قال الفقيه: حدثنا الفقيه أبو جعفر قال: حدثنا محمد بن عقيل الكندي قال: حدثنا العباس الدوري قال: حدثنا يحيى بن أبي بكر، عن شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوقِدَ عَلَى النَّارِ ألَفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أوقِد عَليَهَا ألفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثم أوقِدَ عَلَيْهَا ألفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ؛ فَهِي سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ المُظْلِمِ» قرأ ابن كثير والكسائي {قِطَعًا} بجزم الطاء وهو اسم ما قطع منه، يعني: طائفة من الليل، قرأ الباقون {قِطَعًا} بنصب الطاء يعني: جمع قطعة. وإنما أراد به سواد الليل {مُظْلِمًا} وصار نصبًا للحال أي في حالة الظلام. {أُولَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون} ، أي مقيمون. فصل: المسألة الرابعة: (في قوله: {جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا}):|نداء الإيمان. قال الثعلبي: {والذين كَسَبُواْ السيئات جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا} يجوز أن يكون الجزاء مرفوعًا بإضمار أي: لهم جزاء، ويجوز أن يكون مرفوعًا بالياء، فيجوز أن يكون إبتداء وخبره بمثلها أي: مثلها بزيادة الباء فيها كقولهم: بحسبك قول السوء. {وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ الله} من عذاب الله: {مِنْ عَاصِمٍ} أي من مانع، ومن صلة {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ} أُلبست {وُجُوهُهُمْ قِطَعًا} أكثر القراء على فتح الطاء وهو جمع قطعة ويكون {مظلمًا} على هذه القراءة نصبًا على الحال والقطع دون النعت كأنه أراد قطع من الليل المظلم فلما حذف الألف واللام نصب.
فصل: المسألة الرابعة: (في قوله: {جَزَاء سَيّئَةٍ بِمِثْلِهَا}):|نداء الإيمان
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ: قِطَعاً سَاكِنَةَ الطَّاءِ، أَيْ بَعْضًا كَقَوْلِهِ: ﴿ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ﴾ [هُودٍ: 81]. ﴿ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ﴾. تفسير القرآن الكريم
مرحباً بالضيف
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وأبُو داوُدَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «أنَّ رَجُلًا شَتَمَ أبا بَكْرٍ والنَّبِيُّ ﷺ جالِسٌ فَجَعَلَ النَّبِيُّ ﷺ يَعْجَبُ ويَبْتَسِمُ فَلَمّا أكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ فَغَضِبَ النَّبِيُّ ﷺ وقامَ فَلَحِقَهُ أبُو بَكْرٍ فَقالَ يا رَسُولَ اللَّهِ كانَ يَشْتُمُنِي وأنْتَ جالِسٌ فَلَمّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ غَضِبْتَ وقُمْتَ! قالَ: إنَّهُ كانَ مَعَكَ مَلَكٌ يَرُدُّ عَنْكَ فَلَمّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ وقَعَ الشَّيْطانُ فَلَمْ أكُنْ لِأقْعُدَ مَعَ الشَّيْطانِ. ثُمَّ قالَ: يا أبا بَكْرٍ ثَلاثٌ كُلُّهُنَّ حَقٌّ ما مِن عَبْدٍ ظُلِمَ بِمَظْلِمَةٍ فَيُغْضِي عَنْها لِلَّهِ إلّا أعَزَّ اللَّهُ بِها نَصْرَهُ وما فَتَحَ رَجُلٌ بابَ عَطِيَّةٍ يُرِيدُ بِها صِلَةً إلّا زادَهُ اللَّهُ بِها كَثْرَةً وما فَتَحَ رَجُلٌ بابَ مَسْألَةٍ يُرِيدُ بِها كَثْرَةً إلّا زادَهُ اللَّهُ بِها قِلَّةً».
تفسير قوله تعالى قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم
قال الله تعالى: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا - بيت الحلول
ومع هذا لا يمنع أن يشمل هذا التهديد كل من أعرض عن هدي ربه،
وسلك غير سبيل المؤمنين. وقد جاء عن بعض أهل العلم قولهم: "فسوف يكون جزاء
يلزم كل عامل ما عمل من خير أو شر".
يدل قوله تعالى قل مايعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم على - الليث التعليمي
وإنما يحمل العقلاء ما له قيمة، أو لهم به مصلحة أو منفعة، أما ما لا
مصلحة لهم به، فإنهم يُهملونه فلا يحملونه، ولا يجعلونه في أوعيتهم. ومن هنا يأتي
قولهم: ما عبأت بك شيئاً: أي ما عددتك شيئاً. وقولهم: ما عبأت بفلان، أي: ما باليت
به، أي: ما كان له عندي وزن ولا قدر، فصار المقصود: ما يهتم وما يكترث، وهو كناية
عن قلة العناية. وفي قوله
تعالى: {لولا دعاؤكم} (الدعاء) الدعوة إلى شيء، والفاعل يدل عليه قوله سبحانه في
الآية: {ربي} أي: لولا دعوة الله إياكم إلى دينه وطاعته، وشرعه فوقع منكم الكفر
والإعراض، فتعين أن (الدعاء) في الآية الدعوة إلى الإسلام. "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ".. هل الله في حاجة إلينا ولماذا يدعونا إليه؟. والمعنى: أن الله لا
يلحقه من ذلك انتفاع، ولا اعتزاز بكم. وهذا كقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس
إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون} (الذاريات:56-57). فهل لله عز وجل
مصلحة لذاته لدى عباده؟
يقول العلماء
إن الله سبحانه وتعالى تنزه سبحانه عن ذلك؛ فإن عبادة عابديهم لا تنفعه بشيء،
وكُفْر كفارهم، وفجور فجارهم لا يضره بشيء، فهو سبحانه لا تنفعه عبادة العابدين،
ولا يضره كفر الكافرين، ولا جحود الجاحدين، أو فجور الفاجرين. هذه الحقيقة جاء
بيانها في الحديث القدسي فيما يرويه صلى الله عليه وسلم عن ربه، قال: (يا عبادي!
&Quot;قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ&Quot;.. هل الله في حاجة إلينا ولماذا يدعونا إليه؟
20177 - حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِب, قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَة, عَنِ الْأَعْمَش, عَنْ مُسْلِم, عَنْ مَسْرُوق. قَالَ: قَالَ عَبْد الرَّحْمَن: خَمْس قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَان, وَاللِّزَام, وَالْبَطْشَة, وَالْقَمَر, وَالرُّوم. 20178 - حَدَّثَنِي الْحَسَن, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر, عَنْ قَتَادَة, قَوْله: { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا} قَالَ أُبَيّ بْن كَعْب: هُوَ الْقَتْل يَوْم بَدْر. 20179 - حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد, قَالَ: ثنا سَلَمَة, عَنْ عَمْرو, عَنْ مُغِيرَة, عَنْ إِبْرَاهِيم, قَالَ: اللِّزَام: يَوْم بَدْر. 20180 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم, قَالَ: ثنا ابْن عُلَيَّة, عَنْ لَيْث, عَنْ مُجَاهِد: { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا} قَالَ: هُوَ يَوْم بَدْر. قال الله تعالى: ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا - بيت الحلول. * - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو, قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِم, قَالَ: ثنا عِيسَى; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث, قَالَ: ثنا الْحَسَن, قَالَ: ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا, عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح, عَنْ مُجَاهِد: { فَسَوْفَ يَكُون لِزَامًا} قَالَ: يَوْم بَدْر. * -حَدَّثَنِي الْقَاسِم, قَالَ: ثنا الْحُسَيْن, قَالَ: ثني حَجَّاج, عَنِ ابْن جُرَيْج, عَنْ مُجَاهِد, مِثْله.
فلولا دعاؤنا، أي: دعوتنا
إلى سلوك الصراط المستقيم لسعادتنا ونجاتنا، ما كان ربنا سبحانه يعبأ بنا. فعناية الله
بنا هي من أجل مصلحتنا، واستيفاء شروط دعوتنا في رحلة امتحاننا في هذه الحياة
الدنيا، ولولا ذلك لم يعبأ الله بنا من أجل نفسه وذاته، فهو سبحانه الغني العزيز
مالك الملك، وهو على كل شيء قدير. إلا أن الإنسان
على الرغم من هذه العناية الإلهية البالغة بعباده من أجل نجاتهم لم يستجب لدعوته
سبحانه، بل أصر على كفره، وعناده. وعلى الرغم من
هذه العناية الإلهية كذبتم الرسول المبعوث إليكم، وكذبتم بالقرآن، وكذبتم بالجزاء
وبيوم الدين، وأصررتم على مواقف الكفر، وما لكم بذلك حجة تحتجون بها لدى ربكم، ولا
عذر تعتذرون به ساعة حسابكم. يدل قوله تعالى قل مايعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم على - الليث التعليمي. {فسوف يكون
لزاماً} أي: سوف يكون تكذيبهم لزاماً لكم، أي: لازماً لكم، لا انفكاك لكم منه. وهذا تهديد بعواقب التكذيب تهديداً مخيفاً بما فيه من الإبهام، كما يقال للجاني:
قد فعلت كذا، فسوف تتحمل ما فعلت. وقال جمهور
المفسرين إن المراد بـ (اللزام) هنا ما نزل بقريش يوم بدر، وهو قول عبد الله ابن
مسعود، وأُبي بن كعب، ومجاهد، وغيرهم. وفي "صحيح مسلم" عن عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه: (الدخان، والقمر، والروم، والبطشة، واللزام) يعني أن (اللزام)
غير عذاب الآخرة.