وأما قوله: ( أفواجا) فقد تقدم ذكره في معنى أقوال أهل التأويل. وقد حدثني الحارث ، قال: ثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا الحسن ، قال: ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( في دين الله أفواجا) قال: زمرا زمرا. وقوله: ( فسبح بحمد ربك)
يقول: فسبح ربك وعظمه بحمده وشكره ، على ما أنجز لك من وعده. فإنك حينئذ لاحق به ، وذائق ما ذاق من قبلك من رسله من الموت. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار ، قال: ثنا عبد الرحمن ، قال: ثنا سفيان ، عن حبيب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سألهم عن قول الله تعالى: [ ص: 669] ( إذا جاء نصر الله والفتح) قالوا: فتح المدائن والقصور ، قال: فأنت يا بن عباس ما تقول: قلت: مثل ضرب لمحمد صلى الله عليه وسلم نعيت إليه نفسه. حدثنا ابن بشار ، قال: ثنا محمد بن جعفر ، قال: ثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يدنيه ، فقال له عبد الرحمن: إن لنا أبناء مثله ، فقال عمر: إنه من حيث تعلم ، قال: فسأله عمر عن قول الله: ( إذا جاء نصر الله والفتح) السورة ، فقال ابن عباس: أجله ، أعلمه الله إياه ، فقال عمر: ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم.
سورة اذا جاء نصر الله والفتح مكتوبة
[ ص: 670]
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال: قالت عائشة: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أنزلت عليه هذه السورة ( إذا جاء نصر الله والفتح) لا يقول قبلها: سبحانك ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ". حدثنا ابن وكيع ، قال: ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، مثله. حدثنا ابن وكيع ، قال: ثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: " سبحانك اللهم وبحمدك ، اللهم اغفر لي " يتأول القرآن. حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال: ثنا ابن علية ، عن داود ، عن الشعبي ، قال داود: لا أعلمه إلا عن مسروق ، وربما قال عن مسروق ، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: " سبحان الله وبحمده ، أستغفر الله وأتوب إليه " فقلت: إنك تكثر من هذا ، فقال: " إن ربي قد أخبرني أني سأرى علامة في أمتي ، وأمرني إذا رأيت تلك العلامة أن أسبح بحمده ، وأستغفره إنه كان توابا ، فقد رأيتها ( إذا جاء نصر الله والفتح) ".
تفسير سوره اذا جاء نصر الله والفتح للاطفال
حدثنا أبو السائب ، قال: ثنا حفص ، قال: ثنا عاصم ، عن الشعبي ، عن أم سلمة ، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ، ولا يذهب ولا يجيء إلا قال: " سبحان الله وبحمده " فقلت: يا رسول الله ، إنك تكثر من سبحان الله وبحمده ، لا تذهب ولا تجيء ، ولا تقوم ولا تقعد إلا قلت: سبحان الله وبحمده ، قال: " إني أمرت بها " فقال: ( إذا جاء نصر الله والفتح) إلى آخر السورة. حدثنا ابن حميد ، قال: ثنا سلمة ، قال: ثنا ابن إسحاق ، عن بعض أصحابه ، عن عطاء بن يسار ، قال: نزلت سورة ( إذا جاء نصر الله والفتح) كلها بالمدينة بعد فتح مكة ، ودخول الناس في الدين ، ينعى إليه نفسه. قال: ثنا جرير ، عن مغيرة ، عن زياد بن الحصين ، عن أبي العالية ، قال: لما نزلت: ( إذا جاء نصر الله والفتح) ونعيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، [ ص: 671] كان لا يقوم من مجلس يجلس فيه حتى يقول: " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك ". قال: ثنا الحكم بن بشير ، قال: ثنا عمرو ، قال: لما نزلت: ( إذا جاء نصر الله والفتح) كان النبي صلى الله عليه وسلم مما يكثر أن يقول: " سبحانك اللهم وبحمدك ، رب اغفر لي وتب علي ، إنك أنت التواب الرحيم ".
إذا جاء نصر الله والفتح
سورة النصر الآيات 1-3 سورة النصر مدنية، وآياتها ثلاث
في أجواء السورة إن النبيّ(ص) والمسلمين معه والناس كافة، كانوا ينتظرون نهاية الصراع بين الإسلام والشرك. وكان النبي(ص) والمسلمون معه، يترقبون المستقبل بانفتاحٍ على النصر من الله لدينه على أساس الوعد الإلهي، وكان العرب يترقبون فتح مكة من حيث طبيعة التقدّم البارز للقوّة الإسلامية في ما تحققه من انتصارات متعددةٍ على قريش، ما يوحي بأن النتيجة ستكون لمصلحتها في نهاية المطاف. وكان النبي(ص) يتابع التخطيط للفتح الكبير بكثيرٍ من الوسائل الخفية والظاهرة التي يحرّكها في هذا الاتجاه، بانتظار الموعد الأخير واللحظة المناسبة، وكان المسلمون يتلهّفون للوصول إلى هذه النهاية. وكان العرب الذين يرغبون في الدخول في دين الله، ينتظرون ميزان القوّة كيف يتحرك، لأن القوّة كانت هي الأساس في ما يأخذون به، وفي ما يدعونه من مواقف. وجاءت هذه السورة، لتقرّب الوعد، ولتوحي بأنه قريبٌ، من خلال التعبير بكلمة «نصر الله» التي لا تتخلّف، ومن خلال الحديث عن الناس الذين يدخلون في دين الله أفواجاً، ومن خلال التوجيه الإلهي للنبي(ص) بما ينبغي له أن يفعله من التسبيح والاستغفار، ليعيش النبي والمسلمون الروحية المنفتحة على المستقبل من أوسع الآفاق وأصفاها.
سورة إذا جاء نصر الله والفتح
{وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً} لأن الناس كانوا يقفون أمام الحاجز الكبير الذي وضعته قريش أمامهم، لتمنعهم من الاندفاع نحو الإسلام ونحو الرسول بفعل القوّة الغاشمة التي تملكها على الصعيد الاقتصادي والعسكري والسياسي، في ما تملكه من موقعٍ مميّزٍ لدى القبائل. وكان الناس يترقّبون النتائج النهائية للصراع الدائر بين المسلمين وقريش، ليحدّدوا موقفهم، وكانوا يأملون أن تكون النتيجة لمصلحة المسلمين، فلما كان فتح مكة وتحقق الوعد الإلهي، وتحطم الحاجز النفسي والمادي الذي كان يحول بينهم وبين الدخول في الإسلام، دخلوا في دين الله أفواجاً، وتحوّل الواقع إلى موجٍ هادرٍ يكتسح أمامه كل شيء. كيف يعبّر المسلمون عن فرحهم بالنصر؟ {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوّاباً} وهذا هو الجوّ الذي أراد الله من النبي(ص) أن يستقبل به النصر والفتح والاندفاع الجماهيري للأمة نحو الإسلام.
إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون
وقد يكون الأمر بالاستغفار الذي هو سببٌ للتوبة، من خلال ما يمثله من حالة العبودية المنسحقة الخاضعة لله، التي تعيش هاجس الخوف من تهاويل الذنب من خلال النقص الذاتي، حتى لو لم يكن هناك ذنب، وتتطلب التوبة الإلهية باعتبار أنها مظهر المحبة التي يمنحها الله للتوّابين، فهي تنطلق من موقع إيحاء المعنى، لا من خلال حرفيته، والله العالم. وقد نحتاج إلى إبداء ملاحظة حول الروايات التي استوحى منها بعض الصحابة من السورة، أن الله ينعي للنبي نفسه، فقد لا نجد فيها هذا الظهور، ولكن ربما كان هناك بعض الإيحاء الذي يجتذب الإحساس، باعتبار أن ذلك دليلٌ على استكمال مهمته، في شمول الإسلام للمنطقة كلها، وفي كلمات التسبيح والحمد والاستغفار التي قد توحي بأنها الكلمات التي يحتاج الإنسان إليها ليقابل وجه ربه، والله العالم. ــــــــــــــــــــــ
(1) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، دار إحياء التراث العربي، ج:4، ص:945. (2) (م. س)، ج:4، ص:945. (3) مجمع البيان، ج:10، ص:844. (4) تفسير الميزان، ج:20، ص:436.
وقال ابن كثير في التفسير: والمراد بالفتح ها هنا فتح مكة قولاً واحداً، فإن أحياء العرب كانت تتلوّم بإسلامها فتح مكة، يقولون: إن ظهر على قومه فهو نبيّ، فلما فتح الله عليه مكة، دخلوا في دين الله أفواجاً، فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيماناً، ولم يبق في سائر العرب إلا مُظهرٌ للإسلام ولله الحمد والم نّة» [2]. وجاء في ما روي في مجمع البيان، عن مقاتل: «لما نزلت هذه السورة قرأها(ص) على أصحابه، ففرحوا واستبشروا، وسمعها العباس فبكى، فقال رسول الله(ص): ما يبكيك يا عم؟ قال: أظن أنه قد نعيت إليك نفسك يا رسول الله، فقال: إنه لَكَمَا تقول، فعاش بعدها سنتين ما رُئي فيهما ضاحكاً مستبش راً [3]. * * *
الله وعد نبيّه والمؤمنين بالنصر {إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} وذلك هو وعد الله الذي وعد به رسوله، ووعد به المؤمنين الذين ينصرونه بنصرة دينه، بأن يفتح لهم الفتح الكبير في مكة، كما حقق لهم بعض الفتوحات الصغيرة في بعض الوقائع في الحروب التي خاضها الرسول(ص) قبل الفتح. والتعبير بنصر الله يحمل بعض الإيحاءات الروحية العقيدية، بأن العمق الذي يحمله النصر بكل أسبابه العادية، لم يكن ليتحقق لولا إرادة الله ومشيئته وتوفيقه، وما أعطى المؤمنين فيه من قوّة العزم، وشدّة التحدي، وثبات الخطى على الموقف، ليزدادوا بذلك اتّكالاً على الله، واعتماداً عليه، وثقةً به، وأملاً برحمته ونصره، فلا يضلّوا، ولا يضعفوا، ولا يسقطوا أمام التهاويل المرعبة التي يثيرها أمامهم أعداء الله وأعداء رسوله، لأن الله هو الذي يؤيّدهم بنصره، ويثبّتهم بقوّته.
وقد سمع الرسول بذلك وحاول السيطرة على الموقف، ولكن المشركين شاعوا خبر وفاة الرسول بين صفوف المسلمين مما أضعف من عزيمتهم وكان ذلك سبب في استسلام المسلمين وإكمال الهزيمة. الآيات التي ذكرت في غزوة أحد في القرآن الكريم
غزوة أحد من الغزوات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم فقد قال الله تعالى (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). ذكر الله تعالى السبب في هزيمة المسلمين في غزوة أحد حين قال تعالى (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ). وهذه الآيات كانت درس للمسلمين حتى يستفيدوا أن المخالفة والعصيان لأوامر الله ورسوله لا يأتي من فعل ذلك إلى الخسران والهزيمة.
هزيمة المسلمين في غزوة احد رفيده
[2]
ما الدروس والعبر المستفادة من غزوة أحد
ظهر الكثير من الدّروس والعبر من غزوة أحد، نذكر لكم فيما يأتي بعضًا منها وهي: [3]
إنّ النّصر لا يكون إلا من عند الله سبحانه وتعالى. إنّ النّصر يكون بالإيمان بالله وحده ولا يعتمد على عددٍ وعدّة وعتاد. نصر المسلمين وتمكينهم يكون بإطاعتهم لأوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. على المسلمين أن يتركوا التّفكير بمتاع الدّنيا فهو مُهلك حين يتعارض مع أوامر الله. شاهد أيضًا: انتصر المسلمون على الروم في المعركة البحرية
وبهذا نصل لختام مقال أدى مخالفة امر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معركة أحد إلى ، والذي ذكر كم عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وأجاب على السّؤال حول نتيجة مخالفة أمر النبي، وبيّن سبب هزيمة المسلمين في غزوة أحد وذكر تاريخها، وعدّد أهم الدروس والعبر المستفادة من معركة أحد.
هزيمة المسلمين في غزوة احد يخرج
أمر عبدالله بن جبير مقاتليه بعدم ترك أماكنهم مهما يحدث ومهما كانت نتيجة المعركة، وذلك حتى لا يأتي الأعداء من خلفهم، وقال لهم (انضحوا الخيل عنَّا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت الدَّائرةُ لنا أو علينا فالزموا أماكنكم، لا تُؤتينَّ من قبلكم). بدأت المعركة والحرب بين المسلمين والكفار وكانت الراية الخاصة بالكفار في بداية المعركة في يد طلحة بن أي طلحة العبدري والذي كان قوي للغاية، وكان واحد من أقوى كفار قريش، عندما رأوه المسلمين أقبلوا على قتله وذهب إليه الزبير بن العوام وأسقطه أرضًا وقتله. التحمت المعركة أكثر وأسرع عثمان بن أبي طلحة العبدري شقيق كبش الكتيبة نحو علم المشركين وقام برفعه، وعندما رآه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ذهب إليه وقتله فحمل اللواء أخوهم الثالث أبو سعدة، فذهب نحوه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وقام بقتله كذلك. ثم بعد ذلك خرج مسافع بن طلحة بن أبي طلحة فتم قتله، ثم خرج كلاب بن طلحة بن أبي طلحة فقُتل كذلك ثم جاء بعدهم الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة فقتل هو الآخر فكانت هذه نكسة كبيرة بالنسبة لبيت أبي طلحة العبدري حيث تم قتل ستة أشخاص منهم على يد المسلمين في نفس اليوم. بعد ذلك أصر بنو عبد الدار على رفع العلم بالرغم من كل ما حدث وكانوا كلما قتل أحد منهم كان شخص آخر يأخذ الراية ويرفعها حتى قتل عشرة أشخاص من بني عبد الدار، فخرج مولى حبشي لبني عبد الدار اسمه صواب ورفع الراية، وقاتل قتالاً أقوى من الجميع فقطع يديه ثم قطع رأسه وسقطت راية المشركين.
هزيمة المسلمين في غزوة احد في
فكان المسلمون فريقين: فريق أراد الآخرة كأنس بن النضر، وثابت بن الدحداح، وأبي طلحة وغيرهم ممن أرادوا الآخرة، وقاتلوا حتى النهاية؛ منهم من قاتل واستشهد وثبت على شهادته، ومنهم من قاتل حول الرسول r ليحميه، ما نكصوا على أعقابهم وما فروا. وفريق قليل من الجيش تغلغلت الدنيا في قلوبهم، وثبت الباقون، ومع ذلك فمن غير المقبول أن يصل حب الدنيا بفريق من الجيش المسلم إلى درجة أن يدفعه إلى المخالفة. وفي موقعة بدر حدثت مخالفة من أجل الدنيا، قال الله U في صدر سورة الأنفال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ للهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 1]. لكن لما ذكرهم النبي r استجاب الجميع لأوامر الله U، ووزع النبي r الغنائم كما أراد الله U، وكما شرع الله U. وفي غزوة أُحُد كانت المخالفة متعمدة بعد تأكيد النبي r، فلا بد لهذه المخالفة من مصيبة، ولو كان الجيشُ جيشَ رسول الله r كانت مصيبة حقيقية أن تدخل الدنيا إلى قلوب الصحابة إلى هذه الدرجة. يقول عبد الله بن مسعود t: "ما كنت أحسب أن أحدًا من أصحاب النبي r يريد الدنيا حتى نزل فينا ما نزل: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ} [آل عمران: 152].
هزيمة المسلمين في غزوة احداث
وكذلك رغبة القرشيين في أخذ المدينة المنورة وغزوها وذلك لرغبة كبيرة منهم في تأمين التجارة الخاصة بهم إلى بلاد الشام ومنع المسلمين في اعتراض طريقهم، بالإضافة لرغبتهم الكبيرة في التخلص من المسلمين قبل أن تتعاظم قوتهم ويلموا شملهم. شاهد أيضًا: متى وقعت غزوة بدر وما سببها وأحداثها ونتائجها
أحداث معركة أحد
وفي السابع من شوال من العام الثالث للهجرة، خرج أبو سفيان إلى الحرب مع جيش كبير مكون من ثلاثة آلاف محارب من أهل قريش، وفي الوقت ذاته قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمل جلسه مع الصحابة لمشاورتهم في الأمر، وما يجب عليهم فعله والذهاب خارج المدينة لمقاتلة الأعداء. ولقد رأى الصحابة و الرسول صلى الله عليه وسلم التحصن والبقاء في المدينة والقتال داخل أسوارها وعدم الخروج لمقاتلة الكفار من الخارج، لكن رأى الأغلبية الخروج وكانوا متحمسين لقتال الأعداء وهذا ما جعل النبي يأذن لهم بالخروج وخرج بألف مقاتل لقتال الكفار. وفي طريقهم لمقاتلة الأعداء غدر رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بالمسلمين ورجع بثلاثمئة مقاتل فقط، وعندما وصل المسلمون إلى موقع أحد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنظيم الصفوف وجعل ظهر الجيش لجبل أحد وعمل فرقة من الرماة عددها خمسون مقاتل يتقدمهم عبد الله بن جبير.
[3] رواه أبو داود (4297)، وأحمد (22450)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم (958).