رأي الشافعيّة وسعيد بن المسيّب وابن قدامة: قال هؤلاء بأن الجهاد هو فرض عين على كل مسلم بالغ عاقل. رأي ابن عمر وعطاء والثوري وابن شبرمة: قالوا إن الجهاد ليس فرض عين ولا فرض كفاية ولكنه مندوب، ولكن هذا الرأي هو غاية في الضعف ولم يقبله الكثير من علماء المسلمين. الحِكمة من الجهاد في سبيل الله
هناك حكمة عظيمة لأجلها شرّع الله الجهاد، تعرف عليها فيما يلي: [٦]
عبادة الناس لله تعالى وحده وترك ما يعبدون من دونه، فقال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّـهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [٧]. ردّ المعتدين عن الإسلام والمسلمين، فقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [٨]. إزالة الفتنة عن الناس، والفتنة نوعان؛ فتنة ما يمارسه الكفار على المسلمين من التضييق والتعذيب ليرتدوا عن دينهم، وفتنة الكفار أنفسهم لأنهم يرفضون سماع الحق واتباعه. حماية الدولة الإسلاميّة من شر الكفر والكُفار. إذلال الكفار وتخويفهم وإرهابهم، فقال تعالى: {وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ وَمِن رِباطِ الخَيلِ تُرهِبونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّـهِ وَعَدُوَّكُم} [٩].
الجهاد في سبيل ه
وروى الشيخان عن أبي هريرة -رضي
الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال:
« إيمان بالله ورسوله "،
قيل: ثم ماذا؟ قال: « الجهاد في
سبيل الله... » الحديث (أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان،
باب: من قال إن الإيمان هو العمل 1/77 برقم 26، وأخرجه مسلم في صحيحه
كتاب الإيمان، باب: كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال 1/88
برقم83). وأخرجا أيضاً عن أنس رضي الله
عنه مرفوعاً: « لغدوة أو روحة في
سبيل الله خير من الدنيا وما فيها » (أخرجه البخاري، كتاب
الجهاد، باب: الغدوة والروحة في سبيل الله 6/13 برقم2792، وأخرجه
مسلم، كتاب الإمارة، باب: فضل الغدوة والروحة 3/1499 برقم
1880). حكم
اتفق علماء المسلمين على أن
جهاد الكفار وقتالهم لنشر دين الله فرض، ولكنه فرض كفاية، إذا قام به
من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وذلك لقوله تعالى: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر
والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين
بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} [سورة النساء: آية
95]. قال ابن قدامة رحمه الله: "وهذا
يدل على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم" (المغني
13/6). وقال تعالى: { وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل
فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم
لعلهم يحذرون} [سورة التوبة: آية 122]، فنفى الله تعالى أن
ينفر المسلمون للجهاد كافة، وحض على أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة
تقوم بفرض الجهاد الذي يسقط عن الطائفة الباقية.
وقال صلى الله عليه وسلم:
« الخيل معقود في نواصيها الخير
إلى يوم القيامة » (رواه البخاري رقم 2849، ومسلم رقم
1871).