فروي أنه لما جاوز بهم موسى البحر وصارت الرسالة لموسى والحبورة لهارون; يقرب القربان ويكون رأسا فيهم ، وكان القربان لموسى فجعله موسى إلى أخيه ، وجد قارون في نفسه وحسدهما فقال لموسى: الأمر لكما وليس لي شيء إلى متى أصبر ؟ قال موسى; هذا صنع الله. قال: والله لا أصدقنك حتى تأتي بآية; فأمر رؤساء بني إسرائيل أن يجيء كل واحد منهم بعصاه ، فحزمها وألقاها في القبة التي كان الوحي ينزل عليه فيها ، وكانوا يحرسون عصيهم بالليل فأصبحوا وإذا بعصا هارون تهتز ولها ورق أخضر - وكانت من شجر اللوز - فقال قارون: ما هو بأعجب مما تصنع من السحر فبغى عليهم من البغي وهو الظلم وقال يحيى بن سلام وابن المسيب: كان قارون غنيا عاملا لفرعون على بني إسرائيل فتعدى عليهم وظلمهم وكان منهم. إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم (بطاقة). وقول سابع: روي عن ابن عباس قال: لما أمر الله تعالى برجم الزاني عمد قارون إلى امرأة بغي وأعطاها مالا ، وحملها على أن ادعت على موسى أنه زنى بها وأنه أحبلها; فعظم على موسى ذلك وأحلفها بالله الذي فلق البحر لبني إسرائيل ، وأنزل التوراة على موسى إلا صدقت فتداركها الله. فقالت: أشهد أنك بريء ، وأن قارون أعطاني مالا ، وحملني على أن قلت ما قلت ، وأنت الصادق وقارون الكاذب ، فجعل الله أمر قارون إلى موسى وأمر الأرض أن تطيعه ، فجاءه وهو يقول للأرض: يا أرض خذيه; يا أرض خذيه ، وهي تأخذه شيئا فشيئا وهو يستغيث: يا موسى!
إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم (بطاقة)
-قصة قارون مع موسى عليه السلام
1-قال الله تعالى ( إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما احسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم عندي أو لم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم. وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون - فخسفنا به وبداره الارض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين. وأصبح الذين تمنوا مكانه بالامس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) [ القصص: 76 - 83] 1-: هو قارون بن يصهر بن قاهث، وموسى بن عمران بن قاهث: 2-قال ابن عباس: كان قارون ابن عم موسى وكان يسمى المنور لحسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه البغي لكثرة ماله.
(13) من قوله تعالى {إن قارون كان من قوم موسى} الآية 76 إلى قوله تعالى {قال إنما أوتيته على علم عندي} الآية 78 - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
إلى أن ساخ في الأرض هو وداره وجلساؤه الذين كانوا على مذهبه. وروي أن الله تعالى أوحى إلى موسى: استغاث بك عبادي فلم ترحمهم ، أما إنهم لو دعوني لوجدوني قريبا مجيبا. ابن جريج: بلغنا أنه يخسف بهم كل يوم قامة ، فلا يبلغون إلى أسفل الأرض إلى يوم القيامة ، وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج: حدثني إبراهيم بن راشد قال: حدثني داود بن مهران عن الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس ، قال: لقي قارون يونس في ظلمات البحر ، فنادى قارون يونس ، فقال: يا يونس تب إلى الله فإنك تجده عند أول قدم ترجع بها إليه ، فقال يونس: ما منعك من التوبة ، فقال: إن توبتي جعلت إلى ابن عمي فأبى أن يقبل مني. وفي الخبر: إذا وصل قارون إلى قرار الأرض السابعة نفخ إسرافيل في الصور والله أعلم. قال السدي: وكان اسم البغي سبرتا ، وبذل لها قارون ألفي درهم. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القصص - الآية 81. قتادة: وكان قطع البحر مع موسى وكان يسمى المنور من حسن صورته في التوراة ، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري. قوله تعالى: وآتيناه من الكنوز قال عطاء: أصاب كثيرا من كنوز يوسف عليه السلام. وقال الوليد بن مروان: إنه كان يعمل الكيمياء ( ما إن مفاتحه) إن واسمها وخبرها في صلة ( ما).
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة القصص - الآية 81
ومثله: هنأني الطعام ومرأني ، وأخذه ما قدم وما حدث. وقيل: هو مأخوذ من النأي وهو البعد ، ومنه قول الشاعر: ينأون عنا وما تنأى مودتهم والقلب فيهم رهين حيثما كانوا وقرأ بديل بن ميسرة: ( لينوء) بالياء; أي لينوء الواحد منها أو المذكور فحمل على المعنى وقال أبو عبيدة: قلت لرؤبة بن العجاج في قوله: فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق إن كنت أردت الخطوط فقل: ( كأنها) وإن كنت أردت السواد والبلق فقل: ( كأنهما) فقال: أردت كل ذلك. واختلف في العصبة وهي الجماعة التي يتعصب بعضهم لبعض على أحد عشر قولا: الأول: ثلاثة رجال; قاله ابن عباس ، وعنه أيضا من الثلاثة إلى العشرة ، وقال مجاهد: العصبة هنا ما بين العشرين إلى خمسة عشر ، وعنه أيضا: ما بين العشرة إلى الخمسة عشر ، وعنه أيضا: من عشرة إلى خمسة. ذكر الأول الثعلبي ، والثاني القشيري والماوردي ، والثالث المهدوي. وقال أبو صالح والحكم بن عتيبة وقتادة والضحاك: أربعون رجلا. السدي ما بين العشرة إلى الأربعين وقاله قتادة أيضا وقال عكرمة: منهم من يقول أربعون ، ومنهم من يقول سبعون. وهو قول أبي صالح إن العصبة سبعون رجلا; ذكره الماوردي. والأول ذكره عنه الثعلبي وقيل: ستون رجلا ، وقال سعيد بن جبير: ست أو سبع.
حدثنا أبو كُرَيب, قال: ثنا يحيى بن عيسى, عن الأعمش, عن المنهال, عن رجل, عن ابن عباس قال: لما أمر الله موسى بالزكاة, قال: رموه بالزنا, فجزع من ذلك, فأرسلوا إلى امرأة كانت قد أعطوها حكمها, على أن ترميه بنفسها; فلما جاءت عظم عليها, وسألها بالذي فلق البحر لبني إسرائيل, وأنـزل التوراة على موسى إلا صدقتِ. قالت: إذ قد استحلفتني, فإني أشهد أنك بريء, وأنك رسول الله, فخرّ ساجدا يبكي, فأوحى الله تبارك وتعالى: ما يبكيك؟ قد سلطناك على الأرض, فمُرها بما شئت, فقال: خذيهم, فأخذتهم إلى ما شاء الله, فقالوا: يا موسى, يا موسى، فقال: خذيهم, فأخذتهم إلى ما شاء الله, فقالوا: يا موسى, يا موسى، فخسفتهم. قال: وأصاب بني إسرائيل بعد ذلك شدة وجوع شديد, فأتوا موسى, فقالوا: ادع لنا ربك; قال: فدعا لهم, فأوحى الله إليه: يا موسى, أتكلمني في قوم قد أظلم ما بيني وبينهم خطاياهم, وقد دعوك فلم تجبهم, أما إياي لو دعوا لأجبتهم. حدثنا ابن وكيع, قال: ثنا أبي, عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ) قال: قيل للأرض خذيهم, فأخذتهم إلى أعقابهم; ثم قيل لها: خذيهم, فأخذتهم إلى ركبهم; ثم قيل لها: خذيهم, فأخذتهم إلى أحقائهم; ثم قيل لها: خذيهم, فأخذتهم إلى أعناقهم; ثم قيل لها: خذيهم, فخسف بهم, فذلك قوله: ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرْضَ).