فالمسكين يصل إلى درجة انكسار النفس والذلة والقهر إلى درجة السكون *وانقطاع الأمل لقصر اليد و لعدم مقدرته على توفير ما يقيته ويسد ضروريات وحاجيات الحياة الأساسية وحاجته المستمرة للناس. والفقير يملك ما ينفق على نفسه وعلى أهله *ويستطيع الكسب والعمل في الأرض ولكن الكسب لا يكفي ولا يفي ضرورياته وجميع حاجاته ، والفقير يستطيع الكسب اختيارا *مع وجود مانع شرعي مؤقت لطلب الرزق كالجهاد أو طلب العلم أو وجود عدو أو مرض يرجى من بعده برئه وشفائه حيث يكون المانع مؤقتا للكسب وطلب المعاش ، والفقراء في الغالب لا يسألون الناس تعففا [د]. يقول أحمد شوقي : طعامُ الفقير ، وحلوى الغنيّ وزادُ المسافر والمُغْتَرِب | Plants, Tree, Tree trunk. فالفقير عوزه و حاجته مؤقتة [ه] فقد يكون غنيا ثم أصبح فقيرا وقد يرجع غنيا[و] [ز]
والإطعام والفدية والكفارة في القرآن لا تكون في الغالب إلا للمسكين في حين لم يذكر إطعام الفقير في القرآن الكريم إلا مرة واحدة (في موسم الحج) [ح] ، لأن المسكين لا يقدر على تأمين طعامه *فكيف بتكاليف الحج
أما سبب إطعام الفقير في ذلك الموقف أن الفقير أنفق كل ماله على تكاليف الحج إلى درجة لم يعد يملك ثمن الطعام ، فيمكن أن ترى فقيرا في الحج ولكن لن تجد فيه مسكينا واحدا من خارج أهل مكة. والفقير أشد حاجة من المسكين من الصدقات [ط]
فالإسلام يحاول دائما عدم تمدد شريحة الفقر واتساعها وذلك لاستمرارية أصحاب هذه الشريحة بالعمل وعدم توقفها فهم في الغالب أصحاب المهن والزراعة والصناعة والتجارة *بعكس المساكين الذين لا يقدرون على العمل البتة *- فالإسلام يُبَدّي مصلحة الأمة على مصلحة الفرد – *ولو توقفوا عن العمل لأصاب المجتمع الشلل *ولو تحسن حال الفقراء فهم بدورهم سيساعدون من هم دونهم *ويقدموا لهم الصدقات والفقير أخفى من المسكين في المجتمع لتعففه بين الناس فالمسكين معروف ومشهور والكل يتصدق عليه.
طعام الفقير وحلوى الغني اولا
أم أن الضابط في ذلك ليس حال المنفق؟، وإنما تلك الحال المتوسطة التي ليست حالة شح أو سرف، وهذا الميزان أعني ميزان الشح والسرف نسبي، إذ حال سرف الفقير ليس مثل حال سرف الغني، وشح الغني ليس شحا بالنسبة للفقير، وعليه، فلو قلنا إن الإنفاق جار على الوسط المجافي للشح والسرف، فإن هذه الحال حتما تختلف بين الغني والفقير، لكن لننظر ما ذا تقول الآيات في شأن الإنفاق، ونحن سنورد هذه الآيات على سبيل التمثيل فقط، وأشير هنا إلى أن الآيات التي سأذكر قد تكون في سياقات مختلفة غير أنها في عمومها تصلح لأن تكون ضابط إنفاق شرعي. أولا: هناك آيات ندبت إلى التوسط في الإنفاق بين الإقتار والإسراف، وما من شك أن هذا الوسط مختلف بين حال الغني وحال الفقير قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]. طعام الفقير وحلوى الغني والأب الفقير. وقال تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} [الإسراء: 29]. وما من شك أن التوسط والقصد المطلوب في الإنفاق عموما يشمل بعمومه زكاة الفطر، وأن حال التوسط تختلف ضرورة بين الغني والفقير، وعليه فيكون التساؤل مشروعا عن ذلك التفاضل.
أما القاعدة الثانية فهي أن الآية قد جعلت المنفق هو مرجع التقدير في ذلك فقال تعالى: "مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ " فقد يكون المنفق مسيكا يقتر على أهليه فهو منهي عن أن يقتر على المساكين كما يقتر على أهله، وقد يكون كريما ينفق على أهله بسخاء ويغدق عليهم في الإنفاق، فهو غير مطالب بأن يساوي المساكين بأهله، لكن ينفق إنفاقا وسطا، ومن المؤكد أن الوسط نسبي وأنه يختلف بين الغني والفقر. رابعا: قوله تعالى: { لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236]. هذه الآية في شأن بذل المتعة للمطلقة، وقد نصت على أن المتعة تكون بحسب حال المطلق ضيقا وسعة، فيبذلها على حسب قدره ووسعه في الإنفاق غنيا أو فقيرا، وما يهمنا في هذه الآية هو أنها قد قررت الفرق في الإنفاق بين الغني والفقير، ولئن قررتها في باب المتعة فقد قررت آية أخرى المبدأ ذاته في شأن الإنفاق على المطلقة، فقال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7].