أو ترى ليس بين القطط أدباء ولا فنانون ولا يونسكو... لأن هؤلاء من مظاهر مركب النقص في الإنسان، إذ يشعر بالوحشية المكبوتة فيحاول أن يغطيها بادعاء ما يسميه (الإنسانية) وما القطط في حاجة إلى ذلك، إذا بغت الافتراس فعلت دون تمويه بهيئة أمم متحدة... وإذا جنحت إلى السلم وأرادت الأمن لم تضيع الوقت في جمع مجلس أمن يصدر قرارات تذروها الريح...
لقد شعرت بأن نبأ رعاية القطة للفيران الولائد، نسمة رقيقة تهب على النفس في هذا الجو الذي تختنق فيه الأنفاس بغبار السياسة ودخان الحرب. دفاع كريم ولكن
عرض على مجلس النواب في الأسبوع الماضي مشروع القانون الذي يقضي بربط هيئات التدريس الجامعية بدرجات القضاة، فقال أحد النواب إن مدرسي الجامعة يعطون دروساً خصوصية وإنهم يطبعون المذكرات ويبيعونها للطلبة. فأحتج معالي الدكتور طه حسين بك على ذلك وقال: إن لوائح الجامعات لا تجيز للمدرسين الأساتذة إعطاء دروس خصوصية، ولو حدث هذا من مدرس لقدم إلى مجلس التأديب. الوقت الان في كوريا سيول. وقد أحتد معاليه في هذا الدفاع حتى قال: أنه إذا استمر النائب في توجيه الاتهامات إلى رجال الجامعات فإنه ينسحب. ولا شك أن هذا موقف كريم، وطبيعي أن يقفه الأستاذ الأول، زائداً عن حرم الجامعة وكرامة الجامعيين؛ وقد بذل جهده في تعزيز ذلك المشروع وبيان حقيته حتى ظفر بإقراره من المجلس.
- مجلة الرسالة/العدد 888/الأدب والفن في أسبوع - ويكي مصدر
- جريدة الرياض | ما حجج كشف الوجه؟
- هل كشف المرأة وجهها في الصلاة يدل على أنه ليس عورة ؟ - الإسلام سؤال وجواب
مجلة الرسالة/العدد 888/الأدب والفن في أسبوع - ويكي مصدر
مجلة الرسالة/العدد 888/الأدب والفنّ في أسبوع
للأستاذ عباس خضر
قطية لا لإنسانية
أذاعت إحدى شركات الأنباء العالمية ما يلي:
فقد قطة أحد المزارعين الدانمركيين أطفالها غرقاً في أحد المجاري المائية. وقد اختفت القطة بعد هذا الحادث. وفي أحد الأيام عثر عليها المزارع وهي تطعم وترعى خمسة فيران وليدة. وظل المزارع يراقبها إلى أن عثر عليها ذات يوم وحيدة مكتئبة، وتبين فيما بعد أن الفئران الصغيرة غرقت في المجرى المائي...
قرأت هذا النبأ، فوقفت عنده طويلاً، بعد أن عبرت أنباء القتال الناشب في كوريا والذي يوشك أن ينقلب إلى حرب عالمية ماحقة. تلك جيوش تتأهب، وأساطيل تتحرك، وطائرات تغير وتنقض، وقنابل ذرية وهيدروجينية ترتعد الفرائض من هولها المرتقب - كل ذلك يعده الناس بعضهم لبعض، لتمزيق أواصر (الإنسانية) بينهم. مجلة الرسالة/العدد 888/الأدب والفن في أسبوع - ويكي مصدر. وهذه قطة ترفعها عاطفتها فوق العداوة المأثورة بين جنسها وبين الفئران، فتحنو على صغار أعدائها وترعاها، ثم تكتئب لفقدها كما اكتأبت على صغارها. والناس - وهم لأب واحد وأم واحدة - لا يستطيعون أن يزيلوا ما بينهم من خلاف فيلجئون إلى وسائل التقتيل والتدمير. ولقد اعتدنا أن نطل كلمة (الإنسانية) على الأعمال والتصرفات التي توجهها العواطف والدوافع الرحيمة في نفس الإنسان، واعتدنا أن نمجد هذه الكلمة ونعجب بآثارها في الآداب والفنون؛ فما أحرانا اليوم أن نقف عند هذه (القطية) الرفيعة.
ولكني أريد أن أقول في الموضوع كلاماً كالذي يقوله أفراد الأسرة بعضهم لبعض، إن ما قاله النائب المحترم في مجلس النواب ليس إلا ترديداً لما يقال وقد كتب في الصحف مراراً، وكتبه مرة أحد الأساتذة في نقد زملائه... وفي الأمثال الدارجة. ليس هناك دخان من غير نار. وأنا أعزو بعض ما يقوله الطلبة إلى محاولة تبرير موقفهم في الامتحان، فهم يتقولون كثيراً على الأساتذة والمدرسين، ولكن هل ما يقولونه خيال واختلاق كله؟ وأريد أن أعتبر من الاختلاق ما قاله لي أحدهم وهو طالب في إحدى الكليات العلمية: إن درساً خاصاً وأحداً لقاء خمسة جنيهات كفيل بالنجاح في الامتحان العملي. الوقت الان في كوريا الجنوبية. ما أحسب - أو لا أود أن أحسب - أن استفحال الغلاء في السنوات الأخيرة له دخل فيما نحن بصدده. وعلى أي حال فإن الجهود العظيمة التي يبذلها معالي الدكتور طه حسين بك في تحسين الأحوال لابد أنها ستثمر ما يوفر العيش الكريم لأهل العلم وبناة الجياة، ويبعث في نفوسهم الطمأنينة إلى العدالة وحسن التقدير. يبقى بعد ذلك رجاء العمل على نفض الغبار عن (الأرواب) ونقاء الجو من تلك السحب المؤسفة. وما أخال ذوي الغيرة على كرامة الجامعة والجامعيين - وفي مقدمتهم معالي الدكتور طه حسين بك - إلا عاملين على ذلك.
الإنسان المستلب، والثقافة المسْتلِبة، لا علاج لهما إلا عبر طرح مضاد تماماً، يكون همه إيضاح الصورة المخفية من النصوص، وإبراز آراء الأئمة المخالفين لها، وهذا ما سأحاول القيام به في هذا المقال؛ لكني مع ذلك أُكّد من جديد على أني أقوم بهذا من أجل إظهار المخفي، وجلاء المستور؛ فلا ينتظر مني أحد أن أسوق أدلة التغطية؛ لأنها مشهورة ذائعة، ومعروفة متداولة، وعلى ما فيها من ضعف وليونة؛ فقد أضحى الناس يوردونها دون التفات إلى ما فيها من ضعف وجوانب نقد، فهم لا يعرفون ضعفها، ولا يحرصون عليه؛ لأنها فقط كانت معارفهم الأولى، وحصيلتهم المتقدمة. من المثير أن تخلو الروايات التي يسوقها المفسرون حين الحديث عن آية الجلابيب من آثار عن ابن مسعود، وهو الصحابي الأشهر في قضية ستر المرأة وجهها وكفيها! هل كشف المرأة وجهها في الصلاة يدل على أنه ليس عورة ؟ - الإسلام سؤال وجواب. على حين نجد الطبري يروي عنه أثراً في تغطيتهما حين تناوله بالتفسير آية سورة النور (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها). ووجه الإثارة هنا أن بعض المتأخرين يرون في آية إدناء الجلابيب دلالة ظاهرة على ستر الوجه، وهو مذهب ابن مسعود الذي يُنقل عنه؛ فلو كان الحال هكذا؛ لرأيناه يجعل هذه الآية حجة له في تفسيره آية النور، ويبني عليها أن المراد ب(ما ظهر منها) هو الثياب؛ بدليل أن الإدناء يعني تغطية الوجه وستره، كما هو صريح الآية عندهم!
جريدة الرياض | ما حجج كشف الوجه؟
وعكس ذلك: الوجه واليدان والقدمان ، ليس لها أن تبدي ذلك للأجانب على أصح القولين ، وأما ستر ذلك في الصلاة: فلا يجب باتفاق المسلمين ، بل يجوز لها إبداؤهما [الوجه والكفان] في الصلاة عند جمهور العلماء ، كأبي حنيفة ، والشافعي ، وغيرهما ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وكذلك القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة....
وبالجملة: قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها ، وإنما ذلك إذا خرجت ، وحينئذٍ فتصلي في بيتها ، وإن رئي وجهها ، ويداها ، وقدماها ، كما كن يمشين أولاً قبل الأمر بإدناء الجلابيب عليهن ، فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر. وقول الفقهاء في الصلاة: " باب ستر العورة " ليس هذا من ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا في الكتاب والسنَّة أن ما يستره المصلي فهو عورة ، بل قال تعالى: ( خذوا زينتكم عند كل مسجد) ، ( ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يطوف بالبيت عرياناً) فالصلاة أولى ، وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد ، فقال: ( أو لكلكم ثوبان ؟).
هل كشف المرأة وجهها في الصلاة يدل على أنه ليس عورة ؟ - الإسلام سؤال وجواب
ومما هو أشد إثارة من المتقدم؛ أن تنزل هذه الآيات في بدايات الإسلام ثم لا نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يُذكر بها النساء اللاتي يبدين وجوههن كالخثعمية، وحديثها في البخاري ومسلم وغيرهما، وكالمرأة التي في حديث جابر عن حجة رسول الله، وهو حديث في مسلم. مقتضى ما يميل إليه المحتجون بآية الجلابيب وغيرها هو دلالتها الصريحة على تغطية الوجه؛ كما هو رأي لطف الله خوجة وغيره، وإذا كان الأمر كما ذهب هؤلاء؛ فكان من المنتظر أن يأمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، هاتين المرأتين بتغطية وجهيهما، وخاصة الخثعمية؛ لأن حديثها بعد يوم عرفة الذي نزل فيه قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)؛ وإذا لم يفعل فذلك دليل صريح قاطع على أن الآية لا تدل على هذا المعنى الذي فهموه. ومما يُحتج به على جواز كشف الوجه في سياق الحديث عن تفسير هذه الآيات، والمأثورات فيه؛ أن أكثر الصحابة، رضي الله عنهم، روي عنهم هذا الرأي؛ فالبيهقي في سننه يجعل هذا الرأي مروياً عن ابن عباس وابن عمر وعائشة، ويجعله ابن القطان في كتابه "النظر في أحكام النظر بحاسة البصر" مروياً عن ابن عباس وابن عمر وأنس وعائشة وأبي هريرة (النظر في أحكام النظر 49).
صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة " وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير قيس بن زيد مختلف في صحبته، قال ابن عبد البر: " يقال: إن حديثه مرسل له صحبة " وقال الهيثمي " ٩/ ٢٤٥ ": " رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح "، وأخرجه الحاكم وذكر له شاهدا من حديث أنس، فيتقوى به إن شاء الله، لكن ليس فيه ذكر " التجلبب"، ورواه ابن سعد مختصرا بسند صحيح). اهـ كان هذا ما ذكره الشيخ الألباني مما استشهد به مخالفوه وذيّله بما استشهد به بعضهم مما هو ليس نصا في تغطية الوجه؛ وإنما هو مما يستأنس به من تحذير الرجال من فتنة النساء؛ ولم يذكر الصحيح مما استدلوا به مما يقتضي وجوب تغطية الوجه كما سيأتي بيانه.