الثاني: {لم أذنت لهم} في القعود لما اعتلوا بأعذار، ذكرهما القشيري، قال: وهذا عتاب تلطف؛ إذ قال: {عفا الله عنك}، وكان – صلى الله عليه وسلم – أذن من غير وحي نزل فيه، قال قتادة وعمرو بن ميمون: ثنتان فعلهم النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولم يؤمر بهما: إذنه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه ولم يكن له أن يمضي شيئا إلا بوحي، وأخذه من الأسارى الفدية فعاتبه الله. قال بعض العلماء: إنما بدر منه ترك الأولى فقدم الله له العفو على الخطاب الذي هو في صورة العتاب، قوله -تعالى-: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} أي ليتبين لك من صدق ممن نافق، قال ابن عباس: وذلك أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يومئذ يعرف المنافقين وإنما عرفهم بعد نزول سورة (التوبة)، وقال مجاهد: هؤلاء قوم قالوا: نستأذن في الجلوس، فإن أذن لنا جلسنا، وإن لم يؤذن لنا جلسنا. الْعَفْوُ وَالمُعَافَاةُ - الموسوعة العقدية - الدرر السنية. الاستفهام في: {عفا الله عك لم أذنت لهم} للإنكار من الله -تعالى- على رسوله – صلى الله عليه وسلم -؛ حيث وقع منه الإذن لمن استأذنه في القعود، قبل أن يتبين من هو صادق منهم في عذره الذي أبداه، ومن هو كاذب فيه. وفي ذكر العفو عنه – صلى الله عليه وسلم – ما يدل على أن هذا الإذن الصادر منه كان خلاف الأولى، وفي هذا عتاب لطيف من الله -سبحانه.
دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / الأسئلة والإستفتاءات القرآنية / ( معنى قوله تعالى (عفا الله عنك ...) )
[ ص: 84] قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين قوله تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم قيل: هو افتتاح كلام ، كما تقول: أصلحك الله وأعزك ورحمك كان كذا وكذا. وعلى هذا التأويل يحسن الوقف على قوله: عفا الله عنك ، حكاه مكي والمهدوي والنحاس. وأخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقا. وقيل: المعنى عفا الله عنك ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم ، فلا يحسن الوقف على قوله: عفا الله عنك على هذا التقدير ، حكاه المهدوي واختاره النحاس. ثم قيل: في الإذن قولان: الأول: لم أذنت لهم في الخروج معك ، وفي خروجهم بلا عدة ونية صادقة فساد. الثاني: - لم أذنت لهم في القعود لما اعتلوا بأعذار ، ذكرها القشيري قال: وهذا عتاب تلطف إذ قال: عفا الله عنك. وكان عليه السلام أذن من غير وحي نزل فيه. قال قتادة وعمرو بن ميمون: ثنتان فعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمر بهما: إذنه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه ولم يكن له أن يمضي شيئا إلا بوحي ، وأخذه من الأسارى الفدية فعاتبه الله كما تسمعون. قال بعض العلماء: إنما بدر منه ترك الأولى فقدم الله العفو على الخطاب الذي هو في صورة العتاب. عفا الله عنك لم أذنت لهم؟ هل هي آية عتاب؟. قوله تعالى حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين أي ليتبين لك من صدق ممن نافق.
عفا الله عنك لم أذنت لهم؟ هل هي آية عتاب؟
يقول جل ثناؤه: " عفا الله عنك "، يا محمد، ما كان منك في إذن لهؤلاء المنافقين الذين استأذنوك في ترك الخروج معك، وفي التخلف عنك، من قبل أن تعلم صدقه من كذبه، " لم أذنت لهم "، لأي شيء أذنت لهم؟
" حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين "، يقول: ما كان ينبغي لك أن تأذن لهم في التخلف عنك إذ قالوا لك: " لو استطعنا لخرجنا معك "، حتى تعرف من له العذر منهم في تخلفه ومن لا عذر له منهم، فيكون إذنك لمن أذنت له منهم على علم منك بعذره، وتعلم من الكاذب والمتخلف نفاقاً وشكاً في دين الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. دار السيدة رقية (ع) للقرآن الكريم / الأسئلة والإستفتاءات القرآنية / ( معنى قوله تعالى (عفا الله عنك ...) ). ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: " عفا الله عنك لم أذنت لهم "، قال: ناس قالوا: استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أذن لكم فاقعدوا وإن لم يأذن لكم فاقعدوا. حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا "، الآية، عاتبه كما تسمعون، ثم أنزل الله التي في ((سورة النور))، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء، فقال: " فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم "، [النور: 62]، فجعله الله رخصة في ذلك من ذلك.
الْعَفْوُ وَالمُعَافَاةُ - الموسوعة العقدية - الدرر السنية
43-"عفا الله عنك"، قال عمرو بن ميمون: اثنان فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين، وأخذه الفدية من أسارى بدر، فعاتبه الله كما تسمعون. قال سفيان بن عيينة: انظروا إلى هذا اللطف بدأ بالعفو قبل أن يعيره بالذنب. وقيل: إن الله عز وجل وقرة ورفع محله بافتتاح الكلام بالدعاء له، كما يقول الرجل لمن يخاطبه إذا كان كريما عنده: عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي؟ ورضي الله عنك ألا زرتني. وقيل معناه: أدام الله لك العفو. "لم أذنت لهم"، أي: في التخلف عنك "حتى يتبين لك الذين صدقوا"، في أعذارهم، "وتعلم الكاذبين"، فيها، أي: تعلم من لا عذر له. قال ابن عباس رضي الله عنه: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف المنافقين يومئذ. 43. "عفا الله عنك" كناية عن خطئه في الإذن فأن العفو من رواد فه. " لم أذنت لهم " بيان لما كني عنه بالعفو ومعاتبة عليه ، والمعنى لأي شيء أذنت لهم في القعود حين استأذنوك واعتلوا بأكاذيب وهلا توقفت. " حتى يتبين لك الذين صدقوا " في الاعتذار. " وتعلم الكاذبين " فيه. قيل إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئين لم يؤمر بهما ، أخذه للفداء وإذنه للمنافقين فعاتبه الله عليهما.
تفسير قوله تعالى : عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ
قال القرطبي:
"قال قتادة وعمرو بن ميمون: ثنتان فعلهما النبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يُؤمر بهما: إذنُه لطائفة من المنافقين في التخلف عنه، ولم يكن له أن يمضي شيئًا إلا بوحي، وأخذُه من الأسارىٰ الفِدية، فعاتبه الله كما تسمعون" (وانظر أيضًا: ابن عطية، والزمخشري). أقول:
أي الثانية قوله تعالى: (ما كان لنبيّ أن يكون له أسرى حتى يُثخِنَ في الأرض) الأنفال67. هل يستفاد من الآية أن النبي يجوز له الاجتهاد من غير وحي؟
قال الرازي:
"مِن الناس مَن قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يحكم بمقتضى الاجتهاد في بعض الوقائع. واحتج عليه بأن قوله: (فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَـٰر) الحشر 2، أمرٌ لأولي الأبصار بالاعتبار والاجتهاد، والرسول كان سيدًا لهم، فكان داخلاً تحت هذا الأمر، ثم أكدوا ذلك بهذه الآية". لا أظن أن هذه الآية يمكن أن يستفاد منها جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه في هذه الآية عوتب، ولم يقرّه الله على اجتهاده. لكن قد يقال: اجتهد فأخطأ، فله أجر واحد، والله أعلم.
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة التوبة - الآية 43
قال بعض العلماء: إنما بدر منه ترك الأولى فقدم الله العفو على الخطاب الذي هو في صورة العتاب. قوله تعالى حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين أي ليتبين لك من صدق ممن نافق. قال ابن عباس: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يومئذ يعرف المنافقين وإنما عرفهم بعد نزول سورة ( التوبة). وقال مجاهد: هؤلاء قوم قالوا: نستأذن في الجلوس فإن أذن لنا جلسنا وإن لم يؤذن لنا جلسنا. وقال قتادة: نسخ هذه الآية بقوله في سورة " النور ": فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم. ذكره النحاس في معاني القرآن له.
جملة: (خرجوا... وجملة: (ما زادوكم... وجملة: (أوضعوا.. ) لا محلّ لها معطوفة على جواب الشرط. وجملة: (يبغونكم) في محلّ نصب حال من فاعل أوضعوا. وجملة: (فيكم سمّاعون... ) في محلّ نصب حال من مفعول يبغونكم أو فاعله. وجملة: (اللّه عليم) لا محلّ لها استئنافيّة. الصرف: (خلال)، اسم ظرف غير متصرّف مبنيّ، فإذا أصبح ذا معان أخرى غدا معربا وخرج عن الظرفيّة. البلاغة: استعارة مكنية: في قوله تعالى: (وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) ففي الكلام استعارة مكنية حيث شبهت النمائم بالركائب في جريانها وانتقالها، وأثبت لها الإيضاح على سبيل التخييل، والمعنى ولسعوا بينكم بالنميمة وإفساد ذات البين. وقيل: فيه استعارة تبعية، حيث شبه سرعة إفسادهم ذات البين بالنمائم بسرعة سير الراكب، ثم أستعير لها الإيضاع وهو للإبل، والأصل ولأوضعوا ركائب نمائمهم خلالكم، ثم حذف النمائم، وأقيم المضاف إليه مقامه، فقيل لأوضعوا ركائبهم ثم حذفت الركائب.