وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الرئيس: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز نائب الرئيس: عبدالرزاق عفيفي عضو: عبدالله بن غديان عضو: عبدالله بن قعود. المقصود بتغيير المنكر: السؤال الثاني من الفتوى رقم (3633) س2: حديث (تغيير المنكر) هل المقصود: لكي يتغير المنكر أن نترك المكان الذي به منكر، أم نظل ونكرهه وننكره بقلوبنا؟ أفيدونا مأجورين. ج2: المسلمون في إنكار المنكر درجات، منهم من يجب عليه إنكار المنكر بيده كولي الأمر ومن ينوب عنه ممن أعطي صلاحية لذلك، كالوالد مع ولده والسيد مع عبده والزوج مع زوجته؛ إن لم يكف مرتكب المنكر إلا بذلك. ومنهم من يجب عليه إنكاره بالنصح والإرشاد والنهي والزجر والدعوة بالتي هي أحسن دون اليد والتسلط بالقوة؛ خشية إثارة الفتن وانتشار الفوضى. هل يأثم إن رأى منكراً ولم ينكره ؟ - الإسلام سؤال وجواب. ومنهم من يجب عليه الإنكار بالقلب فقط؛ لضعفه نفوذا ولسانا، وهذا أضعف الإيمان، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» (*) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
من رأى منكم منكرا
الشرط الخامس: أن لا يترتب على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفسدة أعظم من السكوت ، فإن ترتب عليها ذلك: فإنه لا يلزمه ، بل لا يجوز له أن يأمر بالمعروف أو ينهي عن المنكر.
" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 8 / 652 – 654) مختصراً. ثالثاً:
وإذا علمتَ أخي السائل أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان من واجبات الشريعة ، وتحققت الشروط الشرعية اللازمة لإقامتهما: فاعلم أن رؤيتك للمنكر وعدم نصحك لصاحبه سبب في ترتب الإثم عليك ، إلا أن يقوم غيرك بالإنكار عليه ؛ لأنه يكون فرض عينٍ عليك في حال أن تكون رأيت المنكر وليس ثمة من ينصحه غيرك ، فإن وُجد غيرك وقام عنك بهذا الشعيرة: فإنه يصير فرض كفاية ، يسقط عنك الإثم إذا قام بالواجب غيرك. قال ابن قدامة – رحمه الله -:
واشترط قومٌ كون المنكِر مأذوناً فيه من جهة الإمام أو الوالي ، ولم يجيزوا لآحاد الرعية الحسبة ، وهذا فاسد ؛ لأن الآيات والأخبار تدل على أن كل مَن رأى منكراً فسكت عنه: عصى ، فالتخصيص بإذن الإمام تحكم.
" مختصر منهاج القاصدين " ( ص 124). شرح حديث (من رأى منكم منكرًا) - موضوع. وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
وقد يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرضَ عينٍ ، وذلك في حق من يرى المنكر وليس هناك من ينكره وهو قادر على إنكاره ، فإنه يتعين عليه إنكاره لقيام الأدلة الكثيرة على ذلك ، ومن أصرحها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَن رأى منكم منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أخرجه مسلم في صحيحه.
"
من راي منكم منكرا
قال علماء اللجنة الدائمة:
يكفيك للخروج من الإثم والحرج: أن تنصح الناس بعدم استعمال ما ذكر فيما فيه امتهان ، وأن تحذرهم من إلقاء ذلك في سلات القمامة ، وفي الشوارع ، والحارات ، ونحوها ، ولست مكلفاً بما فيه حرج عليك مِن جعل نفسك وقفاً على جمع ما تناثر من ذلك في الشوارع ونحوها ، وإنما ترفع من ذلك ما تيسر منه دون مشقة وحرج. الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود.
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 4 / 73 – 75). وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية, إذا قام به مَن يكفي سقط عن الناس, وإذا لم يقم به من يكفي: وجب على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر, لكن لابد أن يكون بالحكمة ، والرفق ، واللين ؛ لأن الله أرسل موسى وهارون إلى فرعون وقال: ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى)طه/44 ، أما العنف: سواء كان بأسلوب القول ، أو أسلوب الفعل: فهذا ينافي الحكمة, وهو خلاف ما أمر الله به. من رأى منكم منكرا. ولكن أحياناً يعترض الإنسان شيء يقول: هذا منكر معروف, كحلق اللحية مثلاً, كلٌّ يعرف أنه حرام - خصوصاً المواطنون في هذا البلد -, ويقول: لو أنني جعلتُ كلما رأيت إنساناً حالقاً لحيته - وما أكثرهم - وقفتُ أنهاه عن هذا الشيء: فاتني مصالح كثيرة, ففي هذه الحال: ربما نقول بسقوط النهي عنه ؛ لأنه يفوِّت على نفسه مصالح كثيرة, لكن لو فرض أنه حصل لك اجتماع بهذا الرجل في دكان أو في مطعم أو في مقهى: فحينئذٍ يحسن أن تخوفه بالله, وتقول: هذا أمر محرم ، وأنت إذا أصررت على الصغيرة صارت في حقك كبيرة, وتقول الأمر المناسب.
"
حديث من رأى منكم منكرا فليغيره بيده
إن هذا الواجب هو مسؤولية الجميع ، وكل فرد من هذه الأمة مطالب بأداء هذه المسؤولية على حسب طاقته ، والخير في هذه الأمة كثير ، بيد أننا بحاجة إلى المزيد من الجهود المباركة التي تحفظ للأمة بقاءها ، وتحول دون تصدع بنيانها ، وتزعزع أركانها.
السؤال
هل أنا محاسَب على كل منكر أراه ؟ رأيت مثلا ناساً لا أعرفهم يسبون ، أو يتشاجرون ، أو رأيت أحداً يسمع الموسيقى ، أو سمعت شيئاً خطأ عن السنَّة كحديث ضعيف أو ما شابه ذلك ، هل أنا مسئول عنه / عنهم / يوم القيامة إذا لم أنصحهم ؟! الحمد لله. أولاً:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شعائر الإسلام العظيمة ، وقد عدَّها بعض العلماء من أركان الدين ، والواجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وليس هذا لطائفة من المسلمين دون آخرين ، بل هو واجب على كل من يعلم شيئاً من دين الله تعالى أن يبلِّغه أمراً أو نهياً. حديث من رأى منكم منكرا. قال تعالى: ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) آل عمران/110. وقال تعالى: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران/104. وقال سبحانه وتعالى: ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) المائدة/78 ، 79.
(۱۱)
كان في وسع الصحابي الجليل زيد بن أرقم أن يحتج على الاَمير السابّ بما روى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) غير واحد من الصحابة من أنّ سباب المسلم فسوق وقتاله كفر، فالاَمير بسبه هذا قد فسق سواء أكان المسبوب حياً أم ميتاً، ولكن الظروف العصيبة حالت دون أن يحتج«زيد» عليه بهذا الحديث، ولذلك التجأ إلى الاحتجاج عليه بأُسلوب آخر. ۴. أخرج الترمذي في سننه، عن أبي عثمان، عن زيد بن أرقم، قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الكسل والعجز والبخل. (۱۲)
۵. أخرج مسلم في صحيحه،عن يزيد بن حيان، قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلمّا جلسنا إليه، قال له حصين، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وسمعت حديثه وغزوت معه وصلّيت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيراً كثيراً، حدِّثنا يا زيد، ما سمعت من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم). قال: يا ابن أخي واللّه لقد كبرت سنّي وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فما حدثتكم فأقبلوا، وما لا، فلا تكلّفونيه، ثمّ قال: قام رسول اللّهيوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فحمد اللّه وأثنى عليه، ووعظ، وذكر، ثمّ قال: أمّا بعد: ألا يا أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أوّلهما: كتاب اللّه فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب اللّه واستمسكوا به فحثّ على كتاب اللّه ورغَّب فيه.
زيد بن أرقم - ویکيوحدت، الموسوعة الافتراضية
فذكرت ذلك لعمي أو لعمر فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فدعاني فحدثته فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط فجلست في البيت فقال لي عمي ما أردت إلى أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقتك؟ فأنزل الله تعالى {إذا جاءك المنافقون}. فبعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ فقال (إن الله قد صدقك يا زيد)ويقول زيد بن أرقم: رمدت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أرأيت يا زيد إن كانت عيناك لما بهما كيف تصنع؟" قلت: أصبر وأحتسب قال: "إن فعلت دخلت الجنة". وفي لفظ "إذاً تلقى الله ولا ذنب لك". من مواقفه مع الصحابة:
عن زيد بن أرقم قال: كنت يتيما لعبدالله بن رواحة في حجره فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله فوالله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه:
إذا أديتني وحملت رحلي... مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك أنعم وخلاك ذم... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المسلمون وغادروني... بأرض الشام مشتهى الثواء
وردك كل ذي نسب قريب... إلى الرحمن منقطع الإخاء
هنالك لا أبالي طلع بعل... ولا نخل أسافلها رواء
فلما سمعتهن منه بكيت.
ولزيد بن أَرقم يقول عبد الله بن رواحة: [الرجز] يَا زَيْدَ زَيْدَ الْيَعْمَلاتِ الذبَّلِ تَطَاوَلَ اللَّيْلُ هَدْبتَ فَانْزِل وقيل: بل قال: ذلك في غَزْوَةِ مُؤتة لزيد بن حارثة. )) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا الحسن بن موسى وعمرو بن خالد المصري قالا: حدّثنا زُهير، قال: حدّثنا أبو إسحاق أنه سمع زيد بن أرقم يقول: خرجنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في سفر أصابَ الناس فيه شِدّةٌ فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى يَنْفَضُّوا من حوله. قال زهير: وهي في قراءة عبد الله: من حوله. وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنّ الأَعزُّ منها الأذل. قال فأتيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبرته ذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أُبَيّ فسأله، فاجْتَهَدَ يَميِنه ما فعل، فقالوا: كذَبَ زيدٌ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: فوقع في نفسي ممّا قالوا شدةٌ حتى أنزل الله تَصْدِيقِي في: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُون} [سورة المنافقون: 1] قال: ودعاهم النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ليستغفر لهم فَلَوَّوْا رءوسهم (*). قال: أخبرنا محمد بن عُبَيد، قال: حدّثنا سفيان الثَّوْرِيّ، عن جابر بن حَنْتَمَةَ قال: اشتكى زيدٌ بن أرقم عينَهُ أَوْ عَيْنَيْه فأتاهُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يعوده فقال: "أرأيت لو ذهب بَصَرُكَ ما كنت صانعًا؟" قال: كنت أصبر وأحتسب، قال: "إذًا لَلَقِيتَ الله تعالى ولا ذنب لك" (*).