ومن المهم أن نعلم، أن التمثيل هنا ليس إلا تصويراً للأضعاف، كأنها ماثلة أمام عيني الناظر. فكل نفقة في سبيل الله يعادلها الله أضعافاً كثيرة، { فيضاعفه له أضعافا كثيرة} (البقرة:245)، { والله واسع عليم} (البقرة:247)، وليس المراد بالضرورة حقيقة العدد. وللمفسرين كلام طيب حول بيان مرمى هذا المثل والمراد منه، نختار من كلامهم الآتي:
يقول ابن عاشور: "وقد شبه حال إعطاء النفقة ومصادفتها موقعها، وما أُعطي من الثواب لهم بحال حبة أنبتت سبع سنابل... ، أي: زُرعت في أرض نقية وتراب طيب، وأصابها الغيث فأنبتت سبع سنابل. فصل: إعراب الآية رقم (261):|نداء الإيمان. وحذف ذلك كله إيجازاً؛ لظهور أن الحبة لا تنبت ذلك إلا كذلك، فهو من تشبيه المعقول بالمحسوس، والمشبه به هيئة معلومة، وجعل أصل التمثيل في التضعيف حبة؛ لأن تضعيفها من ذاتها لا بشيء يزاد عليها". أما سيد قطب فيحلل هذا المثل القرآني تحليلاً أدبياً فكريًّا، فيقول: "إن الدستور لا يبدأ بالفرض والتكليف، إنما يبدأ بالحض والتأليف. إنه يستجيش المشاعر والانفعالات الحية في الكيان الإنساني كله. إنه يعرض صورة من صور الحياة النابضة النامية المعطية الواهبة، صورة الزرع. الزرع الذي يعطي أضعاف ما يأخذه، ويهب غلاته مضاعفة بالقياس إلى بذوره.
- فصل: إعراب الآية رقم (261):|نداء الإيمان
- مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ | تفسير ابن كثير | البقرة 261
- شرح حديث أبي هريرة: "من خاف أدلج"
- أحاديث قدسية " 9" إعــداد / عــزة عــوض الله - جريدة النجم الوطني
فصل: إعراب الآية رقم (261):|نداء الإيمان
من كتاب «رسالة في التفسير» للمؤلف الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي
إدارة البحوث- دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ | تفسير ابن كثير | البقرة 261
إن المعنى الذهني للتعبير ينتهي إلى عملية حسابية تضاعف الحبة الواحدة إلى سبعمائة حبة! أما المشهد الحي الذي يعرضه التعبير فهو أوسع من هذا وأجمل؛ وأكثر استجاشة للمشاعر، وتأثيراً في الضمائر. إنه مشهد الحياة النامية. مشهد الطبيعة الحية. مشهد الزرعة الواهبة. ثم مشهد العجيبة في عالم النبات: العُود الذي يحمل سبع سنابل. مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ | تفسير ابن كثير | البقرة 261. والسنبلة التي تحوي مائة حبة! وفي موكب الحياة النامية الواهبة يتجه - القرآن - بالضمير البشري إلى البذل والعطاء. إنه لا يعطي بل يأخذ؛ وإنه لا ينقص بل يزاد. وتمضي موجة العطاء والنماء في طريقها. تضاعف المشاعر التي استجاشها مشهد الزرع والحصيلة.. إن الله يضاعف لمن يشاء. يضاعف بلا عدة ولا حساب. يضاعف من رزقه الذي لا يعلم أحد حدوده". وأما الشيخ رشيد رضا فقد حلل هذا المثل القرآني تحليلاً نفسياً اجتماعياً، وذكر حوله كلاماً لا ينبغي أن يُغفل عنه في مثل هذا المقام، حيث قال: "أمر الإنفاق في سبيل الله أشق الأمور على النفوس، لا سيما إذا اتسعت دائرة المنفعة فيما ينفق فيه، وبعدت نسبة من ينفق عليه عن المنفق؛ فإن كل إنسان يسهل عليه الإنفاق على نفسه وأهله وولده، إلا أفراداً من أهل الشح المطاع، وهذا النوع من الإنفاق لا يوصف صاحبه بالسخاء، ومن كان له نصيب من السخاء سهل عليه الإنفاق بقدر هذا النصيب، فمن كان له أدنى نصيب، فإنه يرتاح إلى الإنفاق على ذوي القربى والجيران.
الثانية: روي أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حث الناس على الصدقة حين أراد الخروج إلى غزوة تبوك جاءه عبد الرحمن بأربعة آلاف فقال: يا رسول الله، كانت لي ثمانية آلاف فأمسكت لنفسي ولعيالي أربعة آلاف، وأربعة آلاف أقرضتها لربي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت). وقال عثمان: يا رسول الله علي جهاز من لا جهاز له، فنزلت هذه الآية فيهما. مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله. وقيل: نزلت في نفقة التطوع. وقيل: نزلت قبل آية الزكاة ثم نسخت بآية الزكاة، ولا حاجة إلى دعوى النسخ، لأن الإنفاق في سبيل الله مندوب إليه في كل وقت. وسبل الله كثيرة وأعظمها الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا. الثالثة: قوله تعالى {كمثل حبة} الحبة اسم جنس لكل ما يزدرعه ابن آدم ويقتاته وأشهر ذلك البر فكثيرا ما يراد بالحب، ومنه قول المتلمس: آليت حب العراق الدهر أطعمه ** والحب يأكله في القرية السوس وحبة القالب: سويداؤه، ويقال ثمرته وهو ذاك. والحبة بكسر الحاء: بذور البقول مما ليس بقوت، وفي حديث الشفاعة: (فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل) والجمع حبب. والحبة بضم الحاء الحب يقال: نعم وحبة وكرامة.
قال تعالى "وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ"
كما كان بالآية السابقة تحذير ووعيد هذه الآية هي بشرى لكل من يخاف من الله تعالى بأن الله سيمنحه اثنين من الجنان واختلفت الأقاويل بمعنى الجنتان هناك من ذكر أنهما من الذهب والفضة والآخر قال أنها جنة للشخص وجنة لعائلته وخدمه. شرح حديث أبي هريرة: "من خاف أدلج". قال تعالى "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ"
يأمر الله سبحانه وتعالى بضرورة تقوى الله طاعته والالتزام بما يأمرهم به اتقاء لأحداث الساعة العظيمة وحتى يكون الشخص مستعداً لأهوال يوم القيامة. قال الرسول عليه الصلاة والسلام "من خاف أُدلج، ومن أُدلج بَلغ المنزل، ألا إن سِلعة الله غالية، ألا إن سِلعة الله الجنة"
خلال هذا الحديث يتحدث الرسول عليه الصلاة والسلام عن الخوف من الله حيث قال أن من خاف سار بسرعة حتى لا تتحقق مخاوفه وهذا يعني أن الخو من الله يحث العبد على الإكثار من الطعة والمسارعة بالخيرات. شبه الرسول الخوف من الله بخوف الرجل الذي يسير من قطاع الطريق حيث أه عندما يخاف منهم يتمكن من الهروب منهم واللحاق بمنزه ونفس الامر ينطبق على الشخص المؤمن الذي يبلغ رضا الله وجنته بطاعته نتيجة خوفه منه.
شرح حديث أبي هريرة: "من خاف أدلج"
ما كنا نظن أن جيلًا من المسلمين يسهر إلى الفجر على المقاهي يلعب، وفي الخيام الرمضانية يدخن ويلهو. أخي الحبيب: جدِّد النية، واعقد العزم، وتدبَّر كلام المعصوم لابن عمر: ((نِعْمَ الرجُلُ عبدُالله لو كان يقوم من الليل)). ______________________________________________ [1] رواه مسلم (2709). _______________________________ المؤلف: عصام محمد فهيم جمعة
أحاديث قدسية &Quot; 9&Quot; إعــداد / عــزة عــوض الله - جريدة النجم الوطني
- ومن نعم الله في شهر رمضان: أنه يغلق النار ترغيبًا للتائبين والمنيبين؛ إشارة أنها بعيدة عنهم في هذا الشهر، فليجتهدوا: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أبْوَابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوَابُ جَهَنَّمَ) (متفق عليه). - النار -والعياذ بالله- دار الشقاء والعذاب، ومحل الأشقياء والتعساء الذين اغتروا بالدنيا: قال تعالى: ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. من خاف ادلج ومن ادلج. خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) (هود: 106- 107)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا، واللَّهِ يا رَبِّ) (رواه مسلم). - النار -والعياذ بالله- منها يفر بالعمل الصالح الصالحون، ويجتهد للنجاة منها المجتهدون: قال تعالى: ( فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (آل عمران: 185)، وقال تعالى عن عباده الصالحين: ( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ *سُجَّدًا *وَقِيَامًا.
يتوهم أنَّ منازلها تتحقق بالأماني الأحلام
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [1]. تأمل ما أعده الله تعالى للمسارعين إِلَى مَغْفِرَتهِ، المسابقين إلى مرضاته، المنفقين في سبيله، الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ، الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ! مَغْفِرَةٌ يمحو الله تعالى بها الذنوبَ، ويستر الله تعالى بها العيوب. من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل. وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ، يزول عنهم فيها كل كدرٍ، ويذهب عنهم فيها كل بؤس. والخلودُ في دار النعيم، فلا ينغص عيشهم فراقهم للنعيم، ولا فراق النعيم لهم. وتأمل قول الله تعالى: ﴿ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾، بعد أن ذكر صفاتهم وأعمالهم ليبين الله تعالى أن سلعته غالية وأنها لا ينالها البطالون. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الجَنَّةُ ». [2]
وكثير من الناس يتوهم أن الجنة تنال بلا عملٍ، وأنَّ منازلها تتحقق لأهلها بالأماني الأحلام.