يقول العقاد:
"لأنَّ أبلغَ العقوبات هي العقوبةُ التي تَمَسُّ الإنسان في غروره، وتُشكِّكه في صميم كِيانه، في المَزيَّة التي يعتزُّ بها، ويَحْسَبها مناطَ وجوده وتكوينه، والمرأة تَعْلَم أنها ضَعيفة إلى جانب الرجل، ولكنها لا تأسَى لذلك ما عَلِمت أنها فاتنةٌ له، وأنها غالبةٌ بفتنتها، وقادرةٌ على تعويض ضَعْفها بما تَبْعَثه فيه من شوقٍ إليها، ورغبةٍ فيها، ولن يُبْطَل العصيانُ بشيءٍ كما يُبْطَل بإحساس العاصي غايةَ ضَعْفه، وغايةَ قوَّة مَن يَعصيه" [4]. حكم طاعة المرأة زوجها في المعصية. فإن لم يُجْدِ الوعظ والهجر، فله أن يَضرِبها ضربًا غير مُبرِّح، ولا مَشِين، بحيث يُؤلِمُها، ولا يَكْسِر لها عظمًا، ولا يُدْمِي لها جسمًا. ضربُ أدبٍ:
وفي تفسير القرطبي: "فإنه - أي: الضرب - هو الذي يُصلِحها، ويَحمِلها على تَوفِيَة حقِّه. والضرب في هذه الآية هو ضربُ الأدبِ غير المبرِّح، وهو الذي لا يَكسِر عظمًا، ولا يَشِين جارحةً - كاللكْزة ونحوها - فإن المقصود منه الصلاح لا غير، فلا جَرَم إذا أدَّى إلى الهلاك، وَجَب الضمان" [5]. وعليه أن يَتجنَّب الوَجْه؛ لوُرودِ النهي عن ذلك، فقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ولا تَضرِب الوجه، ولا تُقبِّح، ولا تَهْجُر إلا في البيت)) [6].
ما حكم طاعة الوالدين في طلاق الزوجة
ابن رشد: هذا الخلاف إنما هو للشابة المأمونة, وأما المتجالّة فلا خلاف
أنه يُقضى لها بزيارة أبيها وأخيها, وأما الشابة غير المأمونة فلا يقضى لها
بالخروج
" انتهى. والمتجالة هي العجوز الفانية التي لا أرب للرجال فيها. "الموسوعة الفقهية"
(29/294). وقال ابن حجر المكي (شافعي): " وإذا اضطرت امرأة للخروج لزيارة والدٍ ، أو حمام ،
خرجت بإذن زوجها غير متبهرجة ، في مِلْحفة وثياب بذلة ، وتغض طرفها في مشيتها ، ولا
تنظر يمينا ولا شمالا ، وإلا كانت عاصية " انتهى من "الزواجر عن اقتراف الكبائر"
(2/78). وقال في "أسنى المطالب" (شافعي) (3/239): " وللزوج منع زوجته من عيادة أبويها ومن
شهود جنازتهما وجنازة ولدها ، والأولى خلافه
وقال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج وأم مريضة: " طاعة زوجها أوجب عليها
من أمها ، إلا أن يأذن لها
" انتهى من "شرح منتهى
الإرادات" (3/47). وقال في الإنصاف (حنبلي) (8/362): " لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها, ولا
زيارةٍ
ونحوها. بل طاعة زوجها أحق ". ما حكم طاعة الوالدين في طلاق الزوجة. وسئلت "اللجنة الدائمة للإفتاء": " ما حكم خروج المرأة من بيت زوجها من غير إذنه ،
والمكث في بيت أبيها من غير إذن زوجها ، وإيثار طاعة والدها على طاعة زوجها ؟
ج:
لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذنه ، لا لوالديها ولا لغيرهم ؛ لأن ذلك
من حقوقه عليها ، إلا إذا كان هناك مسوغ شرعي يضطرها للخروج
" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (19/165).
حكم طاعة المرأة زوجها في المعصية
فإذا استمرَّ الرجل في نشوزه وأخلَّ بحقوق المرأة، فإن هذا قد يؤدِّي إلى أن تطلُب المرأةُ الطلاقَ للضرر؛ بناءً على رأي بعض أئمة المذاهب كالإمام مالك، وهذا ما أخَذ به القانون رقْم 44 لسنة 1979 في المادة الثالثة منه، والمعدلة للمادة "10" من القانون رقْم 25 لسنة 1929 فقرة "أ"، بقولها:
"إذ عجَز الحَكَمان عن الإصلاح، فإن كانت الإساءة كلُّها من جانب الزوج، اقترَح الحكَمان التطليقَ بطلقةٍ بائنةٍ، دون مساسٍ بشيءٍ من حقوق الزوجة المترتِّبة على الزواج والطلاق" [13]. وتنصُّ المادة 6 من القانون رقْم 25 لسنة 1929:
"إذا ادَّعت الزوجة إضرارَ الزوج بها، بما لا يُستَطاع معه دوام العِشرة بين أمثالها، يجوز لها أن تطلُب من القاضي التفريقَ، وحينئذٍ يُطلِّقها القاضي طلقةً بائنةً إذا ثبَت الضررُ، وعَجَز عن الإصلاح بينهما، فإذا رفض الطلب، ثم تكرَّرت الشكوى ولم يَثبُت الضرر، بعَث القاضي حكَمين على الوجه المبيَّن بالمواد 7، 8، 9، 10، 11" [14]. واجبات المرأة:
وفي الختام أُسجِّل ما كَتَبه فضيلة الأستاذ الدكتور " سعد الدين صالح " - عميد كلية أصول الدين والدعوة الإسلامية بالزقازيق -: أن واجب المرأة يتمثَّل في الأوجه التالية:
1- واجبُها نحو ربِّها: في الالتزام بكلِّ ما أمَر، والانتهاءُ عن كلِّ ما نهى.
كما بين ذلك رسول الله ص في قوله: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح". المكوث في المنزل وعدم الخروج منه إلا بإذن زوجها أن لا تصوم نفلا إلا بأمره، و علة ذلك أن الزوج قد يريدها لنفسه، ويمنعه عنها الصيام، لذلك عليها أن تستأذنه، فإن لم يأذن لها أفطرت، ولا يكون له ذلك في صوم الفرض كرمضان والقضاء، فلها أن تتم صومها ولا تطيعه في نفسها حرمة ذلك. أن تصون عرضه بالطاعة لأنها إن هي حافظت على عفتها و طهارتها بغض بصرها و حفظ لسانها و سمعها عن كل ما يكون سببا في جعل الرجال ذوي القلوب المريضة يطمعون فيها عند غياب زوجها. أن تحفظ ماله و ترعاه و ذلك بعدم الإسراف في إنفاقه، أو التسبب في إتلافه أو إهماله و ضياعه التزين للزوج و تستقيم الطاعة للزوج بالتزين و التجمل له و ذلك بإظهار كل زينة داخلية و خارجية تسر زوجها، فإنه إن نظر إليها يستعفف و يستغني بها عن غيرها من النساء الغيرة على الزوج من طاعة الزوجة لزوجها غيرتها المعتدلة عليه، و إشعاره أنه محل اهتمامها، و أنه قرة عينها. خدمة الزوج و الأبناء، و القيام بأعباء البيت من طبخ و كنس و غسيل و غيرها من الأمور التي تسهل الحياة اليومية للأسرة كرعاية الأبناء و تربيتهم و تهذيبهم
وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: « فأفضلها قول: لا إله إلا الله »، وفي لفظ آخرَ عند أحمد: « أرفعها وأعلاها قول: لا إله إلا الله » ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده، [2/379] ، برقم [8926]) ،وهي لا تكون أعلى الشُّعَب وأرفعها إلاَّ إذا أقرَّ بها بإخلاصٍ وصِدقٍ ويقين، قد اطمأنَّ قلبُه بها وأَنِستْ نفسُه إليها. وهذه الكلمة هي كلمة التوحيد، وأعلى خصال الإيمان، بها عُلو الإيمان وأهله؛ ولهذا حينما يقَاتلُ الكفارَ لتكونَ كلمة الله هي العُليا يدْعو إلى الكلمة العليا وهي (لا إله إلا الله)،ولذا لا يكون مقاتلاً لأجْل أن تكونَ كلمة الله هي العليا؛ حتى يُخْلِص في قوله لهذه الكلمة. فالمراد بـ « قول: لا إله إلا الله »؛ أي: القول المواطئ للقلب، وما أكثر مَن يتلفَّظ بها اليوم، لكنَّه لا يعمل بمقتضاها! حديث الايمان بضع وسبعون شعبة. والناس حيال هذه الكلمة متفاوتون؛ فمنهم مَن ينطق بها وهو زنديقٌ؛ كالمنافقين في عهْد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. ومنهم مَن ينطق بها وهو صِدِّيقٌ، وهذا هو الذي جاءت الأخبار بالثناء على قائلها بأن يكون صادقًا ومُخلصًا في قوله بها. ومنهم مَن ينطق بها وهو بَيْنَ بَيْنَ؛ أي: يقولها قولاً، لكنَّها لا تحجزه عن المعاصي، ولا تحمله على الصبر والرضا والشكر، ومقامات الإيمان العُليا؛ لأنَّ الكلمة وإنْ قالها بلسانه -وهي عُليا وفُضْلى- لكنَّه لم يعلو قلبُه بها، فلم تزكُ نفسُه، ولم يزكُ عملُه.
الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبه
وذكر أبو حاتم - رحمه الله - جميع ذلك في كتاب وصف الإيمان وشعبه وذكر أن رواية من روى بضع وستون شعبة أيضا صحيحة; فإن العرب قد تذكر للشيء عددا ولا تريد نفي ما سواه. وله نظائر أوردها في كتابه منها في أحاديث الإيمان والإسلام. والله تعالى أعلم. شعب الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها. قوله: ( والحياء شعبة من الإيمان) وفي الرواية الأخرى ( الحياء من الإيمان) وفي الأخرى ( الحياء لا يأتي إلا بخير) وفي الأخرى ( الحياء خير كله أو قال كله خير) الحياء ممدود وهو الاستحياء. قال الإمام الواحدي - رحمه الله - تعالى: قال أهل اللغة الاستحياء من الحياة ، واستحيا الرجل: من قوة الحياة فيه لشدة علمه بمواقع العيب. قال: فالحياء من قوة الحس ولطفه وقوة الحياة. وروينا في رسالة الإمام الأستاذ أبي القاسم القشيري عن السيد الجليل أبي القاسم الجنيد - رضي الله عنه - قال: الحياء رؤية الآلاء أي النعم ، ورؤية التقصير ، فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء. وقال القاضي عياض وغيره [ ص: 204] من الشراح: إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة لأنه قد يكون تخلقا واكتسابا كسائر أعمال البر ، وقد يكون غريزة ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم فهو من الإيمان بهذا ، ولكونه باعثا على أفعال البر ، ومانعا من المعاصي.
حديث الايمان بضع وسبعون شعبة
وظواهر الشرع تطلقه على الأعمال كما وقع هنا ( أفضلها لا إله إلا الله) ، وآخرها ( إماطة الأذى عن الطريق) ، وقد قدمنا أن كمال الإيمان بالأعمال ، وتمامه بالطاعات ، وأن التزام الطاعات وضم هذه الشعب من جملة التصديق ، ودلائل عليه ، وأنها خلق أهل التصديق فليست خارجة عن اسم الإيمان الشرعي ولا اللغوي. وقد نبه - صلى الله عليه وسلم - على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد ، والذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعد صحته. وأدناها ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم. وبقي بين هذين الطرفين أعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن ، وشدة التتبع لأمكنه. وقد فعل ذلك بعض من تقدم. الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبه. وفي الحكم بأن ذلك مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - صعوبة ، ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها ، ولا يقدح جهل ذلك في الإيمان إذ أصول الإيمان وفروعه معلومة محققة ، والإيمان بأنها هذا العدد واجب في الجملة. هذا كلام القاضي - رحمه الله -. وقال الإمام الحافظ أبو حاتم بن حبان بكسر الحاء: تتبعت معنى هذا الحديث مدة ، وعددت الطاعات فإذا هي تزيد على هذا العدد شيئا كثيرا ، فرجعت إلى السنن فعددت كل طاعة عدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين ، فرجعت إلى كتاب الله تعالى فقرأته بالتدبر وعددت كل طاعة عدها الله تعالى من الإيمان فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين ، فضممت الكتاب إلى السنن ، وأسقطت المعاد فإذا كل شيء عده الله تعالى ونبيه - صلى الله عليه وسلم - من الإيمان تسع وسبعون شعبة لا يزيد عليها ولا تنقص ، فعلمت أن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا العدد في الكتاب والسنن.
وقد نقلت كل واحدة عن كل واحد من الكتابين ولا إشكال في أن كل واحدة منهما رواية معروفة في طرق روايات هذا الحديث واختلفوا في الترجيح قال: والأشبه بالإتقان والاحتياط ترجيح رواية الأقل. قال: ومنهم من رجح رواية الأكثر ، وإياها اختار أبو عبد الله الحليمي; فإن الحكم لمن حفظ الزيادة جازما بها. قال الشيخ: ثم إن الكلام في تعيين هذه الشعب يطول وقد صنفت في ذلك مصنفات. ومن أغزرها فوائد كتاب ( المنهاج) لأبي عبد الله الحليمي إمام الشافعيين ببخارى. وكان من رفعاء أئمة المسلمين. وحذا حذوه الحافظ أبو بكر البيهقي - رحمه الله - في كتابه الجليل الحفيل كتاب " شعب الإيمان هذا كلام الشيخ. قال القاضي عياض - رحمه الله -: البضع [ ص: 203] والبضعة بكسر الباء فيهما وفتحها هذا في العدد فأما بضعة اللحم فبالفتح لا غير. شرح حديث شعب الإيمان - عبد المحسن بن عبد الله الزامل - طريق الإسلام. والبضع في العدد ما بين الثلاث والعشر. وقيل: من ثلاث إلى تسع. وقال الخليل: البضع سبع. وقيل: ما بين اثنين إلى عشرة ، وما بين اثني عشر إلى عشرين. ولا يقال في اثني عشر. قلت: وهذا القول هو الأشهر الأظهر. وأما الشعبة فهي القطعة من الشيء فمعنى الحديث: بضع وسبعون خصلة. قال القاضي عياض - رحمه الله -: وقد تقدم أن أصل الإيمان في اللغة التصديق ، وفي الشرع تصديق القلب واللسان.