فقال: أيكما أعلم؟
قال: سبحان الله! فأعاد، فقال: ذاك سالم، انطلق، فَسَلْهُ، فقامَ عنه". قال ابن إسحاق في تحليله لهذا الموقف: "كره أن يقول: أنا أعلم، فيكون تزكية، وكره أن يقول: سالم أعلم مني، فيكذب"، وكان القاسمُ أعلَمَ من سالم. ومن تواضعه وورعه أيضًا ما رواه عبيد الله بن موهب، قال: "سمعت القاسم بن محمد سأله رجل عن مسائل، فلما قام الرجل قال له القاسم بن محمد: لا تذهبن فتقول: إن القاسم قال: هذا هو الحق، إني لا أقول لك هو الحق، ولكن إذا اضطررت إليه عملت به". وقال: "إنكم تسألوننا عما لا نعلم، والله لو علمنا ما كتمناه، ولا استحللنا كتمانه". ولمنزلة ومكانة القاسم بن محمد في عصره بين التابعين والفقهاء كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: "لو كان لي من الأمر شيء لوليت القاسم الخلافة"، قال مالك: "وكان القاسم قليل الحديث قليل الفُتْيَا". وذكر بعضهم أن كلمة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بلغت القاسم، فقال: "إني لأضْعُفُ عن أهلي، فكيف بأمر الأمة؟! ". ومن أخلاق القاسم أنه كان لا يكاد يعيب على أحد، قال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -وسمع رجلًا يقول: ما أجرأ فلان على الله! فقال القاسم: ابن آدم أهون وأضعف ممن يكون جريئًا على الله، ولكن قل: ما أقل معرفته بالله.
محمد بن ابي بكر التطواني
فتركه وخرج، وقيل: بل طعن جبينه بمشقص كان في يده، والأول أصح). كما استعرض الكتاب في هذا السياق قول الشيخ الألبانى قوله (الروايات التي وردت في اتهام محمد بن ابى بكر الصديق في قتل عثمان رضى الله عنه لم يصح منها إلا أنه دخل عليه فوعظه عثمان رضى الله عنه، فخرج وتركه، وهذه الرواية اتلى رواها ابن عبد البر في كتابه "الاستيعاب بإسناد حسن". وأضاف الكتاب عدد من الروايات التي تبين أن محمد بن ابى بكر لم يشارك في قتل عثمان بن عفان، وانه قد خرج بعد ان وعظة عثمان، ومن هذه الروايات ما ورد عن كنانة موالى صفية بنت يحى بن اخطب رش الله عنها (قال: شهدت مقتل عثمان، فأخرج من الدار امامى أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين، كانوا يدرءون عن عثمان رضى الله عنه: الحسن بن على، وعبدالله بن الزبير، ومحمد بن حاطب، ومروان بن الحكم، وقال محمد بن طلحة: فقلت له: هل ندى محمد بن أبى بكر بشئ من دمه؟ قال: معاذ الله! دخل عليه، فقال له عثمان: يا بن أخى، لست بصاحبى، وكلمه بكلام، فخرج ولم يند بشئ من دمه، قال: فقلت لكنانة: من قتله؟ قال: قتله رجل من اهل مصر، يقال له جبلة بن الأيهم، ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول: أنا قاتل نعثل). ويؤكد الكتاب أن هذه الروايات الأخيرة تدل على براءة محمد بن أبى بكر من دم عثمان رضى الله عنه، كما تبين أن سبب تهمته هو دخوله عليه قبل القتل، ومن ثم خرج بعد أن وعظه عثمان كما تبين، كما يدعم القول ببراءة محمد بن أبى بكر الصديق من دم عثمان جملة من المور الأخرى، فقد ثبت عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنه قد ولى محمد بن أبى بكر الصديق ولاية مصر بعد مقتل عثمان رضى الله عنه، وفى نفس الوقت ثبت عن على رضى الله عنه انه لعن قتله عثمان بالجملة، حيث قال لطلحة بن عبيد الله في حوار بينهما "يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلموان أن الله هو الحق المبين"، ياطلحة، تطلب بدم عثمان رضى الله عنه!
[2] [3]
توفي القاسم بن محمد آخر سنة 106 هـ أو أول سنة 107 هـ، وعمره 72 سنة بعد أن أصابه العمى ، [2] [5] وقد ترك من الولد عبد الرحمن وأم فروة وأم حكيم وعبدة، وأمهم ابنة عمه قريبة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو جد جعفر الصادق حفيده من ابنته أم فروة. [6]
روايته للحديث النبوي
روى عن: فاطمة بنت قيس الفهرية وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر بن الخطاب وجدته أسماء بنت عميس وأبي هريرة ورافع بن خديج وعبد الله بن حباب وعبد الله بن عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان وصالح بن خوات بن جبير وعبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية [2] وأسلم مولى عمر وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وابن عمه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وزينب بنت جحش وعمته عائشة بنت أبي بكر.