فتأويل الكلام إذا إذ كان الأمر على ما وصفنا وإذا جاءك ، يا محمد ، القوم الذين يصدقون بتنزيلنا وأدلتنا وحججنا ، فيقرون بذلك قولا وعملا مسترشديك عن ذنوبهم التي سلفت منهم بيني وبينهم ، هل لهم منها توبة ، فلا تؤيسهم منها ، وقل لهم: " سلام عليكم " أمنة الله لكم من ذنوبكم ، أن يعاقبكم عليها بعد توبتكم منها " كتب ربكم على نفسه الرحمة " يقول: قضى ربكم الرحمة بخلقه " أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ". واختلفت القرأة في قراءة ذلك:
فقرأته عامة قرأة المدنيين: ( أنه من عمل منكم سوءا) ، فيجعلون " أن " منصوبة على الترجمة بها عن " الرحمة " ( ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) ، على ائتناف " إنه " بعد " الفاء " فيكسرونها ، ويجعلونها أداة لا موضع لها ، بمعنى: فهو له غفور رحيم أو: فله المغفرة والرحمة. وقرأهما بعض الكوفيين بفتح " الألف " منهما جميعا ، بمعنى: كتب ربكم على نفسه الرحمة ثم ترجم بقوله: أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ، عن الرحمة ، ( فأنه غفور رحيم) ، فيعطف ب " أنه " الثانية على " أنه " الأولى ، ويجعلهما اسمين منصوبين على ما بينت. كتب ربكم علي نفسه الرحمه. [ ص: 393]
وقرأ ذلك بعض المكيين وعامة قرأة أهل العراق من الكوفة والبصرة: بكسر " الألف " من " إنه " و " إنه " على الابتداء ، وعلى أنهما أداتان لا موضع لهما.
- كتب ربكم على نفسه الرحمة .. دروس مستفادة - ناصحون
- تفسير آية: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة)
- كتب ربكم على نفسه الرحمة - القارئ إدريس أبكر - YouTube
كتب ربكم على نفسه الرحمة .. دروس مستفادة - ناصحون
إعراب الآية 54 من سورة الأنعام - إعراب القرآن الكريم - سورة الأنعام: عدد الآيات 165 - - الصفحة 134 - الجزء 7. (وَإِذا) الواو استئنافية. (إِذا) ظرفية شرطية غير جازمة (جاءَكَ الَّذِينَ) فعل ماض والكاف مفعوله واسم الموصول فاعله، والجملة في محل جر بالإضافة، (يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله والجملة صلة الموصول (فَقُلْ) الجملة جواب إذا لا محل لها من الإعراب (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) مبتدأ وخبر والجملة مقول القول (كَتَبَ رَبُّكُمْ) فعل ماض وفاعل (عَلى نَفْسِهِ) متعلقان بكتب. والجملة مستأنفة. (الرَّحْمَةَ) مفعول به (أَنَّهُ) حرف مشبه بالفعل. والهاء اسمها. وجملة (مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً) خبرها (مَنْ) اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ (عَمِلَ سُوءاً) فعل ماض ومفعول به، وهو في محل جزم فعل الشرط، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ (مَنْ) عند بعضهم. (مِنْكُمْ) متعلقان بمحذوف حال من الفاعل وكذلك (بِجَهالَةٍ) متعلقان بمحذوف حال أيضا. كتب ربكم على نفسه الرحمة .. دروس مستفادة - ناصحون. (ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور. معطوف على آمن، ومثله الفعل (وَأَصْلَحَ) معطوف وفاعله ضمير مستتر. (فَأَنَّهُ) الفاء رابطة لجواب الشرط من وأن حرف مشبه بالفعل والهاء اسمها.
ولذا كان الأنبياء يعتذرون عن الشفاعة للناس بذنوبهم خوفًا وخجلًا، وإن هذا لأمر قلَّ من ينتبه له، بل قـد يظـن كـثير مـن الناس أن التوبة والعفو قد غـمر ذنوبه فـلا يلـتفت إلى الحـياء بعد ذلك. تفسير آية: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة). (رابعًا): اتصاف العبد بالرحمة وبذلها لعباد الله
بيَّن صلى الله عليه وسلم أن الرحمة تنال عباده الرحماء فقال: «إنما يرحم الله من عباده الرُّحَماء» ( 6 رواه البخاري (7377)، ومسلم (923))، وأعظم الرحمة بالناس هدايتهم إلى التوحيد، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم عز وجل. ثم الرحمة بهم في أنفسهم، وأعراضهم، وعقولهم، وأموالهم، ودفع الظلم عنهم، وتفريج كروبهم، والإحسان إليهم، وتعزية مصابهم، وقضاء حوائجهم. وأولى الناس بهذه الرحمة الوالدان والأقربون. استجلاب رحمة الله تعالى بفعل أسبابها
(1) من أعظم ما تستجلب به رحمة الله تعالى فعْل ما يرضيه ويأمر به، واجتناب ما يُسخطه وينهى عنه باتباع ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى:
﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ﴾ [الأعراف: 156، 157].
تفسير آية: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة)
(غَفُورٌ) خبرها (رَحِيمٌ) خبر ثان وأن وما بعدها في تأويل مصدر في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره فمصيره غفران اللّه ورحمته. عطف على قوله { ولا تطرد الذين يدعون ربّهم} [ الأنعام: 52] وهو ارتقاء في إكرام الذين يدْعون ربَّهم بالغداة والعشي. فهم المراد بقوله: { الذين يؤمنون بآياتنا}. ومعنى { يؤمنون بآياتنا} أنَّهم يوقنون بأنّ الله قادر على أن ينزّل آيات جمَّة. كتب ربكم على نفسه الرحمة - القارئ إدريس أبكر - YouTube. فهم يؤمنون بما نزّل من الآيات وبخاصّة آيات القرآن وهو من الآيات ، قال تعالى: { أو لم يكفهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} [ العنكبوت: 51]. وقوله: { فقل سلام عليكم} قيل: معناه حَيِّهم بتحيَّة الإسلام ، وهي كلمة ( سلام عليكم) ، وقيل: أبلغهم السلام من الله تعالى تكرمة لهم لمضادّة طلب المشركين طردَهم. وقد أكرمهم الله كرامتين الأولى أن يبدأهم النبي صلى الله عليه وسلم بالسلام حين دخولهم عليه وهي مزيَّة لهم ، لأنّ شأن السلام أن يبتدئه الداخل ، ثم يحتمل أنّ هذا حكم مستمرّ معهم كلّما أدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنّه للمرّة التي يبلّغهم فيها هذه البشارة ، فنزّل هو منزلة القادم عليهم لأنَّه زفّ إليهم هذه البشرى. والكرامةُ الثانية هي بشارتهم برضى الله عنهم بأنّ غفر لهم ما يعملون من سوء إذا تابوا من بعده وأصلحوا.
تفسير القرآن الكريم
كتب ربكم على نفسه الرحمة - القارئ إدريس أبكر - Youtube
فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟. كتب ربكم على نفسه الرحمة. قلنا: لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده من هذه بولدها". وفي هذا بشارة واضحة وجلية بسعة رحمة رب العالمين جل وعلا، وأنها دومًا تسبق وتغلب غضبه، رغم أنه الملك الجبار القاهر فوق عباده والقادر على كل شيء، وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"قال الله عز وجل سبقت رحمتي غضبي، لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي"..
ولهذا جاء في القرآن ما يجلي لنا ذلك ويؤكده فقد قال الله تبارك وتعالى: ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ ﴾ [الحِجر: 49-50]. وتأمل يا رعاك الله في هذه الآية الكريمة كيف قدم ربنا - تبارك وتقدس - المغفرة والرحمة على العذاب الأليم، ثم إن الله وصف نفسه المقدسة بأنه غفور رحيم ولم يقل أنا الجبار المنتقم أو غير ذلك مما يوحي بشدة غضبه على من خالفه وعصاه عدلا منه وحكمة، بل قال سبحانه: ﴿ نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الحِجر: 49].
أوضح الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق؛ تفسير قوله تعالي {قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}.