[٣]
معارك الروم مع المسلمين
خاض المسلمون معارك عدّة مع الرّوم، كانت كلّها نصر وعزّة للمسلمين، ومن هذه المعارك ما حدث في زمن النّبي ومنها بعد وفاته، وهي كما يأتي:
معركة مؤتة
وقعت غزوة مؤتة في السّنة الثّامنة للهجرة، وذلك بعد أن أرسل نبيّ الله رسولاً إلى هرقل ملك الرّوم، فقتلوا حامل رسالة النّبي، وهذا أمر غير معهود، فأراد رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- تأديبهم، وحشد لذلك ثلاثة آلاف مقاتل، وجهّزهم لملاقاة الرّوم، وأمّر عليهم زيد بن حارثة، ثمّ جعفر بن أبي طالب. هل أسلم هرقل ملك الروم - أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية. [٤] ثمّ أمّر عبد الله بن رواحة -رضيَ الله عنهم-، ثمّ ساروا حتّى وصلوا الرّوم في جنوب الأردن، وكانوا قد جمعوا عشرة آلاف مقاتل بقيادة حاكمهم هرقل، [٤] كانت المعركة في بدايتها غير متكافئة، فاستشهد القادة الثلاثة الذّين عيّنهم رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- واحداً تلو الآخر. [٤] فأمّر المسلمون خالد بن الوليد -رضيَ الله عنه- الذي قلب موازين المعركة بدهائه، فانسحب بالجيش وغيّر تنظيمه، وعاد إلى الرّوم ليلاً ليهزمهم هزيمة ساحقة، فكانت الغلبة للمسلمين على الرّوم في هذه المعركة. [٤]
معركة اليرموك
جرت معركة اليرموك في خلافة عمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- في السّنة الرابعة عشرة للهجرة بقيادة خالد بن الوليد -رضيَ الله عنه-، وكانت أعداد الرّوم تفوق أعداد المسلمين أضعافاً كثيرة، لكنّ المعركة انتهت بهزيمة الرّوم ونصر المسلمين نصراً مؤزّراً، وغنموا منهم الخير الكثير.
رساله الرسول (ص) الى هرقل الروم ورد هرقل علىها &Quot;سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَسْلِمْ تَسْلَمْ&Quot;
ومع دقة أسئلة هرقل ملك الروم إلّا أنّ أبا سفيان قد قدَّم صُورة شاملة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وهي صورةٌ صادقة واضحة عن النَّبي، توضِّح بشكل كبير أنَّ أبا سفيان وهو مشرك كان يَعلم بشكل جيِّد طبيعة رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما يدعو رسولنا إليه مِن مكارم الأخلاق ومن وجوب الصدْق والأمانة، وأنَّ الحرب السِّجال التي كانت بين كفار قريش في مكَّة والنبيِّ في المدينة كانت دائماً حرب على غير أساس عقلي أو أخلاقي أو ديني حتى.
كيف استقبل هرقل عظيم الروم رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- • زد
تشير الروايات التاريخية إلى أن هرقل كاد أن يسلم ويؤمن بدعوة الإسلام لولا خوفه من قساوسته، ومن حوله الذين كانوا يكرهون العرب كرهاً شديداً، وقد توفي هرقل في سنة 641 ميلادي بعد أن شهد هزيمة الروم في اليرموك ورحيلهم عنها سنة 636 ميلادي.
هل أسلم هرقل ملك الروم - أرشــــــيـــف حوار الخيمة العربية
قال الملك: (فهل يغدر ذلك الرجل الذي يزعم أنّه نبي)، قال أبو سفيان: (لا، ونحن منه في مدّة لا ندري ما هو فاعل فيها). عندها قال الملك لأبي سفيان: ((فهل قاتلتموه (قمتم بقتاله)))، أجاب أبو سفيان: (نعم لقد قاتلناه). قال الملك هرقل: (فكيف كان قتالكم مع هذا الرجل)، فردّ أبو سفيان مجيباً: (أنّ الحرب بيننا وبين ذلك الرجل سجال، مرّة ينال منّا ومرّة ننال منه). رساله الرسول (ص) الى هرقل الروم ورد هرقل علىها "سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَسْلِمْ تَسْلَمْ". ثمَّ استمر هرق بالأسئلة فقال: (ماذا يأمركم ذلك الرجل؟)، فقال أبو سفيان يقول هذا الرجل محمد: ( أن اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئاً، ويطلب منّا أن نترك ما يقول آباؤكما وما وجدناهم عليه من خرافات وترك العبادات المزيفة)، ويأمرنا أن نصلي وأن نتصدق ويأمرنا بالعفاف والصِّلة. فقال الملك هرقل للترجمان الذي عنده قل له: (سألتك عن نسب ذلك الرجل الذي يزعم أنّه نبي، فأجبتني أنَّه فيكم ذو نسب، وكذلك هم الرُّسل تبعث في نسبٍ من أقوامها). وسألتك أيضاً هل قال أي أحد منكم ما قال هذا القول قبل أن يقوله ذلك الرجل، فذكرت لي: (أنَّه لم يذكره أحد قبله، ولو كان أحد قال هذا القول قبل ذلك الرجل لقلت أنّ رجل يأتي بكلامِ من قبله). ومن ثمَّ سألتك أيضاً هل كان من آبائه من ملك فكان جوابك لي: (أن لا، لم يكن من آبائه من ملك، وأكمل هرقل وقال: (ولو كان من آبائه من ملك لقلت أنَّ ذلك الرَّجل يطلب ملك أبيه).
حياك الله السائل الكريم، اختار الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- أن يُرسل الصحابيّ الجليل دحية بن خليفة الكلبي كرسول يحمل الكتاب إلى قيصر ملك الروم؛ لدعوته للدين الإسلامي، وأمره أن يرسل الكتاب لملك بصرى، حتى يرسله إلى قيصر ملك الروم، وبعد وصول الكتاب لهرقل، أمر بإحضار أبو سفيان بن حرب له، ليسأله عن محمد -عليه الصلاة والسلام-. وقد عَلِمَ من خلال إجابات أبو سفيان أنه فعلاً نبيٌّ مرسل من عند الله -سبحانه وتعالى-، فقد نُقل عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أنّه قال: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، كَتَبَ إلى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إلى الإسْلَامِ، وبَعَثَ بكِتَابِهِ إلَيْهِ مع دِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، وأَمَرَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَدْفَعَهُ إلى عَظِيمِ بُصْرَى لِيَدْفَعَهُ إلى قَيْصَرَ). "أخرجه البخاري"
هذَا الصّحيح، أمّا ما يقولُه بعضُ النّاسِ إنّه أبى لأنّه خافَ أن يأتي المسلمونَ فيما بعدُ ويأخذُوا هذا المكانَ الذي هو للنصارى فهذا كذِبٌ ما حصلَ بالمرّة.