هذا يدل على عظمة هذه الآيات، وأن شأنها عظيم، وقد جاء في الحديث: ألا تبايعوني على هذه الآيات عليه الصلاة والسلام، فالآيات هذه عظيمة وشأنها كبير لما فيه من الوصايا العظيمة، فينبغي للمؤمن والمؤمنة ولكل مسلم أن يلزم ما فيها، وأن يستقيم على ما فيها لأنه الصراط المستقيم، ولأنه دين الله الذي بعث به رسله عليه الصلاة والسلام، والله أعلم.
التفريغ النصي - واحة القرآن - سورة الأنعام والوصايا العشر [2] - للشيخ عبد الحي يوسف
فالعبادة حق الله وحده، ليس لأحد أن يصرف منها شيء لغير الله، وليس لأحد أن يدعو الملائكة والأنبياء، أو الجن، أو الكواكب، أو الأصنام، أو يسجد لهم، أو يركع لهم، أو يستغيث بهم، أو غير ذلك من أنواع العبادة كلها لله وحده . ثم قال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام:151] هذه الآية وما بعدها اشتملت على عشرة أمور: أولها: تحريم الشرك، والثاني: قوله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا الأمر بالإحسان إلى الوالدين فدل ذلك على أن حقهما عظيم لأن الله قرنه بحقه وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء: 23] وهنا كذلك قرنهما بتحريم الشرك، والشرك أعظم الذنوب، فدل ذلك على أن عقوقهما وعدم الإحسان إليهما من أقبح السيئات والجرائم. ثم قال: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] هذه الثالثة، والإملاق الفقر، كان بعض الجاهلية إذا افتقر قتل بعض أولاده، وربما قتل البنات خوف العار فنهاهم الله عن ذلك، وأخبر أن الرزق بيده ، هو الذي يرزقهم ويرزق أولادهم. التفريغ النصي - واحة القرآن - سورة الأنعام والوصايا العشر [2] - للشيخ عبد الحي يوسف. الرابع قال: وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ [الأنعام:151] الفواحش المعاصي، سميت فواحش لأن العقل السليم والفطرة السليمة تنكرها وتراها فاحشة وتراها خبيثة كالعقوق، وقطيعة الرحم، والربا، والزنا، واللواط، وظلم الناس في أموالهم ودمائهم، وغير ذلك مما حرم الله.
راجع سورة الانعام 151 153 واذكر الوصايا العشر الواردة فيها – المحيط
المقصود هنا أن الله جل وعلا أوجب عليهم هذه الأمور، وحرم عليهم انتهاك هذه الحرمات ليلتزموها بما أعطاهم الله من العقول. ثم قال بعدها في السادسة: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152] اليتيم: هو الذي ما له أب، مات أبوه وهو صغير قبل أن يحتلم، يقال له: يتيم فإذا بلغ زال عنه اليتم، فالله أوصى بالأيتام، والإحسان إليهم، وحفظ أموالهم، وأن لا يفسد فيها، بل يعمل فيها بما هو أصلح حتى يبلغوا أشدهم، حتى يرشدوا. وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152] التي أحسن التجارة فيها والعمل فيها بما ينفع اليتيم حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152] السابعة. راجع سورة الانعام 151 153 واذكر الوصايا العشر الواردة فيها – المحيط. والثامنة: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ [الأنعام:152] بالعدل، لا يبخسوا الناس ميزانهم ولا مكاييلهم، لا يظلموهم، أوصاهم الله بأن يعدلوا في الكيل والميزان، وألا يظلموا الفقير والمغفل والذي لا ينتبه، بل يجب أن يوفوا الكيل والميزان للجميع، والقسط العدل. لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [الأنعام:152] الواجب تحري الحق والحرص على الوفاء.
- أما الوصية
السادسة: فهي الوصية بالمحافظة على مال
اليتيم، الذي فقد أباه قبل بلوغه رشـده،
فلم يعــد له من يدافع عنه ويحميه إلا الأقارب،
وقلَّ أن يُوجد في الأقــارب المخلص المشفــق،
ولهذا جــاء التحذير: "
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ
الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ
فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ
سَعِيرًا ". - أما الوصية
السابعة: فهي الوصية بالعدل في الكيل والميزان،
فلا غش ولا تطفيف، فمن استوفى الثمن فعليه
أن يدفع لصاحب المال حقَّه من البضاعة كاملاً
لا نقص فيه، والمسلم يتعجَّب من بعض الباعة
يبيع العلب ناقصة، ويبيع الصناديق من الفاكهة
ونحوها فيكون ما في أعلاها غير ما في أسفلها. - أما الوصية
الثـَّامِنَة: فهي الوصية بالعدل في القول
مع النفس والقريب، فلا يبالي المسلم بكلمة
الحق ولو كانت على نفسه أو قريبه. - ولقد تواطأ
المجتمع - للأسف إلا من رحم الله - على الحيف
ضد الأجنبي لصالح القريب، وقلَّ من يقف
بكلمة الحق على نفسه وأهله. - أما الوصية
التاسعة: فهي الوصية بالوفاء بالعهد، وتنفيذ
الالتزامات المستحقة في العقود وغيرها،
والناظر في واقع المجتمع يجد أن بيننا وبين
هذه الوصية بوناً شاسعاً، حتى ما تكاد تجد
أحداً إلا ونيته التفلُّت من العهود والمواثيق
إلا ما كان مصلحة له.