لكن النبي صلى الله عليه وآله غيَّر المفهوم اللغوي وجعله مصطلحاً إسلامياً ، فحصر مفهوم أهل بيته وآله بعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين آخرهم المهدي عليهم السلام ، فصار ( أهل بيت النبي وآل النبي) مصطلح نبوي لأناس معينين لا يدخل فيه غيرهم. وذلك مثل كلمة الصلاة التي معناها اللغوي واسع يشمل كل دعاء ، لكن النبي صلى الله عليه وآله جعلها مصطلحاً لعبادة خاصة. فكما نرد قول من يفسر قوله تعالى مثلاً: ﴿ وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ 2 بالدعاء ويقول إن من رفع يديه ودعا الله أو دعاه بقلبه فقد أقام الصلاة! ونقول له: إن المقصود بقوله تعالى ﴿ وَأَنْ أَقِيمُواْ الصَّلاةَ... ﴾ 3 الصلاة الإصطلاحية وليس الصلاة بالمعنى اللغوي. من هم اهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم في الجنه. فكذلك نرد من يقول إن آل النبي وأهل بيته صلى الله عليه وآله في اللغة يشملون كل عصبته ونساءه ، ونقول له: لا ترد على نبيك صلى الله عليه وآله فقد جعلهم مصطلحاً خاصاً لمن حددهم وسماهم ، فالمقصود بهم في الآيات والأحاديث الشريفة المعنى المصطلح وليس اللغوي، إلا بقرينة واضحة تدل على إرادة المعنى اللغوي. والدليل على هذا الإصطلاح النبوي حديث الكساء وهو صحيح صريح في أن النبي صلى الله عليه وآله لم يرض بدخول أم سلمة معهم ، بل روى أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وآله جذب الكساء من يدها وأخرجها من أهل بيته بهذا المصطلح الإسلامي!
من هم اهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم Beauty
أما الزكاة فلا، الصواب أنهم لا يكونون مثلهم، قال بعضُ أهل العلم أنهم يُمنعون حتى في الزكاة، فلا يُعطى بنو المطلب شيئًا من الزكاة، والصواب لا؛ لأنهم ليسوا مثلهم في النَّسب، إنما يُعطون من الخمس فقط مثلهم، أما الزكاة فلا، تُباح لهم، وإنما يختص التحريم ببني هاشم الذين هم آل النبي ﷺ. والحديث الثالث حديث أبي رافعٍ مولى النبيِّ ﷺ: لما أُريد أن يعمل في الزكاة......... أبو سعيدٍ قال: حتى تُصيب من الزكاة، فقال له أبو رافع: حتى أستأذن النبيَّ ﷺ، فلما استأذنه قال له: مولى القوم من أنفسهم، وإنها لا تحلّ لنا الصَّدقة، فدلَّ على أنَّ موالي بني هاشم حكمهم حكمهم، لا يُعطون من الزكاة، ويُعطون من بيت المال من صدقة التطوع، أما الزكاة نفسها فلا. من هم اهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مزخرف. لكن بعض أهل العلم أجازها للضَّرورة، فإذا اضطروا فلا حرج، كما يأكل الميتةَ عند الضَّرورة، وهي أحسن من الميتة، فإذا اضطروا جاز أن يُعطوا على الصَّحيح، أما إذا أغناهم الله ويسَّر أمرهم فلا يُعطون من الزكاة، وينبغي لهم أن يتعفَّفوا عنها ويحذروها ولا يتساهلوا، وعلى بيت المال أن يُساعدهم إذا كان في بيت المال قوة، فعلى بيت المال أن يُواسيهم ويُحسن إلى فقيرهم، فعل ذلك النبيُّ ﷺ مع بني هاشم وبني المطلب من الخُمُس.
من هم اهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم في الجنه
]؛
فأهل بيته صلى الله عليه وسلم في هذه الآية في الدرجة الأولى أزواجه،
وتشمل ذلك قرابته عليه الصلاة والسلام، ولكن نساؤه في هذه الآية
داخلات من باب أولى لأنهن سبب النزول. وأما قوله: { قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23.
ونظير دلالة هذه الآية على دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آله، ودلالة حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم على دخول علي، و فاطمة، و الحسن، و الحسين رضي الله عنهم في آله، نظير ذلك دلالة قول الله عز وجل: ((لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ)) [التوبة:108] على أن المراد به مسجد قباء، ودلالة السنة في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1398) على أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى مسجده صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر هذا التنظير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته (فضل أهل البيت وحقوقهم) (ص:20-21). وزوجاته صلى الله عليه وسلم داخلات تحت لفظ (الآل)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: {إن الصدقة لا تحلُّ لمحمد ولا لآل محمد}، ويدل لذلك أنهن يعطين من الخمس، وأيضا ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (3/214) بإسناد صحيح عن ابن أبي مليكة: [[أن خالد بن سعيد بعث إلى عائشة ببقرة من الصدقة فردتها، وقالت: إنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لنا الصدقة]].