فى عصر تحول الدين فيه إلي «طقوس شكلية لا تنفذ إلي جوهر العدل والرحمة والإيثار والإخلاص والشرف». فى رحلتنا نصادف الإمام الأول لمشيخة الأزهر الشريف محمد الخراشى وقد نذر نفسه لنجدة المظلوم. وهذا إمام المؤرخين عبد الرحمن الجبرتى يسجل شهادته على زمانه فتبدو صرخة على ماجرى لنا، وهذه دعوة الشيخ العطار لتدريس عجائب المصنفات ودقائق العلوم، ونسمع الإمام محمد عبده يحرضنا على الانفتاح على الأمم الأخرى، وهذا إمام الفلسفة مصطفى عبد الرازق وهذا الشيخ شلتوت إمام التقريب بين المذاهب والأديان والحضارات، ما أحوجنا إلى من يجمع فى عبقرية بين التجديد والعشق الإلهى وهذا الإمام الزاهد شيخ المتصوفين عبد الحليم محمود وتلك صدى خواطر «إمام الدعاة» الشيخ الشعراوى, ومسك ختام الرحلة التى بدأت من ساحة فضيلة الإمام أحمد الطيب تنتهى فى رحاب نفيسة العلم....
رابط دائم:
ادع إلى سبيل ربك... - موقع مقالات إسلام ويب
فالحكماء يخاطَبون بالحكمة، والعوام يخاطَبون بالموعظة، والخصماء يجادلون بالتي هي أحسن. وبهذا تكون الآية قد جمعت بين أصول الاستدلال العقلي الحق: البرهان، والخطابة، والجدل. وهي الأصول المعتبرة في الاستدلال عند أهل المنطق. ثانياً: قُيدت (الموعظة) بالحسنة، ولم تقيد (الحكمة) بمثل ذلك؛ لأن الموعظة لما كان المقصود منها غالباً الردع عن أعمال سيئة واقعة أو متوقعة، كانت مِظنة لصدور غلظة من الواعظ، ولحصول انكسار في نفس الموعوظ، فتوخَّت الآية كون الموعظة حسنة، وذلك بالقول اللين، والترغيب في الخير، كما قال تعالى: { فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} (طه:44). أما الحكمة فهي تعليم لمتطلبي الكمال من معلم يهتم بتعليم طلابه، فلا تكون إلا في حالة حسنة، فلا حاجة إلى التنبيه على أن تكون حسنة. ادعو الى سبيل ربك بالحكمة. ثالثاً: اشتمل القران الكريم على الحكمة والموعظة والمجادلة؛ ففيه بيان آيات الله في الكون من خلق السموات والأرض والشمس والقمر والنجوم المسخرات بأمره، وإنزال الماء، وإنبات النبات، وفلق الحب والنوى، فهذا كله من الحكمة. وفيه قصص الأقوام السابقة، وما نزل بالعصاة من خسف وزلزال وريح صرصر عاتية، وهذا من الموعظة الحسنة. وفيه مجادلة المخاصمين، كمجادلة الذي { مر على قرية وهي خاوية على عروشها} (البقرة:259).
رابعاً: يستبين مما أرشدت إليه الآية الكريمة من مناهج الدعوة واقعية هذا القرآن ومراعاته لكافة المستويات الإنسانية، فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق، حتى لا تشعر بالهزيمة، وسرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي وقيمتها هي عند الناس، فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها. والجدل بالحسنى هو الذي يخفف من هذه الكبرياء الحساسة، ويشعر المجادل أن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، وأن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها، والاهتداء إليها. في سبيل الله، لا في سبيل ذاته ونصرة رأيه وهزيمة الرأي الآخر. ونختم القول حول هذه الآية بما جاء في "الموطأ" من أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال في خطبة خطبها في آخر عمره: "أيها الناس قد سُنَّت لكم السنن، وفُرضت لكم الفرائض، وتُركتم على الواضحة، إلا أن تضلوا بالناس يميناً وشمالاً". ادع إلى سبيل ربك... - موقع مقالات إسلام ويب. وضرب بإحدى يديه على الأخرى. وهذا الضرب علامة على أنه ليس وراء ما ذُكر مطلب للناس في حكم لم يسبق له بيان في الشريعة.