وأَخَذَ السَّبْعَ: أي من حفظها وعلمها وعمل بها، والحَبْر: العالم المتبحر في العلم؛ وذلك لكثرة ما فيها من أحكام شرعية. عَنْ مُجاهد بن جبر المكي قَالَ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: علِّموا رجالَكم سورةَ المائدةِ، وعلِّموا نساءَكمُ سورةَ النُّورِ. سبب نزول سورة المائدة - موضوع. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أُنْزِلَت علَى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ سورَةُ المائدةِ وَهوَ راكبٌ علَى راحلتِهِ ، فلم تَستَطِع أن تحملَهُ ، فنزلَ عَنها. عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: صلَّى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ليلةً فقرأ بآيةٍ من سورة المائة حتَّى أصبحَ يركعُ بها ويسجدُ بها { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ... }، فلمَّا أصبح قلتُ: يا رسولَ اللهِ ما زلتَ تقرأُ هذه الآيةَ حتَّى أصبحتَ تركعُ بها وتسجدُ بها. قال: إني سألتُ ربيَ الشفاعةَ لأمتي فأعطانيها وهي نائلةٌ إنْ شاء اللهُ لمن لا يشركُ باللهِ شيئًا. ومما يدل على فضل سورة المائدة أنّ رَجُلًا مِنَ اليَهُودِ قال لِعُمَر بن الخطّاب: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لو أنَّ عليْنا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3]، لاتَّخَذْنا ذلكَ اليومَ عِيدًا، فقالَ عُمَرُ: إنِّي لَأَعْلَمُ أيَّ يَومٍ نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ، نَزَلَتْ يَومَ عَرَفَةَ، في يَومِ جُمُعَةٍ.
سبب نزول سورة المائدة - موضوع
وقال زيد بن أسلم: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلََّم- وأصحابهُ بالحديبية حين صدَّهم المشركون عن البيت، وقد اشتدَّ ذلك عليهم، فمرَّ بهم قومٌ من المشركين يريدون العمرة، فقال أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "نصدُّ هؤلاء كما صدَّنا أصحابُهم"، فأنزل الله تعالى: "يَا أَيُّها الذِينَ آمنوا لَا تُحلُّوا شعائِرَ اللَّهِ ولَا الشَّهرَ الحرَامَ ولَا الهَديَ ولَا القلَائدَ ولَا آمِّينَ البَيتَ الحَرامَ يبتغُونَ فضلًا من رَّبِّهمْ ورضوَانًا"، أي: ولا تعتدوا على هؤلاء المعتمرين أنْ صدَّكُمْ أصحابُهم. 4).
تعرض \"سورة المائدة\" لعقائد الكفار والمشركين، وترد عليها، وقد نسبوا إلى الله - تعالى -من الأوصاف والنعوت ما لا يليق بجلاله، ونقضوا العهود والمواثيق وتنادي عليهم السورة الكريمة بنداءات تتكرر أكثر من مرة وذلك من مثل قول الحق- تبارك وتعالى -: (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على\" فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على\" كل شيء قدير)19 (المائدة). ثم تعرض السورة الكريمة لعدد من الأحكام المتعلقة بحماية النفس، والمال، والملكيات الفردية، والمجتمعات الإنسانية، وبصيانتها من كل انحراف، وتؤكد قضية الولاء والبراء، وتدعو إلى تعظيم كل من الكعبة المشرفة، والأشهر الحرم، وإلى إنكار كل ما بقي من تقاليد الجاهلية (وما أكثرها في زماننا). وتختتم \"سورة المائدة\" بالتذكير بيوم القيامة، وبالإشارة إلى عدد من المعجزات التي أجراها ربنا - تبارك وتعالى- على أيدي عبده ورسوله المسيح عيسي ابن مريم، ومنها إنزال المائدة التي سميت السورة باسمها، وانتهت السورة الكريمة إلى تبرئة كلٍّ, من السيد المسيح وأمه الصديقة مريم ابنة عمران من فرية ادعاء ألوهيتهما، وكلاهما من عباد الله الصالحين، والله واحد أحد، لا شريك له في ملكه، ولا منازع له في سلطانه، ولا شبيه له من خلقه، وهو - سبحانه وتعالى - منزه عن الصاحبة والولد.