الخط الفاصل بين الشرك والتوحيد
وفي قوله تعالى ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ... ﴾ 3 فكرة دقيقة ، وأشارة لطيفة الى الخطّ الفاصل بين الشرك والتوحيد ؛ فالمشركون كانوا يزعمون أنّ في الكون قوىً فاعلة غير الله سبحانه وتعالى ؛ أي أنّهم كانوا يزعمون أنّ هناك حالة من الانفصام والتناقض بين الملائكة ، وبين الله تعالى شأنه ، ولذلك فإنّ فكرة الشفاعة عندهم كانت تنبع من هذه الزاوية. فكانوا يتوهّمون أنّ الملائكة تحتمّ على الله تقدّست أسماؤه الشفاعة ، فإذا اذنبوا ذنباً لا يرضى الخالق عنه ، فإنّ الملائكة تفرض على الله تعالى أن يغفر لهم ذنوبهم! أمّا الإسلام ؛ فيرى أنّ الملائكة عبادٌ لله لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ـ كما قال القرآن ـ وهذه هي عقيدتنا في الأنبياء عليهم السلام أيضاً ، فهم عظماء ولكنّهم عبيد الله أمام الله. وهذه العقيدة هي الحدّ الفاصل بين الشرك والتوحيد. التفريغ النصي - تفسير سورة فصلت [30-32] - للشيخ المنتصر الكتاني. فلنا الحق في أن نعتقد بالإنسان أنه مؤمن وعالم ومجاهد.. ولكن ليس لنا الحق مطلقاً في أن نعتقد أنّه متّصل اتصالاً مباشراً بالله سبحانه وتعالى. فالعبد مهما ارتفع ، ومهما تقرّب الى الله ، فانه لا يستطيع أن يصل إليه ، لانّ الله خالق وهو مخلوق ، والمسافة بين الخالق والمخلوق تبقى موجودة دائماً.
- التفريغ النصي - تفسير سورة فصلت [26 - 32] - للشيخ أحمد حطيبة
- التفريغ النصي - تفسير سورة فصلت [30-32] - للشيخ المنتصر الكتاني
- متى تنزل الملائكة على المؤمنين
التفريغ النصي - تفسير سورة فصلت [26 - 32] - للشيخ أحمد حطيبة
قال تعالى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا [فصلت:30] فالخوف دائماً من المستقبل، والحزن غالباً على الماضي، وهنا لا خوف ولا حزن، فالذي يموت وله عيال صغار تقول له الملائكة: لا تخف إن الله سبحانه وتعالى هو الولي الحميد. تفسير قوله تعالى: (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة... )
ولاية الله للمؤمنين في الدارين
قال الله تعالى: نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:32] أي: ضيافةً وكرماً من الله عز وجل، والنزل: طعام الضيف النازل إكراماً له، فهؤلاء ضيوف الرحمن سبحانه وتعالى فلهم ضيافتهم عند الله، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:32] الذي يغفر فيستر الذنوب ويرحم ويتجاوز عن سيئات عبده، ويكرمه من فضله. متى تنزل الملائكة على المؤمنين. نسأل الله عز وجل أن يغفر لنا وأن يرحمنا، إنه هو الغفور الرحيم، وأن يجعلنا من أهل جنته وأن ينجينا من عذابه ومن ناره. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم. وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا وعلى آله وصحبه أجمعين.
© 2022 أخبارك. نت يتم إدارته وتطويره بواسطة
التفريغ النصي - تفسير سورة فصلت [30-32] - للشيخ المنتصر الكتاني
أي: أن لا تتلاعب بدينك، فيوماً يماني ويوماً تميمي، بل ابق مؤمناً مسلماً قائماً بالطاعات مدة حياتك بلا تلاعب إلى لقاء ربك. وقال عثمان رضي الله عنه: الاستقامة أن تؤمن بالله في سرك وعلنك وتبقى كذلك. وقال علي رضي الله عنه: الاستقامة القيام بالفرائض، فمن قام بما فرض الله عليه من أقوال وأفعال فهو على خير، ويدخل في عموم هذه الآية الكريمة. التفريغ النصي - تفسير سورة فصلت [26 - 32] - للشيخ أحمد حطيبة. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الاستقامة أن تقول لا إله إلا الله بحقها. وقد ركبنا يوماً في باخرة فيها جماعة من المريدين ومن العبّاد والزهّاد، فكانوا يذكرون الله صباحاً ومساء ويؤذنون ويقيمون ويصلون جماعة، وظلوا على الباخرة البحرية أياماً يسافرون من خفر إلى خفر، وكان ظاهر قبطان الباخرة أنه ليس بمسلم، بل كان وثنياً أو نصرانياً، ثم في وقت اجتماعهم استأذن أن يجلس معهم فأذنوا له، فسأل شيخهم وكبيرهم الذي يظهر أنه مقدّمهم في الكلام والوعظ والإرشاد عن الاستقامة وقال له: ما الاستقامة عندكم معاشر المسلمين؟ فقال له: استقام فعل ماض، ويستقيم فعل مضارع، واستقم فعل أمر، والاستقامة مصدر، والسين والتاء للطلب، وأصل الكلمة أقام يقيم، أي: استقر. فمد يده إلى جيبه وأخرج ذهباً وقال له: هذا ثمن تعريفك للفظ الاستقامة، ولو علمت معناها وعرّفتها وقُمت بها لزدناك.
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30]. هل نزول الملائكة على المؤمنين المستقيمين يتمّ أثناء الموت والانتقال من هذا العالم إلى العالم الآخر، كما يحتمل ذلك بعض المفسّرين، أم أن نزولهم يكون في ثلاثة مواطن; عند (الموت) وعند (دخول القبر) وعند (الإحياء والبعث والنشور)، أو إنّ هذه البشائر تكون دائمة ومستمرة، وتتمّ بواسطة الإلهام المعنوي، حيث تستقر الحقائق في أعماق المؤمنين بالرغم من أنّها في لحظة الموت ولحظة الحشر تكون بشائر الملائكة أجلى وأوضح؟
يبدو أن المعنى الأخير أنسب، وذلك لعدم وجود قيد أو شرط في الآية. ويؤيد ذلك أنّ الملائكة تقول في البشارة الرّابعة: (نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة) وهذا دليل على أنّ المؤمنين من ذوي الاستقامة يسمعون هذا الكلام من الملائكة في الدنيا عندما يكونون أحياء، إلاّ أنّ ذلك لا يكون باللسان واللفظ، بل يسمعون ذلك بأذان قلوبهم بما يشعرون به من هدوء واستقرار وسكينة وإحساس كبير بالراحة عند المشاكل والصعاب.
متى تنزل الملائكة على المؤمنين
ثم تبين أن ذلك الرجل كان مؤمناً يكتم إيمانه ويعلم الاستقامة، وقد أراد منه العمل لا القول، وأرد أن يعلم هل هذا القول معه عمل أو لا؟ فامتحنه بالسؤال عن معنى الاستقامة لا عن لفظها، وهو أخذ يجيبه باللفظ نحواً ولغة وترك معناها الذي فسرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون. الأقوال في وقت تنزل الملائكة على المؤمنين
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [فصلت:30]. قال علماؤنا ومفسرونا: تأتيهم الملائكة عند الاحتضار وقت خروجهم من الدنيا إلى الآخرة؛ لتبشرهم وهم لا يزالون قدماً في الدنيا وقدماً في الآخرة؛ لأنهم يخافون على الأولاد كما يخافون على مستقبلهم بعد الموت، فيأتوهم مبشرين من الله بعدم الخوف من الآخرة من عذاب ولعنة وغضب، وعدم الحزن على ما يخلفونه من أولاد وذرية محتاجين للمال، فهم يخافون أن يمدوا أيديهم للناس، فيطمئنونهم عليهم وعلى أموالهم وعملهم. وقال قوم: يكون ذلك في القبر عندما يأتيه الملكان يسألانه ويستفسرانه من قبل الله جل وعز، من ربك؟ ومن نبيك؟ وما دينك؟ فبعد جوابه وكونه من الذين قالوا: ربنا الله ثم استقاموا يطمئنونه ويبشرونه من الله بالجنان وبعدم الخوف يوم القيامة عند العرض على الله، وأن لا يحزن على أولاده.
شهر رمضان ولادة جديدة
وهناك من الناس من يدخلون في شهر رمضان وهم مليئون بالذنوب ، ولكنّهم يخرجون منه وكأنهم ولدوا من جديد ، فتصبح قلوبهم وأنفسهم طاهرة نقية. ولكن هناك آخرين لا يغتنمون حتى ليالي الجمع ، فما بالك بليلة القدر ؟! إن مثل هذه الأوقات ـ وفي طليعتها ليلة القدر ـ قد خصّصت أساساً لأن ينشغل الإنسان في العبادة والتهجّد والدعاء وذكر الله ، وتصحيح مسار النفس ، وتحديد الذنوب ، والتفكير في المستقبل والتخطيط له. فالله سبحانه وتعالى لم يخلقنا ليدخلنا نار جهنم ، بل لكي يستضيفنا في الجنة ، ويغدق علينا من فضله ، ويوفّقنا الى رضوانه الذي هو غاية ما يجب أن يطمح إليه الإنسان المؤمن في حياته 9.