بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج5 ، ص 449 ـ 452
________________________________________ (449)
7 ـ في حكم الزاني المحصن قد عرفت أنّ الأزارقة لاتقول برجم الزاني إذا كان محصناً بحجّة أنّه ليس في ظاهر القرآن، و لا في السنّة المتواترة، و لكن المسألة من المسائل الفقهية، و اتّفق الفقهاء، على رجم الزاني المحصن بلا فرق بين الرجل و المرأة، و إنّما اختلفوا من جهة اُخرى. 1 ـ قال داود و أهل الظاهر عليهما الجلد والرجم من غير فرق بين الشابِّ والشيخ، والشابّة و الشيخة، و هو احدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، كما في «المغني» لابن قدامة. عقوبة الزاني المحصن وغير المحصن - إسلام ويب - مركز الفتوى. 2 ـ قالت الإمامية ـ بالتفصيل و هو أنّه ـ: إذا كان المحصن شيخاً أو شيخة فعليهما الجلد و الرجم، وإن كانا شابّين فعليهما الرجم بلا جلد. 3 ـ قال فقهاء أهل السنّة: ليس عليهما إلاّ الرجم دون الجلد، و به قال بعض الامامية(1). ________________________________________ 1. الشيخ الطوسي: الخلاف ج 3، كتاب الحدود، المسألة 1 و 2، ابن قدامة: المغني 9 / 5 كتاب الحدود.
عقوبة الزاني المحصن وغير المحصن - إسلام ويب - مركز الفتوى
السؤال:
الزاني المحصن ما حده؟
الجواب:
الزاني المحصن حده الرجم بأن يقام أمام الناس ويرجم بحجارة لا هي كبيرة ولا صغيرة حتى يموت. السائل:
لكن كيف يجاب عن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في مسلم أنه قال: (جلد مائة والرجم)؟
الشيخ:
يجاب عن ذلك: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رجم خمسة ولم يجلدهم، فكأن الله -سبحانه وتعالى- خفف عن عباده؛ لأن حديث عبادة بن الصامت الذي يظهر من سياقه أنه أول ما جاء في الرجم من السنة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «خذوا عني، خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم» لكن بعد ذلك رجم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع بين الجلد والرجم فيكون هذا نسخاً، أي أن الله -تعالى- نسخ الجمع بين الرجم والجلد. فإن احتج شخص بأن عدم ذكر الجلد في الحديث لا يدل على عدمه فهذه دعوى من أبطل الدعاوى، ففي قصة الأجير الذي زنى بامرأة مستأجرة قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» هل قال: اجلدها؟ لم يقل اجلدها! وكذلك في قصة ماعز قال: اذهبوا به فارجموه، ولم يقل اجلدوه، وكذلك في قصة الذميين اليهوديين، وإذا تنزلنا مع هذا وقلنا هو فعل، فكون الرسول -صلى الله عليه وسلم- يترك الجلد يدل على جواز الترك وأنه ليس بواجب.
السؤال:
إذا ارتكب رجل الزنا وهو متزوج، هل تحرم عليه زوجته، وكذلك المرأة؟
الجواب:
لا يحرم كل منهما على الآخر، وعليهما جميعًا التوبة إلى الله التوبة النصوح، وإتباع ذلك بالإيمان الصادق والعمل الصالح. وإنما تكون التوبة نصوحًا إذا أقلع التائب عن الذنب، وندم على ما مضى من ذلك، وعزم عزمًا صادقًا على أن لا يعود في ذلك؛ خوفًا من الله سبحانه وتعظيمًا له، ورجاء ثوابه، وحذر عقابه، قال الله سبحانه: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82]، وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا [التحريم:8]، وقال : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]. والزنا من أعظم الحرام وأكبر الكبائر، وقد توعد الله المشركين والقتلة بغير حق والزناة، بمضاعفة العذاب يوم القيامة، والخلود فيه صاغرين مهانين؛ لعظم جريمتهم، وقبح فعلهم، كما قال الله سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا الآية [الفرقان:68-70].