معنى شكر الله تعالى وحكمه
معنى الشكر
لفظ الشكر كغيره من الألفاظ في اللغة العربيّة، له معنيان: واحدٌ في اللغة وآخر في الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلا المعنيين:
الشكر في اللغة اسمٌ، ويُقال: شكره، وشكر له، ويشكر شكراً، وشكوراً وشكراناً، الشكر: عرفان الإحسان ونشره، والشكر من الله: المجازاة والثناء الجميل. كيف نشكر الله على نعمة العلم - موسوعة سبايسي. [٢]
الشكر في الاصطلاح: هو ظهور أثر نعم الله -سبحانه وتعالى- على عبده في قلبه من خلال الإيمان به، وفي لسانه، من خلال حمده والثناء عليه، وفي جوارحه من خلال عبادته وطاعته. [٣]
حكم شكر الله تعالى
ذهب الفقهاء والأئمة من المذاهب الفقهيّة، إلى أنّ شكر الله على نعمه واجبٌ في الشرع من حيث الجملة، ولا يجوز تركه بالكليّة، وقد أُستدلّ على ذلك بالآيات القرآنيّة الكريمة التي فيها الأمر بالشكر؛ كقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ) ، [٤] وقول الله تعالى أيضاً: (فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، [٥] ويُستحب الإكثار من شكر الله تعالى على نعمه. [٦]
كيفيّة شكر الله تعالى
الشكر اعترافٌ من العبد المؤمن بحصول النعمة من المنعم سبحانه وتعالى، وإقراره بهذه النعمة باللسان، واستعمالها في طاعة الله، أمّا كيفيّة شكر الله -سبحانه وتعالى- فتتحقّق بحصول أركان الشكر والتي لا تصحّ إلا به، وهذه الأركان هي: [٧]
أن يشهد العبد بقلبه؛ بنسبة النعمة إلى المُنعِم سبحانه وتعالى، مع حصول المحبة والخضوع للمُنعِم سبحانه، كما جاء في قوله تعالى: (وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ).
من مقتضى العبودية لله شكر الله تعالى على نعمه
شكر الله -سبحانه وتعالى- على دفعه للنقم، سواءً اندفعت عن الفرد نفسه أو عن ولده أو عموم المسلمين. الشكر عندما يصاب العبد بشيءٍ من المكروهات من المصائب والآلام. فضل الشكر ومنزلة الشاكرين
لشكر الله على نعمه، وللشاكرين منزلةٌ عظيمةٌ وفضائل كثيرةٌ، منها: [١١]
أنّ من أسماء الله تعالى الشاكر والشكور. أنّ الشكر من صفات الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام. من مقتضى العبودية لله شكر الله تعالى على نعمه. أنّ الله تعالى أمر عباده بشكره. أنّ الشكر من صفات عباد الله المؤمنين، ففي الحديث النبوي يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ). [١٢]
أنّ الشكر سببٌ لرضى الله تعالى عن عبده، قال الله تعالى: (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
بين كيفية شكر الله تعالى على نعمه
[١٣]
أنّ شكر الله أمانٌ للعبد من عذاب الله. أنّ شكر الله سببٌ في زيادة النعم، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ). [١٤]
أنّ الشكر سببٌ في حصول العبد على الأجر العظيم في الآخرة. أنّ رضا الله تعالى معلّقٌ بشكره؛ فمتى شكر العبد ربَّه نال رضاه. أنّ الله تعالى وصف عباده الشاكرين بأنّهم قلّةٌ بين عباده. المراجع
↑ خالد حسين محمد البعداني (28-12-2012)، "الشكر"، ، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2018. بتصرّف. ↑ "تعريف ومعنى الشكر"، ، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2018. بتصرّف. ↑ محمد صالح المنجد (2009)، الشكر (الطبعة الأولى)، السعودية: مجموعة زاد للنشر والتوزيع، صفحة 8. بتصرّف. ↑ سورة البقرة، آية: 152. ↑ سورة الأعراف، آية: 69. ^ أ ب وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت (1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 174-178، جزء 26. بتصرّف. ^ أ ب خالد بن سعود البليهد (14-8-1434)، "شكر الله تعالى"، ، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2018. بتصرّف. بين كيفية شكر الله تعالى على نعمه. ↑ سورة النحل، آية: 53. ↑ سورة الضحى، آية: 11. ↑ سورة سبأ، آية: 13.
شكر الله على نعمه يقتضي
آثار في شكر رب العالمين
ذكر ابن أبي الدنيا، عن أبي عمران الجوفي، عن أبي الخلد، قال: «قال موسى: يا رب، كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتَها عندي من نعمك لا يجازي بها عملي كله؟ قال: فأتاه الوحي: يا موسى الآن شكرتني». ( 1 «عدة الصابرين» (ص162))
وكان الحسن إذا ابتدأ حديثه يقول: «الحمد لله، اللهم ربنا لك الحمد، بما خلقتنا ورزقتنا وهديتنا وعلّمتنا وأنقذتنا وفرّجت عنا؛ لك الحمد بالإسلام والقرآن، ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة، كَبَتَّ عدونا وبسطْتَ رزقنا، وأظهرتَ أمننا، وجمعت فرقتنا، وأحسنت معافاتنا، ومن كل ما سألناك ربنا أعطيتنا؛ فلك الحمد على ذلك حمدًا كثيرًا؛ لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، أو سر أو علانية، أو خاصة أو عامة، أو حي أو ميت، أو شاهد أو غائب، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت». ( 2 المصدر نفسه (ص163))
أيها الشاكي؛ فلتشكر ربك
«وجاء رجل إلى "يونس بن عبيد" يشكو ضيق حاله، فقال له يونس: أيسرك ببصرك هذه مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا. شكر الله على نعمه يقتضي. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فذكره نعم الله عليه، فقال يونس: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة».
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " ( 7 / 60 ، 61). ومن هنا قال بعض السلف: " مَن كتم النعمة: فقد كفَرها ، ومن أظهرها ونشرها: فقد شكرها ". قال ابن القيم – تعليقاً على هذا -:
وهذا مأخوذ من قوله: ( إن الله إذا أنعم على عبد بنعمة: أحب أن يَرى أثر نعمته على عبده). ويروى عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوله: تذاكروا النِّعَم ، فإنَّ ذِكرها شكرٌ. 3. وأما شكر الجوارح: فهو أن يسخِّر جوارحه في طاعة الله ، ويجنبها ارتكاب ما نهى الله عنه من المعاصي والآثام. وقد قال الله تعالى: ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً) سـبأ/ من الآية 13. عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ فَقَالَ: ( يَا عَائِشَةُ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا). كيف يقوم العبد المسلم بشكر ربه تعالى على نعمِه الكثيرة ؟ - الإسلام سؤال وجواب. رواه البخاري ( 4557) ومسلم ( 2820). قال ابن بطَّال – رحمه الله -:
قال الطبري: والصّواب في ذلك: أن شكر العبد هو: إقراره بأن ذلك من الله دون غيره ، وإقرار الحقيقة: الفعل ، ويصدقه العمل ، فأما الإقرار الذي يكذبه العمل ، فإن صاحبه لا يستحق اسم الشاكر بالإطلاق ، ولكنه يقال شكر باللسان ، والدليل على صحة ذلك: قوله تعالى: ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا) سبأ/ 13 ، ومعلوم أنه لم يأمرهم ، إذ قال لهم ذلك ، بالإقرار بنعمه ؛ لأنهم كانوا لا يجحدون أن يكون ذلك تفضلاًّ منه عليهم ، وإنما أمرهم بالشكر على نعمه بالطاعة له بالعمل ، وكذلك قال صلى الله عليه وسلم حين تفطرت قدماه في قيام الليل: ( أفلا أكون عبدًا شكوراً).
"