، وها هي الكائنات تفنى ، والطبيعة تتغير ، والأزمان تمضي.. وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ | تفسير ابن كثير | الرحمن 27. كم من نهر كان يسيل بالمياه ، أضحى اليوم يشكو الجفاف ، وكم من حديقة غناء ، كانت شديدة الخضرة ، مترعة بصنوف الأزهار والورود ، أمست اليوم أشجارها كالعصف المأكول ، فلا خضرة ، ولا رواء ، ولا ماء ، ولا ظل ، ولا ظليل. وكم من إنسان كان يعيش حياة حافلة بالمتعة والنشاط ، كان يعيش صحة في جسمه ، وذكاء في عقله ، وبهجة في وجهه ، وقوة في بصره ،وسمعه ، وهو اليوم كالزهرة الذابلة ، فذهب بصره ، ونحل جسمه ، وانحنى ظهره ، وكساه الزمان شعراً أبيض ، وهكذا دواليك ، إنها سنة الله في الحياة ، اقتضت أن لكل أمر قد بدأ نهاية حتمية لابد منها ، وحقا ما قال ربنا جل جلاله: " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " [الرحمن:26-27].
- إسلام ويب - تفسير القاسمي - تفسير سورة الرحمن - تفسير قوله تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام- الجزء رقم15
- وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ | تفسير ابن كثير | الرحمن 27
- معنى قوله تعالى: {كل من عليها فان...}
إسلام ويب - تفسير القاسمي - تفسير سورة الرحمن - تفسير قوله تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام- الجزء رقم15
وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ
تفسير بن كثير يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون، وكذلك أهل السماوات إلا من شاء اللّه، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم، فإن الرب تعالى وتقدس هو الحي الذي لا يموت أبداً، قال قتادة: أنبأ بما خلق، ثم أنبأ أن ذلك كله فانٍ، وفي الدعاء المأثور: يا حي يا قيوم، يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شئننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك. وقال الشعبي: إذا قرأت: { كل من عليها فان} فلا تسكت حتى تقرأ: { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. وهذه الآية كقوله تعالى: { كل شيء هالك إلا وجهه} ، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ذو الجلال والإكرام، أي هو أهل أن يُجل فلا يُعصى، وأن يُطاع فلا يُخالف، كقوله تعالى: { يريدون وجهه} ، وكقوله: { إنما نطعمكم لوجه اللّه} ، قال ابن عباس: { ذو الجلال والإكرام} ذو العظمة والكبرياء، ولما أخبر تعالى عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل، قال: { فبأي آلاء ربكما تكذبان}.
وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ | تفسير ابن كثير | الرحمن 27
تاريخ النشر: الإثنين 28 ربيع الآخر 1423 هـ - 8-7-2002 م
التقييم:
رقم الفتوى: 18960
16013
0
295
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم سؤالي هو كيف نرد على من يقول بأن قول الله تعالى " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " قاصمة ظهر السلفية ؟؟؟ أرجو منكم الإفادة جزاكم الله خيرا
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فأهل السنة فسروا الوجه بالذات في قول الله تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27]. ولم ينقضوا بهذا أصلهم من منع التأويل، لأن التأويل هو صرف اللفظ عن ظاهره، وهذا المعنى "الذات" هو الظاهر من اللفظ بدليل أنه المتبادر إلى الذهن عند سماع الآية، إذ ليس للوجه خصوص في البقاء دون الذات، كما أنه يلزم من بقاء الصفة بقاء الذات، ولهذا لما أضاف الله الوجه إلى الذات، وأضاف النعت إلى الوجه دل على أن ذكر الوجه ليس بصلة، وأن قوله: ذو الجلال والإكرام صفة للوجه، والوجه صفة الذات. ذكره البيهقي نقلاً عن الخطابي فعبر بالوجه عن الذات. على أن أهل السنة إنما يمنعون التأويل الذي لم يدل عليه دليل. ولا مجال في هذا المقام للحديث عن هذه القضية.. إسلام ويب - تفسير القاسمي - تفسير سورة الرحمن - تفسير قوله تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام- الجزء رقم15. ونكتفي بإيراد عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله والتي نقلها عنه الإمام القاسمي في تفسير محاسن التأويل فقال: نحن نقول بالمجاز الذي قام دليله، وبالتأويل الجاري على نهج السبيل، ولم يوجد في شيء من كلام أحد منا أنا لا نقول بالمجاز والتأويل -والله عند كل لسان- ولكن ننكر من ذلك ما خالف الحق والصواب، وما فتح به الباب إلى هدم السنة والكتاب واللحاق بمحرفة أهل الكتاب.
معنى قوله تعالى: {كل من عليها فان...}
وقد علم السامعون أن الله تعالى يستحيل أن يكون له وجه بالمعنى الحقيقي وهو الجزء الذي في الرأس. واصطلح علماء العقائد على تسمية مثل هذا بالمتشابه وكان السلف يحجمون عن الخوض في ذلك مع اليقين باستحالة ظاهره على الله تعالى ، ثم تناوله علماء التابعين ومن بعدهم بالتأويل تدريجاً إلى أن اتضح وجه التأويل بالجرْي على قواعد علم المعاني فزال الخفاء ، واندفع الجفاء ، وكلا الفريقين خيرة الحنفاء. وضمير المخاطب في قوله: { وجه ربك} خطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم وفيه تعظيم لقدر النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم غير مرة. والمقصود تبليغه إلى الذين يتلى عليهم القرآن ليذكَّروا ويعتبروا. ويجوز أن يكون خطاباً لغير معينّ ليعمّ كل مخاطب. ولما كان الوجه هنا بمعنى الذات وصف ب { ذو الجلال} ، أي العظمة و { الإكرام} ، أي المنعم على عباده وإلا فإن الوجه الحقيقي لا يضاف للإِكرام في عرف اللغة ، وإنما يضاف للإِكرام اليد ، أي فهو لا يفقد عبيده جلاله وإكرامه ، وقد دخل في الجلال جميع الصفات الراجعة إلى التنزيه عن النقص وفي الإِكرام جميع صفات الكمال الوجودية وصفات الجمال كالإِحسان. وتفريع { فبأي آلاء ربكما تكذبان} إنما هو تفريع على جملة { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} كما علمت من أنه يتضمن معاملة خلقه معاملة العظيم الذي لا تصدر عنه السفاسف ، الكريم الذي لا يقطع إنعامه ، وذلك من الآلاء العظيمة.
وقوله: ﴿ذُو الْجَلَالِ﴾ أي: ذو العظمة ﴿وَالْإِكْرَامِ﴾ أي: إكرام من يُطيع الله عز وجل، كما قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج ٣٥] فإذن الإكرام: أي أنه يُكرم من يستحق الإكرام من خلقه، ويحتمل أن يكون لها معنًى آخر؛ وهو أنه يُكرم من أهل العباد فيمن خلقه، فيكون الإكرام هذا المصدر صالحًا للمفعول والفاعل، فهو مُكْرِم ومُكْرَم. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن ٢٨] وهذه الآية تكررت عدة مرات في هذه السورة، وبينا معناها: أنه بأي نعمة من نِعَم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس؟ وهذا كالتحدي لهم؛ لأنه لن يستطيع أحدٌ أن يأتي بمثل هذه النِّعم.
وهي فِي قراءتنا: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾؛ ﴿ ذُو ﴾ تكُون مِن صفةِ وجهِ ربِّنا تبارك وتعالى» [4]. وقال ابنُ جرير: «﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ﴾ يقول تعالى ذكْره: تبارك ذِكْرُ ربِّك يا محمدُ ﴿ ذِي الْجَلَالِ ﴾؛ يعني: ذي العظمة ﴿ وَالْإِكْرَامِ ﴾؛ يعني: ومَنْ له الإكرامُ مِنْ جميعِ خلقِهِ» [5]. وقال الزَّجاجُ: «ذو الجَلالِ: أَنَّه المُستحقُّ لأنْ يُجَلَّ ويُكرمَ» [6]. وقال الزَّجاجيُّ: «الجَلالُ العظَمةُ، فاللهُ عز وجل ذو الجَلالِ والعظَمةِ والكبرياءِ» [7]. وقال الخطَّابيُّ: «﴿ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾: الجَلالُ مصدرُ الجليلِ، يُقالُ: جَليلٌ بيِّنُ الجَلالَةِ والجلالِ، والإكرامُ: مصدرُ أكرمَ يُكرمُ إِكرامًا، والمعنى: أَنَّ الله جَلَّ وعزَّ مُستحقٌّ أنْ يُجَلَّ ويُكرَمَ فلا يُجْحَدُ، ولا يُكفرُ به، وقد يُحتَملُ أَنْ يكونَ المعنى: أَنَّهُ يُكْرِمُ أَهْلَ ولايتِهِ، وَيرْفَعُ درجاتِهم بالتوفيقِ لطاعتِهِ فِي الدُّنيا، ويُجلُّهم بأَنْ يتقبَّلَ أعمالَهم ويرفعَ فِي الجِنَانِ درجاتِهم. وقد يُحتملُ أنْ يكونَ أحدُ الأمرين، وهو الجَلالُ، مضافًا إلى الله سبحانه بمعنى الصِّفةِ له، والآخرُ مُضافًا إلى العبدِ بمعنى الفِعْلِ منه، كقوله سبحانه: ﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ﴾ [المدثر: 56]، فانصرفَ أحدُ الأمرين وهو المغفِرةُ إلى اللهِ سُبْحانَهُ، والآخرُ إلى العِبادِ وهو التقوى، والله أعلمُ» [8].