ما الذي يقوله لنا الشرع؟ الشرع يأمرنا بأن نلتفت إلى هذا المشروع فنتبينه بدقة ثم أن نعلن إما عن موافقتنا عليه أو عن إعراضنا عنه، ولا يجوز لإنسان أن يقول بل يكفي أن أصمت والصمت يغنيني، تقول القاعدة الشرعية المتفق عليها: لا ينسب إلى ساكت قول، الساكت لا يخرج عن المسؤولية، قيل لي: إن هذا البيان صِيْغَ باسمك، قيل لي إن هذا البيان صيغ تعبيراً عن رغبتك إذاً ينبغي أن أتبينه ثم أن أعلن عن ما تكنه سريرتي تجاه هذا البيان فإما أن أقول نعم إنه يعبر فعلاً عن رغبتي أو أقول إنني آسف لأنه لا يعبر عن رغبتي، أما الصمت فلا يتأتي لي شرعاً في هذه الحالة. ولعلكم أيها الإخوة تسألونني في هذه المناسبة فما رأيك فيه وما الذي ينبغي نقوله إن درسناه ووعيناه، أقول باختصار أيها الإخوة: إن في مشروع هذا الدستور ضمانتين اثنتين، إذا نفذ هذا الدستور تنفيذاً حقيقياً فإن هاتين الضمانتين تسيران بنا بإذن الله عز وجل إلى مستوى السعادة والأمن والطمأنينة ورغد العيش. أما الضمانة الأولى فتتمثل في أن هذا الدستور لم يهمل هوية الأمة – وأنتم تعلمون هوية هذه الأمة، وأنتم تعلمون أن سوريا دولة إسلامية – ومن ثم فإن مشروع هذا الدستور وضعنا أمام مرآة دقيقة أمينة تعبر عن هوية هذه الأمة وذلك في مادتها الثالثة ببنديها الأول المعبر عن دين رئيس الجمهورية الإسلام والبند الثاني المعبر عن أن الشريعة الإسلامية أو الفقه الإسلامي هو مصدر التشريع، هذه هي الضمانة الأولى.
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقو
وقد أوصى اللهُ -جَلَّ وَعَلاَ- بهذا في قوله: (وَاعْتَصِمُوا) أي: تمسكوا، (بِحَبْلِ اللَّه): وحبل الله هو القرآن، وقيل الرَسُول، وقيل الإسلام، والكلُ حقَّ؛ تُفسر الآية بكل هذه المعاني الثلاثة. ثمَّ قال: (وَلا تَفَرَّقُوا)، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً) لا بعضكم وإنما جميعًا، تكونون أمة واحدة. (وَلا تَفَرَّقُوا): لمَّا أمر الله بالإجتماع والاعتصام بالكتاب والسُنَّة نهى عن ضد ذلك، فقال: (وَلا تَفَرَّقُوا). (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً) يعني في الجاهلية، قبل بعثة الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ): على يد هذا الرَسُول وبواسطة هذا الكتاب العزيز. واعتصموا بحبل الله جميعا calligraphy. (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً): بدلًا أن كنتم أعداءً، هكذا الإسلام حولهم من كونهم أعداءً إلى كونهم إخوانًا في الدين والعقيدة، (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً). (وَكُنْتُمْ): يعني في الجاهلية (عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ): لو بقيتم على هذا لوقعتم في النار. (عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا)، أنقذكم منها بهذا الرَسُول وهذا الإسلام، وهذا الدين وهذه الجماعة المسلمة.
قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن الدكتور رشاد محمد العليمي إن مجلس القيادة الرئاسي يؤكد التزامه التام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، واتفاق الرياض، ومضامين مخرجات المشاورات اليمنية - اليمنية المنعقدة في الرياض برعاية مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأضاف الرئيس العليمي في خطابه: "إن مجلس القيادة الرئاسي يؤكد التزامه بأحكام القانون الدولي والأعراف الدولية والقرارات الأممية، وأنه يعمل على تجنيب اليمن أطماع الطامعين الذين يستهدفون عروبته ونسيجه الاجتماعي والجغرافي، وأنه يعمل على تغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح، ويحمل على عاتقه همومكم وآمالكم ومعاناتكم وطموحاتكم، ويضع نصب عينيه العمل على تحقيق مطالبكم، ويبذل قصارى جهده لمعالجة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في كل أنحاء اليمن شمالاً وجنوبًا دون تمييز، وفي كل المناطق اليمنية دون استثناء". وأشار إلى أن مجلس القيادة الرئاسي يعد الشعب اليمني بالعمل على إنهاء الحرب وإحلال السلام.. واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا. لافتًا إلى أن المجلس هو مجلس سلام لا مجلس حرب إلا أنه أيضًا مجلس دفاع وقوة ووحدة صف، مهمته الذود عن سيادة الوطن، وحماية المواطنين.
واعتصموا بحبل الله جميعا Calligraphy
وقد امتن عليهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قسم غنائم حنين ، فعتب من عتب منهم لما فضل عليهم في القسمة بما أراه الله ، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار ، ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي ، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ، وعالة فأغناكم الله بي ؟ " كلما قال شيئا قالوا: الله ورسوله أمن.
إذاً يقول الله عز وجل لنا: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ) وجمهرة من المسلمين قادةً وشعوباً بل نعتصم بحبل برنارد ليفي. العليمي: نَعِدُ بإنهاء الحرب وإحلال السلام.. ونشكر السعودية والإمارات على دعمهما الحكومة والشعب اليمني. يقول الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَفَرَّقُواْ) ونصغي إلى إخوانٍ لنا من حولنا وهم جمهرة المسلمين اليوم وإذا بهم يقولون: بل قرارنا الذي اتخذناه هو أن نتفرق فنتخاصم فنتعادى فنجعل من الأحقاد الشخصية – أجل الشخصية – الحكم فيما بيننا. وتذكرنا الآية فتقول: (وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)، ولكن جمهرة المسلمين من حولنا يقولون: بل ننسى هذا الوفاق الذي طُوِيَ عهده وانقضت أيامه ولم نعد اليوم بحاجة إليه وإنما سبيلنا اليوم أن ننفخ في نيران الحروب المستعرة فنصدرها ناراً تضطرم إلى جيران لنا وإخوة في الله لنا نحكم فيما بينهم منجل الموت يتحكم برقابهم. أليس هذا تحقيقاً لما قد ذكرته لكم الآن؟ أليس هذا الذي أقوله لكم واقعاً لا مبالغة فيه؟ أليس هذا معنى قولنا: إن هذه الآية تعاني من غربة ما مثلها في تاريخ المسلمين قط؟ هذه هي الحقيقة أيها الإخوة التي ينبغي أن نعلمها. إذا كان هذا هو الواقع فما أظن أن فينا من يستطيع أن يناقش في هذا الواقع، فدعوني أعود فأقول لكم: إننا نحن المسؤولون عما يستشري اليوم من حولنا من عداوات ومن مآسٍ ومن ظلم ينحط علينا، نحن المسؤولون عن ذلك، لماذا؟ لأن أمراضنا المنحطة في مجتمعاتنا والتي ذكرتها لكم بل ذكرت نموذجاً عنها يتمثل في موقفنا من هذه الآية القرآنية يجعلنا نتحمل نحن أوزارنا، يجعلنا نحن نتحمل مآسينا.
واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا
هذه خلاصة ما ينبغي أن نعلمه. أمراضنا مستشرية من داخلنا نحن، وعندما نشفى من هذه الأمراض تزول كل تلك الخطط وتتمزق شر ممزق. فيا أيها الإخوة الذين تسمعون كلامي من قريب أو من بعيد هلا رجعتم في ساعة قدسية إلى مرآة هوياتكم إذاً ستطالعكم هذه المرآة على أنكم عبيدٌ مملوكون لله مهما أسكرتكم الشهوات والأهواء ومهما نالت منكم الأحقاد والضغائن ومهما أسكركم الترف المالي الكثير والوفير، كل ذلك يذهب، كل ذلك يضمحل، كل ذلك يذوي ولن نرحل إلى الله إلا ونحن عرايا لا نملك إلا ما قدمنا، أجل هكذا يقول كتاب الله وهكذا يقول رسول الله r، صدق رسول الله القائل: (لو كان لابن آدم وادٍ من مال لابتغى إليه ثانياً ولو كان له اثنان لابتغى إليهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وقد ضمنت لهم العصمة ، عند اتفاقهم ، من الخطأ ، كما وردت بذلك الأحاديث المتعددة أيضا ، وخيف عليهم الافتراق ، والاختلاف ، وقد وقع ذلك في هذه الأمة فافترقوا على ثلاث وسبعين فرقة ، منها فرقة ناجية إلى الجنة ومسلمة من عذاب النار ، وهم الذين على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ذلك أي: ما ذكر من التعس وإضلال الأعمال. بأنهم بسبب أنهم كرهوا ما أنزل الله من القرآن، [ ص: 94] لما فيه من التوحيد وسائر الأحكام المخالفة لما ألفوه واشتهته أنفسهم الأمارة بالسوء. فأحبط لأجل ذلك. أعمالهم التي لو كانوا عملوها مع الإيمان لأثيبوا عليها.
تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)
47-سورة محمد 9 ﴿9﴾ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ والذين كفروا فهلاكًا لهم، وأذهب الله ثواب أعمالهم؛ ذلك بسبب أنهم كرهوا كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فكذبوا به، فأبطل أعمالهم؛ لأنها كانت في طاعة الشيطان. تفسير ابن كثير
ولهذا قال: ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله) أي: لا يريدونه ولا يحبونه ، ( فأحبط أعمالهم)
تفسير السعدي
ذلك الإضلال والتعس للذين كفروا، بسبب أنهم { كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} من القرآن الذي أنزله الله، صلاحا للعباد، وفلاحا لهم، فلم يقبلوه، بل أبغضوه وكرهوه، { فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}
تفسير القرطبي
قوله تعالى: ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم. موقع هدى القرآن الإلكتروني. أي ذلك الإضلال والإتعاس; لأنهم كرهوا ما أنزل الله من الكتب والشرائع. فأحبط أعمالهم أي ما لهم من صور الخيرات ، كعمارة المسجد وقرى الضيف وأصناف القرب ، ولا يقبل الله العمل إلا من مؤمن. وقيل: أحبط أعمالهم أي: عبادة الصنم. تفسير الطبري
وقوله ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنـزلَ اللَّهُ) يقول تعالى ذكره: هذا الذي فعلنا بهم من الإتعاس وإضلال الأعمال من أجل أنهم كرهوا كتابنا الذي أنـزلناه إلى نبينا محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وسخطوه, فكذّبوا به, وقالوا: هو سحر مبين.
موقع هدى القرآن الإلكتروني
قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم﴾ تحضيض لهم على الجهاد ووعد لهم بالنصر إن نصروا الله تعالى فالمراد بنصرهم لله أن يجاهدوا في سبيل الله على أن يقاتلوا لوجه الله تأييدا لدينه وإعلاء لكلمة الحق لا ليستعلوا في الأرض أو ليصيبوا غنيمة أو ليظهروا نجده وشجاعة. تفسير: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). والمراد بنصر الله لهم توفيقه الأسباب المقتضية لظهورهم وغلبتهم على عدوهم كإلقاء الرعب في قلوب الكفار وإدارة الدوائر للمؤمنين عليهم وربط جاش المؤمنين وتشجيعهم، وعلى هذا فعطف تثبيت الأقدام على النصر من عطف الخاص على العام وتخصيص تثبيت الأقدام، وهو كناية عن التشجيع وتقوية القلوب، لكونه من أظهر أفراد النصر. قوله تعالى: ﴿والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم﴾ ذكر ما يفعل بالكفار عقيب ذكر ما يفعل بالمؤمنين الناصرين لله لقياس حالهم من حالهم. والتعس هو سقوط الإنسان على وجهه وبقاؤه عليه ويقابله الانتعاش وهو القيام عن السقوط على الوجه فقوله: ﴿تعسا لهم﴾ أي تعسوا تعسا وهو ما يتلوه دعاء عليهم نظير قوله: ﴿قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾ التوبة: 30، ﴿قتل الإنسان ما أكفره﴾ عبس: 17، ويمكن أن يكون إخبارا عن تعسهم وبطلان أثر مساعيهم على نحو الكناية فإن الإنسان أعجز ما يكون إذا كان ساقطا على وجهه.
﴿والَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهم وأضَلَّ أعْمالَهُمْ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّهم كَرِهُوا ما أنْزَلَ اللَّهُ فَأحْبَطَ أعْمالَهُمْ﴾ هَذا مُقابِلُ قَوْلِهِ (﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمالَهُمْ﴾ [محمد: ٤]) فَإنَّ المُقاتِلِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ هُمُ المُؤْمِنُونَ، فَهَذا عَطْفٌ عَلى جُمْلَةِ ﴿والَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [محمد: ٤] الآيَةَ. والتَّعْسُ: الشَّقاءُ ويُطْلَقُ عَلى عِدَّةِ مَعانٍ: الهَلاكُ، والخَيْبَةُ، والِانْحِطاطُ، والسُّقُوطُ، وهي مَعانٍ تَحُومُ حَوْلَ الشَّقاءِ، وقَدْ كَثُرَ أنْ يُقالَ: تَعْسًا لَهُ، لِلْعاثِرِ البَغِيضِ، أيْ سُقُوطًا وخُرُورًا لا نُهُوضَ مِنهُ. ويُقابِلُهُ قَوْلُهم لِلْعاثِرِ: لَعًا لَهُ، أيِ ارْتِفاعًا، قالَ الأعْشى:
؎بِذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناةٍ إذا عَـثَـرَتْ فالتَّعْسُ أوْلى لَها مِن أنْ أقُولَ لَعا
وفِي حَدِيثِ الإفْكِ فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِها فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، لِأنَّ العِثارَ تَعْسٌ. ومِن بَدائِعِ القُرْآنِ وُقُوعُ فَتَعْسًا لَهم في جانِبِ الكُفّارِ في مُقابَلَةِ قَوْلِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿ويُثَبِّتْ أقْدامَكُمْ﴾ [محمد: ٧].