وبهذا الطلب بين سيدنا إبراهيم خداعه وضلاله للناس أمام قومه ، فلم يستطع الإجابة على سيدنا إبراهيم بل سكت وهنا يقول الله عزوجل عنه فبهت الذي كفر ، وخرج سيدنا إبراهيم من عنده دون أن يأخذ طعامًا لأهله ولا شرابًا ، وعندما اقترب سيدنا إبراهيم من أهله ملأ ما كان معه من عدليه بالتراب ، وقال أشغل أهلي بهم. وعندما وصل النبي الكريم وضع رحاله واتكأ ونام ، فلما قامت زوجته سارة عليها السلام إلى العدليين (ويقصد بهم ما كان معه من أمتعة) وجدتهما مليئين بالطعام والشراب فصنعت منهما الطعام ، ولما استيقظ سيدنا إبراهيم وجد طعامًا وشرابًا فقال لأهله من أين لكم هذا ؟
فقالت زوجه من الذي جئت به فعلم أن الله رزقه من فضله ، ويقال أن الله عزوجل قد بعث لهذا النمرود ملكًا يأمره بالإيمان بالله لكنه أبى واستكبر أن يطيع ودعاه الملك مرة ثانية ثم ثالثة ، فقال له النمرود اجمع جموعك وأنا أجمع جيوشي. وعند طلوع الشمس جمع النمرود جيوشه كلها ليحارب بها الله عز وجل فأرسل الله عزوجل عليه جنودًا مسخرة ، وهؤلاء الجنود كانوا ذبابًا وبعوضًا لم يروا الشمس من كثرتها ، وسلط الله عليهم هؤلاء الجنود الطائعين فأكلوا لحومهم وشربوا دمائهم حتى تركوهم عظامًا بالية ، وقد أمر الله بعوضة منهم فدخلت في أنف النمرود ، وظلت برأسه أمدًا حتى عذبه الله بها.
من هو النبي الذي كان عدوه النمرود - موقع محتويات
ثم البرج الثالث ويســمى البرج الجميل على السـور الشرقي وهو ذو ثماني أضلاع وسقف هذا البرج مقبب وهو مدور وبارز إلى الأمام وهو دفاعي وفيه ست كوى مجهزة بمرامي سجوف البرج الرابع مهدمة لم يبق منها سوى قواعد جدرانها.
وقال بعضهم: إنّ نمرود كان يحتكر الطعام، فكانوا إذا احتاجوا إلى الطعام يشترونه منه، فإذا دخلوا عليه سجدوا له، فدخل إبراهيم فلم يسجد له، فقال: ما لك لم تسجد؟ قال: أنا لا أسجد إلا لربّي، فقال له نمرود: من ربُّك؟ قال إبراهيم: ربّي الذي يحيي ويميت. من هو الملك النمرود. وذكر زيد بن أسلم أنّ النمرود هذا قعد يأمر للناس بالميرة (الطعام)، فكلما جاء قوم قال: من ربُّكم وإلهكم؟ فيقولون: أنت، فيقول: ميروهم، وجاء إبراهيم (ع) يمتار، فقال: من ربُّك وإلهك؟ قال إبراهيم: ربّي الذي يحيي ويميت"[1]. لكن نمرود واصل تكبُّره وادِّعاءه، وما أن سمع إبراهيم يحاججه بقدرة الله تعالى الذي يصوِّر الناس في الأرحام ويمنحهم الحياة، وهو سبحانه الذي يقدِّر بينهم الموت، حتى أجاب بكلِّ صلف: أنا أحيي وأميت؛ وما يعنيه هو الظاهر للعيان بأنّه يهب الطعام لمن وافقه الموقف ويمنعه عن غيره كي يموت جوعاً، وأنّه يمتلك القوة والسلطة لقتل من شاء أن يقتله. هذه مسألة ستكون محل حوار عقيم، لذلك ذهب إبراهيم (ع) إلى رد قوي، ولا يستطيع نمرود أن يخوض فيه. القوم في بلاد ما بين النهرين يعتنون بعلم الفلك، ورد إبراهيم كان من فضاء علومهم، حيث واجه النمرود بالحجة البالغة فقال له: إنّ الله تعالى قد جعل سنَّةً لحركة الكواكب منها أنّ الأرض تدور حول الشمس وبذلك تظهر الشمس على بقاع الأرض من المشرق، وتغيب وتأفل من جهة المغرب، والسؤال لنمرود: هل تستطيع تغيير هذه السُّنّة الكونية كي نقبل زعمك الألوهية.