- ماذا هناك يا أبي؟, ولماذا كل هذا الحزن المغتسل بالدموع؟.. أسئلة قذفت بها شفتاي النائحتان حد الغياب.. لتتحرك على إثرها عيناه باتجاه وقوفي المصلوب حد الذهول. كانت إجابته مقتضبة كلحظة السعادة التي مرّت بجوار شقائه الأبدي: " ثلاثون مليون ريال". لم يتحدث بعدها, كان يحاول أن يفلت من أسئلتي، التي تتدحرج على الرصيف المغتال بطاعون الفساد. سألته: ماذا تعني بهذا الرقم؟. أشاح بوجهه ناحية السور القريب, والذي بدوره ربما أوحى إليه أن يصمت!.. قصة وطنية قصيرة عن المملكة العربية السعودية. ما زلت أستجديه الحديث لفرط احتياجي لاكتشاف خارطة حزنه: أدرك أنك لا تستطيع الحديث, كونك مصاباً بحزن الأنبياء وجوع الكبرياء, غير أني لن أدعك حتى أعي ما تعنيه الثلاثون مليون ريال، التي تحدثت عنها؟
- يا بني: ليست سوى كلمات قالها صاحب هذا القصر وهو يخاطب أحد العاملين في الداخل, يبدو أنه من قام بعمل الزخرفة والنقوش.. أرقام مثلت بالنسبة لي صدمة كبيرة, أنا الذي لم يلامس كفي اليسير منها, بل لم أشاهد حتى لمجرد المشاهدة طيلة حياتي، العامرة بالفاقة، مبالغ بهذا الحجم.. لذا شعرت حين طرق مسامعي هذا الرقم المهول أن الأرض التي تحت قدمي تسير بي دون خطاي, وكدت ألفظ آخر أنفاسي المتهالكة وأنا أستعيد ما سمعته للتو.
قصة وطنية قصيرة عن المملكة العربية السعودية – موضوع
بدأ نواف ينجر نحو هذه الأفكار التخريبية، حتى صار يهمل دروسه، ويعزم كل العزم على السفر وعدم العودة إلى البلاد، والتمرد على الأنظمة، والسعي لتخريب البلاد بكل الأشكال التي أوحتها له جماعة المخربين من خلال تسميم أفكاره. بدأت عائلة نواف تلاحظ هذا التغير الكبير عليه فشعروا بالقلق الشديد حيال ما يجري، وقرر والد نواف أن يتحدث إلى ولده عساه يفهم منه ما الأمر، وما أن بدأ والد نواف بالحديث حتى انبرى نواف يقول له أنتم ربيتمونا على كذبة كبيرة اسمها حب الوطن والسعي من أجله، ماذا فعل الوطن لي حتى أضحي له بنفسي…. قصة وطنية قصيرة عن المملكة العربية السعودية – موضوع. تابع نواف الحديث بعصبية مقيتة. سكت والد نواف هنيهة ثم أحضر له ألبوم الصور فتح الصفحة الأولى منه فكان فيها صورة نواف وهو مولود حديث وقال: " هل ترى يا نواف، ولدتك أمك في أحد المستشفيات الحكومية وكانت الممرضات سعيدات جدًا بقدومك مع انهم تعبوا كثيرًا دون شكوى لأنهنّ عاملات وطن" ثم فتح الصفحة الثانية وقال: " هذه الصورة عندما ترقيت في عملي وحصلت على راتب مضاعف لأني ابتكرت مشروعًا يسهم في نهضة الوطن فكافأني، والصورة التالية هي لك عندما دخلت أفضل مدارس الوطن التي علمتك مجانًا حتى صرت ما أنت عليه الآن، وهذه يا بني عندما حصلت على منحة لدخول أفضل جامعات المملكة وهناك الكثير من الصور الجميلة هل تريد رؤيتها كلها؟!
بدر شاب سعودي محب بشكل كبير لوطنه السعودية ولإخوانه المواطنين، فقامت عائلة بدر بتربيته على أساس ديني وأخلاقي، واتباع تعاليم الدين الإسلامي، فنشأ على حب الدين ثم حب والوطن والولاء له والانتماء، فتميز بأنه شاب مثقف يدرك تماماً ما له من حقوق وما عليه من واجبات، ولكن عد أن بلغ بدر سن الثامنة عشرة وأنهى دراسته الثانوية قرر الدخول إلى إحدى الجامعات السعودية المرموقة، وذلك لأنه كان طالب مجتهد وقد حصل على أعلى العلامات في مدرسته مما أهله لدخول الجامعة بمنحة كاملة.