وإما خاصةٌ ببعضها، وإن كان لا حرج في تجاوز هذا التحديد مع عدم منافاة المعنى والحال. جاء في كتاب الصوم للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: في معنى شهر الله: يقتضي الحديث عن الصيام الحديث عن شهر رمضان، الذي هو شهر الصيام في الإسلام. فإنَّ الصيام وإن كان ممكناً بل مستحباً سائر أيام السنة, عدا يومي عيد الفطر وعيد الأضحى, إلا أنَّ اختصاص شهر رمضان بالصيام ووجوبه فيه، يجعل بينهما خصوصيةً لا توجد خارج هذا الشهر المبارك. وإذا تحدثنا عن شهر رمضان، وجدنا أوضح مزيةٍ له، هو كونه شهر الله سبحانه. فما معنى هذه النسبة إلى الله عزَّ وجلّ؟. ايات عن التفكر. لا شكَّ أنَّ المخلوقات عموماً تختلف بالأهمية تجاه الخالق سبحانه, بمقدار ما اقتضت الحكمة من ذلك. والله سبحانه غنيٌّ عن العالمين, لا ينفعه قرب القريب ولا يضرُّه بعد البعيد. غير أنَّ ذلك كله في مصلحة المخلوقين, ينال كلُّ واحدٍ منها بمقدار استحقاقه. وقد يكتسب في هذا الصدد المخلوق درجةً عاليةً من الأهمية والرفعة والقرب المعنويِّ إلى الله عزَّ وجلّ، بحيث يكون منسوباً إليه, ومضافاً إلى اسمه الكريم. ولذلك أمثلةٌ عديدةٌ، نطقت بكثيرٍ منها الآيات الكريمة, كقوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ" (ال عمران 21).
تفسير سورة الملك كاملة
أما بعد فيا عباد الله؛ إن الناظر في الكون وآفاقه يَشعُرُ بجلال الله وعظمته، الكون كلّه عاليه ودانيه، صامتة وناطقُه، أحياؤه وجماداته، كله خاضع لأمر الله، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِن َّ.... ﴾ [الإسراء: 44]. آيات عن التفكر. أخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ: ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾ [الزمر: 67]. عباد الله، من عصى الله وخالف أمره لم يَقدُر الله حق قدره، من نفى عن الله صفاته أو شبهه بخلقه ما قدر الله حق قدره، من دعا غير الله وطلب منه الشفاعة أو تفريج الكروب ما قدر الله حق قدره، من أطاع بشرًا في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ما قدر الله حق قدره، من هجر كلام الله فلم يقرأه ولم يتدبره ولم يعمل به ما قدر الله حق قدره، من أحدث حدثًا في دين الله ما قدر الله حق قدره، من ظلم الناس في أموالهم أو أعراضهم ما قدر الله حق قدره، من أكل أموال الناس بالباطل ما قدر الله حق قدره، من لم يحافظ على الصلوات والعبادات وسائر الطاعات ما قدر الله حق قدره.
آيات عن التفكر
2- ثم تتحدَّث عن بعض مظاهر قدرته - سبحانه وتعالى - ووحدانيته في خلق السموات بإحكام وإتقان وما فيها من نجوم تزينها، وتحرق الشياطين. 3- ثم تتحدَّث عن المجرمين وهم يقاسون العذاب في الآخرة، ويندمون حيث لا ينفع الندم، أما المؤمنون فلهم مغفرة وثواب عظيم. دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (1) إلى (12) من سورة "الملك":
1- ضرورة التفكر في قدرة الله - سبحانه وتعالى - التي تظهر آثارها في خلق السموات والأرض؛ لنزداد إيمانًا بعظمته - سبحانه وتعالى - وقدرته. 2- الحكمة من وراء الموت والحياة اختبار الإنسان في هذه الدنيا؛ ليتميز أهل الخير من أهل الشر والفساد. 3- خَلْق الله - تبارك وتعالى - محكم بديع، يثير التأمل والإعجاب بعظمة الخالق. معاني مفردات الآيات الكريمة من (13) إلى (30) من سورة "الملك": ﴿ وأسروا قولكم ﴾: اخفوا قولكم. ﴿ أو اجهروا به ﴾: أو اظهروه. ﴿ ألا يعلم من خلق ﴾: كيف لا يعلم الله الخالق ما تخفيه مخلوقاته وما تعلنه؟!. ﴿ اللطيف ﴾: الذي يعلم دقائق الأمور. ﴿ الخبير ﴾: الذي لا يغيب عن علمه شيء. تفسير سورة الملك كاملة. ﴿ ذلولا ﴾: سهلة تستقرون عليها. ﴿ مناكبها ﴾: نواحيها المختلفة. ﴿ إليه النشور ﴾: إلى الله الرجوع بعد الموت.
درجات تدبُّر القرآن يكون تدبُّر القرآن على درجاتٍ عدّةٍ، بيانها فيما يأتي: التفكُّر والنَّظَر: فالتفكُّر من أجلّ الأعمال شَرَفاً؛ إذ إنّه من أعمال القلوب، وبه تتحقّق أعلى درجات الإيمان، كما أنّ التفكُّر يُبعد العبد عمّا يُخالف أوامر الله -سبحانه-؛ وذلك بالتفكُّر في عاقبة الأمور، وما يترتّب على المعاصي من جزاءٍ وعقابٍ، فيلتزم العبد بأوامر الله -سبحانه-، ويحرص على ما يتعلّق بالآخرة، وما يُنجيه من العذاب الأليم، فيكون التفكُّر بذلك مفتاحاً وبوّابةً لكلّ فعلٍ خَيِّرٍ، بالإضافة إلى أنّ التفكُّر يُشعر العبد بقدرة الله على كلّ شيءٍ. خشوع القلب والتأثُّر: ويكون ذلك بسكون القلب وخضوعه لله -تعالى- فقط، فترتقي الجوارح وتخضع لله، وتجدر الإشارة إلى أنّ القلب مَحلّ الخشوع، كما وردت العديد من المواقف التي تُبيّن خشوع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، والصحابة -رضي الله عنهم- لله -تعالى-، وتذلُّلهم له، ويُمكن تحقيق الخشوع في القلب باستحضاره للحزن، والخوف من الوعيد، والنَّظَر في مدى التقصير تجاه الله. الاستجابة والخضوع: تكمُن الحكمة من إنزال القرآن في الاستجابة لأوامر الله، والخضوع له، ولذلك فإنّ التدبُّر وسيلةٌ لشأنٍ عظيمٍ يتمثّل بجعل القرآن مَنهجاً للحياة، وطريقاً للهدى؛ فالقرآن مليءٌ بالدروس والعِبر التي تُوجّه العبد في حياته، فيخضع لأمر الله؛ بالوقوف عند حدوده، وعدم تجاوُزها، وقد كان السَّلَف الصالح -رضي الله عنهم- يتعلّمون القرآن، ويُطبّقون ما فيه.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا (1) تفسير سورة الطلاق وهي مدنية. خوطب النبي - صلى الله عليه وسلم - أولا تشريفا وتكريما ، ثم خاطب الأمة تبعا فقال: ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن ثواب بن سعيد الهباري ، حدثنا أسباط بن محمد ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس قال: طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفصة فأتت أهلها ، فأنزل الله ، عز وجل: ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن) فقيل له: راجعها فإنها صوامة قوامة ، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة. التخصص في معاهدة سورة المجادلة - عالم حواء. ورواه ابن جرير ، عن ابن بشار ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد ، عن قتادة... فذكره مرسلا ، وقد ورد من غير وجه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلق حفصة ثم راجعها.
التخصص في معاهدة سورة المجادلة - عالم حواء
وهكذا إذا أراد الإنسان أن يدخل في أمر من الأمور فالعاقل ينظر في المخرج منه أيضًا، فقد يدخل الإنسان في شيء ولا يستطيع الخروج منه، وهذا يكون بسبب العجلة، وقِصر النظر. كذلك في قوله -تبارك وتعالى: وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ، هذا فضل العلم والفقه في الدين فالجاهل لا يضبط ذلك، ولا يرفع به رأسًا، ولا يتعاهده، إنما الذي يفقه عن الله ويعلم وينتفع بهذه الحدود والأوامر والنواهي والتوجيهات الربانية هم الذين يعلمون، وهذا مما يدل على شرف العلم، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [سورة الزمر:9]، والاستفهام هنا مُضمن معنى النفي، يعني: لا يستوون. فلا يعرف حدود الله -تبارك وتعالى- ويتبين ذلك على الوجه الصحيح إلا أهل العلم، وكلما كان هذا الوصف متحققًا في العبد بصورة أكمل، كان عقله عن الله -تبارك وتعالى- أعظم، يعقل الأوامر والنواهي، ويعرف حدوده، ويكون ذلك سبيلاً وسببًا لمزيد من الفقه والفهم والاستنباط، فيكثر بذلك العلم والفقه في الدين، فيكون بذلك في تجارة رابحة، لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. وتلك حدود الله. والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. أخرجه البخاري، كتاب الطلاق، باب إذا طلقها ثلاثا، ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره، فلم يمسها، رقم: (5317)، ومسلم، كتاب النكاح، باب لا تحل المطلقة ثلاثا لمطلقها حتى تنكح زوجا غيره، ويطأها، ثم يفارقها وتنقضي عدتها، رقم: (1433).
وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، وعقيل ، عن ابن شهاب ، أخبرني ، سالم: أن عبد الله بن عمر أخبره: أنه طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتغيظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: " ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر الله ، عز وجل " هكذا رواه البخاري ها هنا وقد رواه في مواضع من كتابه ومسلم ولفظه: " فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء " ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ كثيرة ، ومواضع استقصائها كتب الأحكام. وأمس لفظ يورد ها هنا ما رواه مسلم في صحيحه ، من طريق ابن جريج: أخبرني أبو الزبير: أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن - مولى عزة يسأل ابن عمر - وأبو الزبير يسمع ذلك: كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا ؟ فقال: طلق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهي حائض ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ليراجعها " فردها ، وقال: " إذا طهرت فليطلق أو يمسك ".