الآية الرابعة: قال تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1)) [الكهف].
الله نزل احسن الحديث
وافتتاح الآية باسم الجلالة ﴿ اللَّهُ ﴾ يؤذن بتفخيم أحسن الحديث المنزَّل بِأَنَّ منزِّلَه هو أعظم عظيم، ويفيد الاختصاصَ كذلك؛ أي: اختصاصُ تنزيل الكتاب بالله تعالى. والمعنى: اللهُ تعالى هو الذي نَزَّلَ الكتابَ لا غَيْرُه وَضَعَه، فهذا كناية عن كونه وحيًا من عند الله تعالى لا مِنْ وَضْعِ البشر. الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها. وقد سُمِّي القرآن حديثًا في مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى، ومنها:
1- قوله تعالى: ﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 185]. 2- قوله تعالى: ﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6]. 3- قوله تعالى: ﴿ أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ﴾ [النجم: 59]. 4- قوله تعالى: ﴿ فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ﴾ [القلم: 44] [9]. وإنَّ المتأمِّل في لفظة: (الحديث) وإطلاقها على القرآن يتبيَّن أنَّه قد يراد بها أن هذا القرآن متجدِّد دائمًا، فكلَّما تناولنا القرآن بالقراءة والنَّظر استخرجنا معانيَ وفوائدَ جديدة ربما لم نتنبَّه لها قبل، فحديثه لا يَخْلَقُ أبدًا، ومعانيه وفوائده لا تنفد، بل متجدِّدة باستمرار، وهذا هو سِرٌّ من أسرار عظمته، وفخامته، وعلوِّ شأنه، ورفعته.
الله نزَّل أحسن الحديث - موقع التنوير
الآية الخامسة: قال تعالى: ( وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى)(سورة النجم- 26). ففي هذه الاية الكريمة ذكر الله تعالى الشفاعتين الممنوعة والمثبتة، اما الممنوعة فهي الشفاعة التي يزعمها المشركون، فتراهم يعبدون الملائكة والاولياء والصالحين والاصنام والاوثان ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله وما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى، فبين الله تعالى ان هذه الشفاعات لا تغني شيئا وقابلها بالشفاعة المثبتة التي يكرم الله عز وجل بها الشافع والمشفوع له بشرطين اثنين 1 ـ من بعد إذن الله تعالى 2 ـ ومن بعد رضاه عن الشافع والمشفوع له. اخي القارىء هذه خمس آيات اوصي نفسي وإياك ان تعتني بها حفظا وتدبراً للاستدلال بها نصرة للحق وازهاقاً للباطل فهي ركائز وقواعد كبيرة في عقيدة المسلم، والله أسأل ان يوفقني واخواني المسلمين الى معرفة الحق والتمسك به. الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني. تاريخ النشر: الاثنين 31/7/2006 جريدة الوطن
ما المقصود بالقُشعريرة في قوله تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) ؟ - الإسلام سؤال وجواب
الحمد لله. أولا:
وصف الله تعالى عباده المؤمنين عند ذكر الله وتلاوة القرآن بأنهم تقشعر جلودهم ،
وتوجل قلوبهم ، وتبكي أعينهم من خشية الله. قال الله عز وجل: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا
مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) الزمر/ 23. والاقشعرار: انتفاض شعر
الجلد وقيامه من الخوف والفزع ، فيرتعد الجسد من الخوف رِعدة وانتفاضة يسيرة لا
تخرج عن حد الاعتدال. تقول العرب: اقْشَعَرّ
جِلْدُهُ اقْشِعْراراً ، فَهُوَ مُقْشَعِرٌّ: أَخَذَتْه قُشَعْرِيرَةٌ ، أَي
رِعْدَة.
" تاج العروس " (13/420). وقال ابن القطاع الصقلي رحمه
الله: " اقشَعّر" تغير الجلد من فزع " انتهى من " كتاب الأفعال " (3/71). وقال أبو محمد السرقسطي رحمه
الله: " وَالِاقْشِعْرَارُ مِنَ الْقُشَعْرِيرَةِ ، وَهُوَ انْتِفَاشُ الشَّعْرِ
وَقِيَامُهُ " انتهى من " الدلائل في غريب الحديث " (2/562). ما المقصود بالقُشعريرة في قوله تعالى : ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ) ؟ - الإسلام سؤال وجواب. وقال ابن منظور رحمه الله:
" القُشَعْرِيرة: الرِّعْدَة " انتهى من " لسان العرب " (5/95).
فهذا مدح مِنَ الله عزّ وجل لكتابه القرآن العظيم المُنزَّل على رسوله الكريم، أنه أحسن الحديث وأحسن الكلام على الإطلاق. «وأحسن الكتب المنزَّلة مِنْ كلام الله، هذا القرآن. وإذا كان هو الأحسن، عُلِمَ أنَّ ألفاظَه أفصح الألفاظ، وأوضحها، وأن معانيه أجلُّ المعاني؛ لأنه أَحْسَنُ الحديث في لفظه ومعناه، مُتَشابهٌ في الحُسْن والائتلاف وعدم الاختلاف، بوجه من الوجوه. حتى إنه كلما تدبره المتدبِّر، وتفكَّر فيه المتفكِّر، رأى من اتِّفاقه، حتى في معانيه الغامضة ما يبهر الناظرين، ويجزم بأنه لا يصدر إلاَّ من حكيم عليم» [5]. «وفي هذه الآية نكتة، وهي: أنه لما أَخبر عن هؤلاء الممدوحين، أنهم يستمعون القول فيتبعون أحسنه، كأنه قيل: هل من طريقٍ إلى معرفة أحسنه، حتى نتصف بصفات أولي الألباب، وحتى نعرف أن مَنْ آثره فهو مِنْ أولي الألباب؟ قيل: نعم، أحسنه ما نصَّ اللهُ عليه بقوله: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ... الله نزل احسن الحديث. ﴾ الآية» [6]. «وسمَّاه حديثًا؛ لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان يُحدِّث به قومه ويخبرهم بما ينزل عليه منه» [7]. وهذه الآية الكريمة تدلُّ دلالة واضحة على «تفضيل القرآن على غيره من كلام الله؛ التوراة والإنجيل، وسائر الكتب، وأن السلف كلَّهم كانوا مقرِّين بذلك، ليس منهم مَنْ يقول الجميع كلام الله فلا يفضل القرآن على غيره» [8].