وقوله تعالى: { وَالْدَّمُ} [سورة
المائدة: آية 3] هنا مطلق، ولكن قيدته الآية الثانية في السفوح كما
قال تعالى: { قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا
أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن
يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [سورة الأنعام: آية
145]، والمراد به الذي يخرج من الذبيحة وقت ذبحها ويشخب من أوداجها،
أما الدم المتبقي في العروق واللحم فهذا معفو عنه لا بأس بأكله مع
اللحم، واستثني من الدم الدمان اللذان مرَّ ذكرهما في الحديث: " أحلت لن ميتتان ودمان..... وأما الدمان فالكبد
والطحال " (رواه الإمام أحمد في مسنده). وقوله تعالى: { وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ} [سورة المائدة: آية 3] هو الحيوان المعروف
بالقذارة والدناءة حرم الله أكله لما فيه من الأضرار البالغة، وما
يورثه من الأمراض الخطيرة كما قرر ذلك أهل الطب، فإن الخنزير فيه
جراثيم وأمراض خطيرة اكتشفت ولا تزال تكتشف، والله جل وعلا لا يحرم
على عباده إلا ما فيه مضرة عليهم. تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميت...}. وقوله تعالى: { وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ
اللَّهِ بِهِ} [سورة المائدة: آية 3] المراد به ما ذبح للأصنام
تقرباً إليها وما ذبح لسائر المعبودات، وكذلك ما ذبح وسمي عليه غير
اسم الله عز وجل كما لو ذبح اللحم وذكر عليه اسم المسيح أو ذكر عليه
اسم غيره، { وما أهل لغير الله به}
يشمل النوعين: ما تقرب به لغير الله ولو ذكر عليه اسم الله، ويشمل ما
ذبح لغير التقرب، وإنما ذبح للحم، لكن سمي عليه غير اسم الله سبحانه
وتعالى عند الذبح، والمراد بالإهلال رفع الصوت هذا في الأصل، والمراد
هنا ما ذكرنا.
- تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميت...}
- غافر الذنب وقابل التوب | موقع البطاقة الدعوي
- إعراب قوله تعالى: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو الآية 3 سورة غافر
- الشيخ محمد بن صالح العثيمين-تفسير القرآن الكريم-تفسير سورة غافر
تفسير قوله تعالى: {حرمت عليكم الميت...}
من الواضح أن فكرة الربط بين قواعد التحلى بالأدب وتنحية الذات تخدم النمط الأبوى الديكتاتورى، الذى يخشى المواجهة، ولا يقبل بالاعتراض أو الجدل من الأصغر سنًا، وهى خطيئة تربوية لا أخلاقية أورثت قبول البعض العبودية والتبعية وساهمت فى شيوع ثقافة التعايش والتأقلم مع الهزيمة والتنازل عن الحقوق. لم يتعلم البعض من المنهج القرآنى فى تربية البشر، عندما أمر الله إبليس بالسجود لآدم؛ فعصى إبليس أمر السجود وجادل ربه، وجاء الدرس فى أن عزة الله وجلاله لم يقفا حائلين فى السماح لإبليس باستكمال حديثه لتبرير العصيان، فلم يخرسه الله، ولم ينه وجوده، بل منحه أجلًا لإتيان البرهان، وفى سياق آخر نتعلم من الكتاب الكريم درسًا مفاده أن جدل العظيم مع الضئيل- ولله المثل الأعلى- لا يعتبر ضربًا من التعدى أو التطاول «وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى»، فلم يغضب رب العزة من طلب سيدنا إبراهيم البرهان من ربه فى كيفية إحياء الموتى. حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير تفسير. هذه الدروس الربانية تحدد الكثير من القواعد فى كيفية بناء واستئناف الجدل فى القضايا الخلافية، حتى عندما تتعاظم الهوة بين أطراف الحوار. إذن أين تكمن الإشكالية فى التعبير بـ«لا» النافية أو الناهية؟ لعل طريقة تقديم الأشياء قد تثرى أو تجهض قيمة ما يقدم، بمعنى أن جُل القيمة فى منهج الاعتراض، وليس فى عائد الاعتراض، لذا تخصصت مناهج البروتوكول السياسى والاجتماعى واكتظت مناهج الإتيكيت بتدريس سبل الاعتراض لدى الاختلاف لتجنب الوصول لمرحلة الخلاف ووضعت الكثير من الضوابط لدى الاعتراض أو الرفض، على النحو الذى يضمن التحلى بالأدب وضمان عدم استفزاز الطرف الآخر.
[5]
الدم: الدم المسفوح، ويُستثنى من ذلك الكبد والطحال لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحلَّت لَكُم ميتتانِ ودَمانِ ، فأمَّا الميتَتانِ ، فالحوتُ والجرادُ ، وأمَّا الدَّمانِ ، فالكبِدُ والطِّحالُ". [6]
لحم الخنزير: وهو حيوانٌ يحرم على المسلم أكل أيِّ جزءٍ منه. ما أهل لغير الله به: وهو كلَّ ما ذكر عليه غير اسم الله عند ذبحه. المنخنقة: وهي الدابة التي تموت خنقًا إمَّا بإدخال رأسها بين شجرتين، أو التي توثق فتموت بخناقها. الموقوذة: وهي الدابة التي تُضرب حتى تموت. المتردية: مصطلح يطلق على الميتة التي تقع من مكان مرتفعٍ فتهلك وتموت. النطيحة: الشاة التي تنطحها أخرى فتموت من النطاح بغير تذكية. ما أكل السبع: ما بقي من فريسة السبع غير المعلم للصيد. إلا ما ذكيتم: إلا ما طهرتموه بالذبح الذي جعله الله طهورًا. شاهد أيضًا: حكم أكل الكبد والطحال وما يحرم أكله من الأطعمة
حكم أكل الحيوان الذي أوشك على الموت
يجوز للمسلم أكل الحيوان بعد تذكيته حتى وإن أوشك على الموت، وإلى ذلك ذهب الأئمة الأربعة، ودلياهم في ذلك قوله تعالى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}، ووجه الدلالة أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- استثنى الحيوان الذي تمَّ تذكيته بعد أن ذكر المحرمات، ومن المعلوم أنَّ الاستثناء من التحريم يعدُّ إباحة، وما يدل على ذلك أيضًا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا أَرْسَلْتَ كلبَك فاذكُرِ اسمَ اللهِ عليه فإن أَمْسَكَ عليك فأَدْرَكْتَه حَيًّا فاذْبَحْهُ"، [7] ووجه الدلالة أنَّ الذبح يجزئفي الحيوان الذي به بقية حياة.
والتوبة من الله لعبده نوعان... الأول أن يوفقه للتوبة منها في الدنيا، فلا يعمل المعاصي، والثاني قبولها بعد وقوعها منهم. ولله الحمد فقد سبقت رحمتُهُ غضَبَه، فلو يأخذ الله الناس بظلمهم، ما ترك على ظهرها من دابة. الخلاصة المسرفون على أنفسهم الذين قطعوا أعمارهم بالمعاصي، إذا تابوا إليه سبحانه - ولو قُبيل موتهم بقليل - فإنه غافر الذنب وقابل التوب.
غافر الذنب وقابل التوب | موقع البطاقة الدعوي
هذه صفات الله تعالى، وقد بلغت في الحُسن غايته ومنتهاه، فهو غافر الذنب للمذنبين، وقابل التوب من التائبين وفي الوقت نفسه شديد العقاب على من تجرّأ على الذنوب، ولم يتب منها، وهو مع هذا صاحب الإنعام والتفضل على عباده الصائمين الطائعين، ولا معبود تصلح العبادة والصيام والصلاة له سواه، إليه يرجع جميع الخلائق يوم القيامة، فيجازي كلاً بما يستحق. وكل الناس في هذه الدنيا يعملون على حسب شاكلتهم أي طبيعتهم، وما يليق بهم من الأحوال، فإن كان الإنسان من الصفوة الأبرار لم يشاكلهم ويناظرهم إلا عملهم لله رب العالمين، وإن كان من المخذولين لم يناسبهم إلا العمل للمخلوقين ولم يوافقهم إلا ما يوافق من أغرتهم الدنيّة.
《غافر الذنبِ وقابل التوبِ شديد العقاب》 - YouTube
إعراب قوله تعالى: غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو الآية 3 سورة غافر
على أنه تعالى قد وصف ذاته الكريمة بأنه غافر، فدلَّ على أن حمده لنعت كهذا يجعل العبد مطمئنًّا إلى رب رحيم غافر الذنب، وهو وضع يشحذ هِمم المكلومين بجروح المعاصي أن يفرُّوا إلى الله؛ لأنه قال: (إذا تقرَّب العبد إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إليَّ ذراعًا تقرَّبت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولةً). ودلالة اسم الفاعل من (غافر) تملأ الكون الفسيح مغفرةً؛ لأنها تحمل بين جنباتها إمطارًا للناس بالمغفرة رحمة بهم وفضلًا، وهكذا ليعلم الناس أن ربهم الحق يعاملهم بلُطفه ورحمته وعدله، وله عباد ضعفاء: ﴿ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 57]، فهم بين رجاء لرحمته وخوفٍ مِن نِقمته، لكنهم مستمسكون بوعده الصدق الكريم: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25]. والآية كلها ثناء على ذي الجلال، ومنه نفيد مدحًا واجبًا لله شكرًا لإنعامه؛ لأنه المنعم لكل نعمة، وحمدًا لامتنانه؛ لأنه ذو المن بكل مِنَّةٍ، وقد كان من سير المؤمنين المدح لمولاهم ووفير الثناء على بارئهم؛ لأنه اتصف بصفات الكمال، وتسمَّى بأسماء الجلال.
فإلى متى نظل يا عباد الله غافلين أو متغافلين عما يجب علينا لله تعالى من طاعةٍ واستقامةٍ على نهج الحق والهدى، وبعدٍ عن مزالق الشيطان، وسبل الغواية والضلالة، فإنه ما يصيب الناس من مصائب عامة أو خاصة إلا بسبب المعاصي، كما قال عز وجل: ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير) [الشورى:30]. وما أصاب أمة الإسلام في أعقاب الزمن من ضعف وهوان، حتى تكالب عليها الأعداء من كل جانب، وتحكموا في كثير من قضاياها، واستولوا على كثير من خيراتها ومقدراتها، وقاموا باحتلال بعض بلادها، وفي مقدمتها الأرض المباركة فلسطين ومسجدها الأقصى المبارك، أولى القبلتين، وثالث المسجدين الشريفين. الشيخ محمد بن صالح العثيمين-تفسير القرآن الكريم-تفسير سورة غافر. كل ذلك لم يحصل إلا حين ضعف تمسك المسلمين بالإسلام، وابتعد كثير منهم عن حقيقة الدين الخالص. فاتقوا الله أمة الإسلام، ولتحذروا المعاصي والذنوب، ولتقبلوا على ربكم وطاعتِه، ولتستقيموا على شرعه ودينه، يكتب الله تعالى لكم العزَّ والتمكين في الدنيا، والفوزَ والنجاة يوم الدين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون ، أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) [الأعراف:96-99].
الشيخ محمد بن صالح العثيمين-تفسير القرآن الكريم-تفسير سورة غافر
والناس في هذه الدنيا يختلفون اختلافاً كثيراً في أعمالهم، فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق في الخيرات، فهؤلاء جميعاً استوت مناكبهم بوقوفهم أمام خالقهم، ولكنهم تفاضلوا بالآخرة بأعمالهم، فمنهم الفاسق وهو الظالم لنفسه بالمعاصي، ومنهم المقتصد وهو الذي يعطي الآخرة حقها والدنيا حقها، ويؤدّي الفرائض ويترك المحارم، ومنهم السابق في الخيرات وهو الذي يؤدّي الفرائض والمستحبات ويترك المحرمات والمكروه، وعليه فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. فما أوسع رحمة الله، فقد عّم فضله وإحسانه جميع الخلق، ولكن أهل التوحيد لهم مزية، فسابقنا ناجٍ ومقتصدنا ناجٍ وظالمنا مغفور له إذا تاب، وهؤلاء الظلمة في سائر البلاد الإسلامية، سواء كانوا حكّاماً وسلاطين أو تجاراً أو فقراء مساكين إذا اعترفوا بذنوبهم. وأقروا بها وندموا عليها وسعوا في التوبة منها والتطهر من أدرانها في هذا الشهر الفضيل، فلهم من الله وعد حسن، ولكن نجد من بعضهم أحيانا - بعد ذلك أناس - (خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً)، ولا يكون العمل صالحاً إلا إذا كان مع العبد أصل التوحيد وهو (شهادة أن لا إله إلا الله)، وهو شرط لكل عمل صالح، فهولاء المخلطون بين الحلال والحرام عسى الله أن يتوب عليهم.
68 ميغابايت) التنزيل ( 942) الإستماع ( 364) ( مفرغة) Your browser does not support the audio element. تتمة تفسير قوله تعالى: (( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب))
التعليق على تفسير الجلالين: (( من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة)) بضم الياء وفتح الخاء وبالعكس (( يرزقون فيها بغير حساب)) رزقا واسعا بغير تبعة.