ثم انّ اللّفظ إذا لم يرد منه ما وضع له من دلالته المطابقيّة، وانّما اُريد به دلالته العقلية من تضمّن أو التزام، فإن قامت قرينة على عدم إرادة ما وضع له فمجاز، وإن لم تقم قرينة على عدم إرادة ما وضع له فكناية، ومن المجاز ما يبتني على التشبيه، فيلزم التعرّض للتشبيه قبل التعرّض للمجاز والكناية، إذن: فعلم البيان يعتمد على أركان ثلاثة: التشبيه والمجاز والكناية. علم البديع مقدمة في تعريف علم البديع (البديع) لغة: هو من بَدَع وأبدع، أي: أوجده لا على مثال سابق. واصطلاحاً: هو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام. والمحسنات على قسمين: 1 ـ معنوية. 2 ـ لفظية. وبعلم البديع يكتمل مثلث علوم البلاغة في المعاني والبديع، وهي علوم تتحرى مواطن الصحة والحسن في كلام العرب وشره ونثره، من حيث المعاني والألفاظ في علاقاتها ومواقعها من الكلام، لذا كان لزاماً على دارس اللغة العربية وآدابها أن يصيب قدراً من معرفة هذه العلوم، يكون له عوناً على أداء ما يرتجى منه في ميدانه الذي اختاره. ولما كان علم البديع منوطاً به إظهار ما في كلام العرب من جمال وحسن فإن علماءه الذين قصدوا لتقنينه ابتداء من ابن المعتز وقدامة قد استبانوا منه ما ينيف على المائة نوع، استظهروها من كلام العرب منظومة ومنثورة، قديمة وحديثة الذي عاصروه وعالجوه، وكان القرآن الكريم والحديث الشريف خير مثل وأسمى مثال لهم في درسهم البويعي.
تعريف علم البيان الجمركي
مباحث علم البيان:
علم البيان مكون من مباحث كثيرة متفرعة منه ، والتي نذكرها في التالي:
الاستعارة والتشبيه:
يعرف العلماء الاستعارة على أنها: (ادّعاء معنى الحقيقة في الشيء للمبالغة في التشبيه مع طرح ذكر المشبَّه به من الشيئين لفظاً وتقديرًا، وإن شئت قلت: وجعل الشيء بالشيء أو جعل الشيء للشيء) ، بالإضافة إلى أن معناها تسمية الشيء بشيء آخر لو تشابه معه بأمر ما ، كما أنها تقوم بنقل اللفظ من معناه الأصلي للفظ آخر ليس حقيقي – مجازي – متعلق بالمعنى الأصلي بناحية من نواحيه. وذلك لكي يكون تأثيره أكبر بالمتلقي ، والاستعارة تعد أبلغ من التشبيه ، وذلك لاحتوائها على أكثر من تركيب بالجملة ، وذلك على عكس الشبيه الذي يعني إنشاء علاقة مماثلة بين أمرين مختلفين لا يمتان ببعضها بصلة ، فعلى سبيل المثال: في التشبيه بالإمكان أن نقول: (حاتم مثل الأسد بشجاعته) ، وهنا قد شبهنا حاتم بالأسد لوجود رابط مشترك بينهما على الرغم من اختلافهما عن بعضهما ، والرابط هي الشجاعة ، كما من الممكن أن نقول إن كل استعارة محتوية على تشبيه لكن ليس كل تشبيه محتوي على استعارة. الكناية:
بحسب تعريف الجرجاني يتم تعريف الكناية على أنها: (أن تُطلِق اللفظ وتريد لازم معناه، مع قرينة لا تمنع من إرادة المعنى الحقيقي) ، وقد تمت تسميتها بالكناية لأنها تخفي وجه التصريح بالشيء ، فلا تصرح عنه بصورة مباشرة ، بل بلفظ آخر ، فعلى سبيل المثال نقول: محمد كثير الرماد ، فليس المعنى هنا أن محمد لديه رماد كثير بالمعنى الحقيقي للرماد ، بل هذا كناية عن جوده وكرمه بأنه كثير.
تعريف علم البيان في
للمزيد يمكنك قراءة: لماذا نتعلم اللغة العربية وما أهمية ذلك
أهمية علم البيان:
من الممكن وصف أهمية علم البيان على أنه أحد أهم ركائز فنون اللغة العربية وآدابها ، وذلك لأنه يساهم في شرح محاسن اللغة العربية وأشكال التعبير عن طريقها ، ذلك بالإضافة لتفسير الملامح الجمالية التي من الممكن أن تتخلل أي خطبة ، أو قصيدة ، أو رسالة محددة ، أو مقالة لأي متكلم ، لهذا فإن الإجادة بتحقيق قوانين علم البيان وإبداع مهارات وفهمه أكثر بحاجة لتوفير آلات وأدوات كالنحو ، والأمثال العربية ، والصرف ، والقرآن الكريم ، والأحاديث النبوية الشريفة ، والقوافي ، وعلم العروض. للمزيد يمكنك قراءة: أهمية علم النحو
نشأة علم البيان:
إن علم البيان في نشأته مرتبط بظهور كلاً من العلوم البلاغية وهي: علم البديع ، وعلم المعاني ، إذ كان هناك تداخل كبير فيما بينها ، وأول عصورها ظهرت أيام الجاهلية ، مروراً بالعصر الإسلامي ، وقد طورها بفعل عوامل كثيرة كتحضر العرب وقتها ، والحراكات الجدلية القوية بين الفرق الدينية بالقضايا العقدية ، والسياسية ، والاستقرار بالمدن ، لهذا كثرت الملاحظات البيانية والنقدية على مر العصور والأيام لتراجم بعض شعراء الجاهلية والمسلمين والتي نجدها بالكثير من الكتاب مثل كتاب: (الأغاني) للأصفهاني.
تعريف علم البيان والتبيين
وعلى أن البلاغة العربية قد ظلمت - في مقابل ذلك - كثيراً على أيدي بعض الدارسين المحدثين؛ فقد أوشكت أن تغيب من بعض المناهج الدراسية والجامعية، وأن تتحوّل إلى تابع باهت الظلّ للنقد الأدبي، ولا تكاد تُذكر إلا عرضاً، وربما من خلال أسماء ومصطلحات حديثة لا تكاد تُبين عن أصلها أو عن حقيقتها. إن البلاغة هي فن القول، وهي العلم بجماليات الكلام، وطرائق تحسينه وتجميله، حتى يكون أعمق تأثيراً، مما يجعله أكثر قبولاً في نفس المتلقي، وأشدّ حظوة عنده، وأقدر على التعبير عن عاطفة صاحبه في الوقت نفسه. وبوساطة هذه الجماليات التي تقدّمها إلى الكلام أصول البلاغة يؤدي دوره في إقناع المتلقي، والتأثير فيه، واستنفاد عاطفة القائل. والبلاغة هي المبحث الأسلوبي من النقد الأدبي، ومن ثَمّ فهي أصل هامّ من أصوله، ومعيار ذو شأن من معاييره، فالناقد في دراسته للعمل الأدبيّ يعتمد على مجموعة من المقاييس والأصول؛ منها ما يتصل باللغة، ومنها ما يتصل بالعَروض، ومنها ما يتصل بالبلاغة. وإذن، فالبلاغة فرع من النقد، وغصن من شجرته الوارفة، والصلة بينهما صلة الجزء بالكُلّ، ولكنها جزء متميّز، لأنها تتصل بأهم جانب من جوانب العمل الأدبي المدروس، وهو الجانب الأسلوبي في جوانبه: التركيبية، والتصويرية المجازية، والصوتية الإيقاعية، وهو ما تتعاور أداءه البلاغةُ بفروعها الثلاثة: المعاني، والبيان، والبديع.
تعريف علم البيان التمهيدي للميزانية
تزيين المشبّه: ويقصد به تحسين المشبّه والترغيب فيه،مثل: النجوم لآلئ معلقة في السماء. تقبيح المشبه: وذلك إذا كان المشبّه قبيحًا قبحًا حقيقيًا أو اعتباريًا، مثل:إنه قبيح، يضحك كضبعٍ نجس. الحقيقة والمجاز
يقسم علماء البلاغة المجاز قسمين [٦]:
المجاز العقلي: ويكون في الإسناد، أي في إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير صاحب العلاقة، ويسمى الإسناد المجازي، والمجاز الحكمي، ولا يكون إلّا في التركيب، مثل: تبني الحكومة المدارس. المجاز اللغوي: يكون في نقل الكلمات من حقائقها اللغوية ومعناها الأصلي إلى معانٍ أخرى بينها صلة ومناسبة، وكون هذا المجاز في المفرد، كما يكون في التركيب المستعمل في غير ما وضع له، والمجاز اللغويّ نوعان:
الاستعارة: وهي مجاز لغويّ تكون العلاقة فيه بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي قائمة على التشبيه. المجاز المرسل: وهو مجاز تكون العلاقة غير قائمة على التشبيه، وسمّي مرسلًا لأنّ له علاقات شتى، ولا يتقيد بعلاقات المشابهة. الاستعارة
الاستعارة لغة: رفع الشيء وتحويله من مكان إلى آخر، والاستعارة مجاز لغوي يقوم على تشبيه حذف أحد طرفيه، نحو: تغلغل المرض في مفاصله، وعرّفها الجاحظ بقوله: الاستعارة تسمية الشيء باسم غيره إذا حل مكانه.
وفي حالة إذا حذفنا المشبه به وأبقينا على إحدى صفاته للدلالية عليه فتصبح الاستعارة مكنية ، فمثلاً يمكن أن نقول أكل الدهر عليه وشرب ، ويقصد من تلك الجملة أن الشئ قديم وبال ، إلا أننا لم نقل ذلك بشكل صريح ، وبذلك أصبحت الاستعارة مكنية. وعندما نقوم بحذف المشبه ونصرح بالمشبه به مع الاحتفاظ بالشكل والكلمات ، ففي تلك الحالة تصبح الاستعارة تمثيلية ، ويكثر استخدام هذا النوع في الأمثال الشعبية المتداولة ، فدائمًا ما يقال المثل بموقف مشابه لما قبل فيه أول مرة ، فمثلاً عندما نقول رجع بخفي حنين ، فهي استعارة تمثيلية لأن الرجل لم يرجع بالفعل بالخفين ، إلا أن التمثيل يدل على أنه عاد خائبا كما حدث بالقصة الأصلية.