عن بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: " اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك "
أخرجه الحاكم في المستدرك رقم ( 7846) 4 / 341 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وابن أبي شيبة رقم ( 34319) 7 / 77 ، والقضاعي في مسند الشهاب رقم ( 729) 1/425، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم ( 1077) ، وفي صحيح الترغيب والترهيب رقم ( 3355). وقال غنيم بن قيس: " كنا نتواعظ في أول الإسلام ابن آدم اعمل في فراغك قبل شغلك وفي شبابك لكبرك وفي صحتك لمرضك وفي دنياك لآخرتك وفي حياتك لموتك " جامع العلوم والحكم لابن رجب 1 / 385.
- اغتنم خمسا قبل خمس صحيح البخاري
اغتنم خمسا قبل خمس صحيح البخاري
فَمَنْ عَمِل لما ينفعُه بعدَ موتِه، لا يندمُ في الآخرة. كذلكَ منِ اغتنَمَ صحتَهُ قبلَ مرضِهِ يكونُ جمعَ خيرًا كثيرًا، لا يستطيعُ أن يفعلَه في مَرَضِه، لأنَّ المرضَ يمنعُ الإنسانَ من أشياءَ كثيرةٍ كانَ يستطيعُ أن يعملَها في صِحَّتِه. كذلكَ العاقلُ يغتنِمُ شبابَه قبلَ هَرَمِه، فلا ينبغي أن يكونَ الشابُّ غافِلاً عمَّا يستطيعُ أنْ يفعلَه لآخرتِه قبلَ أن يُدْرِكَه الهرَم. كذلك ينبغي للعاقلِ أن يغتنِمَ غناهُ قبلَ فَقْرِه، المعنى أنَّه يعمَلُ منَ الصالحاتِ في غناهُ قبلَ أن يُصيبَه الفقر. اغتنم خمسا قبل خمس - ملتقى الخطباء. الغنيُّ الذي عندَه المال يستطيعُ أن يعملَ لآخرتِه الشىءَ العظيم، وينفق على الفقراء والمساكين، وقد يبني مسجِدًا لله تعالى فيكون له صدقة جارية أي دائمة. ويستطيع أن يصلَ أرحامَه بالإحسان إليهم مما رزقَه الله. أما إذا لم يفعلْ ذلك حتى أصابَه الفقرُ فيندم يقول يا ليتني عمِلتُ كذا لآخرتي. قال عليه الصلاة والسلام:" وفراغَكَ قبلَ شغلِكَ " المعنى أنَّ الإنسانَ المسلمَ ينبغي أنْ يغتنِمَ عملَ البرِّ والخيرِ والإحسانِ لما يكون عنده فراغ، قبل أن يذهبَ هذا الفراغُ وينشغل، أي ينشغلُ عما ينفعه في الآخرة. وأكثرُ الناسِ يُضيِّعونَ هذه النعمَ الخمسةَ ثم منهم من لا ينتبِهُ إلا لما يصيرُ منْ أهلِ القبورِ كما قال سيّدُنا عليٌّ رضيَ الله عنه:" الناسُ نِيَامٌ فإِذا مَاتُوا انتَبَهُوا " معناهُ أنَّ أكثرَ الناسِ نيامٌ، أي غافِلُونَ عمَّا ينفعُهم لما بعدَ الموت، ثم بعدَ الموتِ يعرفونَ فيندَمُون.
وكان الصحابةُ الكِرام يُكثرون من العمل في أوقاتِ شبابهم، ويقولون للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- إنّهم يستطيعون فعل أكثر من ذلك؛ أي عند الكبر لا يستطيعون القيام أو قِراءة القُرآن أو الصيام بالقدر الذي يُمكنهم فعله في وقت الشباب. [٦]
صحتك قبل مرضك
إنّ الصحة والمرض بيد الله -تعالى-، ولكن في وقت المرض قد يفوّت الإنسان الكثير من الطاعات والعِبادات ، ومن فضل الله -تعالى- أنّه يكتبُ للإنسان الأجر كاملاً في حال المرض لمن داوم على الخير في أوقاتِ الصحة، ومن المعاني القريبة لذلك، قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (تعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاءِ يعرفُك في الشدَّةِ). حديث اغتنم خمساً قبل خمس | المرسال. [٧] وجاء في بعض الروايات أن يأخُذ الإنسان من صحّته لِمرضه؛ أي من زمن صحته لمرضه، فيشتغل في حال صحته بالعبادة والطاعة، وإن طرأ عليه مرضٌ وقصّر؛ فإنّ الله -تعالى- يكتب له الأجر. [٨]
غناك قبل فقرك
يُقصد بذلك اغتنام أوقات الغنى بالطاعة والتصدُّق قبل أن يأتي الفقر، [٥] و(اغتنم غِناك)؛ أي القُدرة على أداء العبادات الماليّة والخيرات، (قبل فقرك)؛ أي قبل أن يأتي الفقر والفقد إمّا بالحياة أو بسبب الممات. [٩]
فراغك قبل شغلك
المقصود اغتنام الفراغ بالطاعة في الدُّنيا قبل الانشغال بأهوال القيامة ، لعلّها تكون شفيعةً لهُ من العذاب، [٥] فالوقت والفراغ هو رأس مال الإنسان، وهو من أعظم نعم الله -تعالى- عليه، كما أنّ أهل الجنّة يتحسّرون على الوقت الذي مضى من أعمارهم من غير طاعة.