وتقدم ذكر القرية عند قوله - تعالى - ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت الآية من سورة البقرة. وهذه القرية قيل ( أيلة) وهي المسماة اليوم ( العقبة) وهي مدينة على ساحل البحر الأحمر قرب شبه جزيرة طور سينا ، وهي مبدأ أرض الشام من جهة مصر ، وكانت من مملكة إسرائيل في زمان داود - عليه السلام - ، ووصفت بأنها حاضرة البحر بمعنى الاتصال بالبحر والقرب منه ؛ لأن الحضور يستلزم القرب ، وكانت ( أيلة) متصلة بخليج من البحر الأحمر وهو القلزم. [ ص: 148] وقيل هي ( طبرية) وكانت طبرية تدعى بحيرة طبرية ، وقد قال المفسرون: أن هذه القصة التي أشير إليها في هذه الآية كانت في مدة داود. وأطلقت القرية على أهلها بقرينة قوله إذ يعدون أي أهلها. والمراد السؤال عن اعتدائهم في السبت بقرينة قوله إذ يعدون في السبت إلخ فقوله إذ يعدون في السبت بدل اشتمال من القرية وهو المقصود بالحكم ، فتقدير الكلام: واسألهم إذ يعدو أهل القرية في السبت. و ( إذ) فيه اسم زمان للماضي ، وليست ظرفا. والعدوان الظلم ومخالفة الحق ، وهو مشتق من العدو بسكون الدال وهو التجاوز. وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر. سورة الأعراف قراءة جميلة هادئة خاشعة الشيخ خالد الجليل قرآن - YouTube. والسبت علم لليوم الواقع بعد يوم الجمعة ، وتقدم عند قوله - تعالى - وقلنا لهم لا تعدوا في السبت في سورة النساء.
وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر. سورة الأعراف قراءة جميلة هادئة خاشعة الشيخ خالد الجليل قرآن - Youtube
وكذلك كان شأن اليهود لما أضاعوا ملكهم ووطنهم وجاوروا أمما أخرى فأصبحوا يكتمون عن أولئك الجيرة مساوئ تاريخهم ، حتى أرسل الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - فعلمه من أحوالهم ما فيه معجزة لأسلافهم ، وما بقي معرة لأخلافهم ، وذلك تحد لهم ، ووخز على سوء تلقيهم الدعوة المحمدية بالمكر والحسد. فالسؤال هنا في معنى التقرير لتقريع بني إسرائيل وتوبيخهم وعد سوابق عصيانهم ، أي ليس عصيانهم إياك ببدع ، فإن ذلك شنشنة قديمة فيهم ، وليس سؤال الاستفادة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أعلم بذلك من جانب ربه - تعالى -. وهو نظير همزة الاستفهام التقريري فوزان ( واسألهم عن القرية) وزان: أعدوتم في السبت ، فإن السؤال في كلام العرب على نوعين أشهرهما أن يسأل السائل عما لا يعلمه ليعلمه ، والآخر أن يسأل على وجه التقرير حين يكون السائل يعلم حصول المسئول عنه ، ويعلم المسئول أن السائل عالم وأنه إنما سأله ليقرره. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - القول في تأويل قوله تعالى "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "- الجزء رقم13. وجملة ( واسألهم) عطف على جملة وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية واقعة معترضة بين قصص الامتنان وقصص الانتقام الآتية في قوله وقطعناهم ، ومناسبة الانتقال إلى هذه القصة أن في كلتا القصتين حديثا يتعلق بأهل قرية من قرى بني إسرائيل.
القرآن الكريم - تفسير البغوي - تفسير سورة الأعراف - الآية 163
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هي قرية حاضرة البحر وجائز أن تكون أيلة وجائز أن تكون مدين وجائز أن تكون مقنا لأن كل ذلك حاضرة البحر ، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع العذر بأي ذلك من أي ، والاختلاف فيه على ما وصفت. ولا يوصل إلى علم ما قد كان فمضى مما لم نعاينه ، إلا بخبر يوجب العلم. ولا خبر كذلك في ذلك. وقوله: " إذ يعدون في السبت " ، يعني به أهله ، إذ يعتدون في السبت أمر الله ، ويتجاوزونه إلى ما حرمه الله عليهم. يقال منه: "عدا فلان أمري" و"اعتدى" ، إذا تجاوزه. الباحث القرآني. [ ص: 183]
وكان اعتداؤهم في السبت: أن الله كان حرم عليهم السبت ، فكانوا يصطادون فيه السمك.
" إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا " ، يقول: إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم الذي نهوا فيه العمل "شرعا" ، يقول: شارعة ظاهرة على الماء من كل طريق وناحية ، كشوارع الطرق ، كالذي: -
15262 - حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا عثمان بن سعيد ، عن بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس: " إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا " ، يقول: ظاهرة على الماء. 15263 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس: "شرعا" ، يقول: من كل مكان.
الباحث القرآني
[ ص: 150] فالمقصود من الآية الموعظة والعبرة وليست منة عليهم ، وقرينته قوله - تعالى - كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون أي نمتحن طاعتهم بتعريضهم لداعي العصيان وهو وجود المشتهى الممنوع. وجملة كذلك نبلوهم مستأنفة استئنافا بيانيا لجواب سؤال من يقول: ما فائدة هذه الآية مع علم الله بأنهم لا يرعوون عن انتهاك حرمة السبت. والإشارة إلى البلوى الدال عليها نبلوهم أي مثل هذا الابتلاء العظيم نبلوهم وقد تقدم القول في نظيره من قوله - تعالى - وكذلك جعلناكم أمة وسطا في سورة البقرة. وأصل البلوى الاختبار والبلوى إذا أسندت إلى الله - تعالى - كانت مجازا عقليا أي ليبلو الناس تمسكهم بشرائع دينهم. والباء للسببية و ( ما) مصدرية ، أي بفسقهم ، أي توغلهم في العصيان أضرهم على الزيادة منه ، فإذا عرض لهم داعيه خفوا إليه ولم يرقبوا أمر الله - تعالى -.
وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر - Youtube
وأنا ، واد)). وفي الخبر ( ابن سعد 1/2/21 ، 22): (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كتب لنعيم ابن أوس ، أخي تميم الدارى ، أن له (( حيرى)) ، و (( عينون)) بالشام ، قريتها كلها ، سهلها وجبلها وماءها وأنباطها وبقرها ، ولعقبة من بعده ، لا يحاقه فيها أحد ، ولا يلجه عليهم بظلم ، ومن ظلمهم وأخذ منهم شيئاً فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وكتب على)). قال البكرى في معجم ما استعجم (420): (( وكان سليمان بن عبد الملك إذا مر بها لم يعرج ويقول: أخاف أن تمسنى دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم)). (22) (1) في المطبوعة: (( بأن ذلك من أي)) ، ظن أنه يصحح ما في المخطوطة ، فخلط خلطاً لا مخرج منه. وهذا تعبير مضى مرارًا ، وأشرت إليه 1: 520 س: 16 / 2: 517 س: 15 / 3: 64 س: 7 / 6: 291 س: 6 / 8: 85 ، 86 تعليق: 1 ، فراجعه هناك ٍ ، فقد غيره الناشر في كل هذه المواضع. (23) (2) انظر تفسير: (( عدا)) و (( اعتدى)) فيما سلف 12: 36 ، تعليق: 1 ، والمراجع هناك. (24) (1) انظر معنى (( السبت)) واعتداؤهم فيه فيما سلف 2: 166 - 182 / 9: 361 ، 362. (25) (2) الأثر: 15262 - (( عثمان بن سعيد الزيات الأحول)) ، لا بأس به ، مضى برقم: 137.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة الأعراف - القول في تأويل قوله تعالى "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر "- الجزء رقم13
وقوله: " ويوم لا يسبتون " ، يقول: ويوم لا يعظمونه تعظيمهم السبت ، وذلك سائر الأيام غير يوم السبت " لا تأتيهم " ، الحيتان " كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون " ، يقول: كما وصفنا لكم من الاختبار والابتلاء الذي ذكرنا ، بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده ، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل صيده " كذلك نبلوهم " ، ونختبرهم " بما كانوا يفسقون " ، [ ص: 184] يقول: بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها. واختلفت القرأة في قراءة قوله: " ويوم لا يسبتون ". فقرئ بفتح "الياء" من ( يسبتون) من قول القائل: "سبت فلان يسبت سبتا وسبوتا" ، إذا عظم "السبت". وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرأه: ( ويوم لا يسبتون) بضم الياء. من "أسبت القوم يسبتون" ، إذا دخلوا في "السبت" ، كما يقال: "أجمعنا" ، مرت بنا جمعة ، و"أشهرنا" مر بنا شهر ، و"أسبتنا" ، مر بنا سبت. ونصب "يوم" من قوله: " ويوم لا يسبتون " ، بقوله: "لا تأتيهم" ، لأن معنى الكلام: لا تأتيهم يوم لا يسبتون.
والإشارَةُ إلى البَلْوى الدّالِّ عَلَيْها نَبْلُوهم أيْ مِثْلَ هَذا الِابْتِلاءِ العَظِيمِ نَبْلُوهم وقَدْ تَقَدَّمَ القَوْلُ في نَظِيرِهِ مِن قَوْلِهِ - تَعالى - ﴿وكَذَلِكَ جَعَلْناكم أُمَّةً وسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] في سُورَةِ البَقَرَةِ. وأصْلُ البَلْوى الِاخْتِبارُ والبَلْوى إذا أُسْنِدَتْ إلى اللَّهِ - تَعالى - كانَتْ مَجازًا عَقْلِيًّا أيْ لِيَبْلُوَ النّاسَ تَمَسُّكَهم بِشَرائِعِ دِينِهِمْ. والباءُ لِلسَّبَبِيَّةِ و(ما) مَصْدَرِيَّةٌ، أيْ بِفِسْقِهِمْ، أيْ تَوَغُّلُهم في العِصْيانِ أضَرَّهم عَلى الزِّيادَةِ مِنهُ، فَإذا عَرَضَ لَهم داعِيهِ خَفُّوا إلَيْهِ ولَمْ يَرْقُبُوا أمْرَ اللَّهِ - تَعالى -.