وقال بعض أهل العلم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شدد عليه في سكرات الموت، رفعة لدرجاته، وإلا فهو المغفور له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، ثم بدأت الحمى الشديدة تنتشر في جسده عليه الصلاة والسلام، فيقول: "هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن"، فيوضع في مخضب ثم يصب عليه الماء من تلك القرب، حتى أشار إليهم: أن حسبكم" [10]. وكانت فاطمة بجوار النبي - صلى الله عليه وسلم، وقد رأته وهو يعاني من هذه السكرات العظيمة، فقالت: واكرب أباه. فقال لها: "ليس على أبيك كرب بعد اليوم" [11]. وفاة الرسول هجري - ووردز. ولما هم بالصلاة مع الناس أغمي عليه ثلاث مرات [12] ، ثم أفاق، ولكنه لا يزال يحمل هم الدعوة إلى الله، فيقول وهو في آخر رمق من حياته: " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم [13] ، لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد [14] ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك" [15]. تقول عائشة - رضي الله عنها -: لما نزل به - أي الموت - ورأسه على فخذي غشي عليه ثم أفاق، ثم شخص بصره إلى سقف البيت، وقد أخبرنا قبل ذلك: "إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة" فيخير بين الدنيا وبين ما عند الله، فعرفت أنه لا يختارنا، وأنه الحديث الذي كان يحدثنا وهو صحيح، ثم رفع بصره إلى السماء، وجعل يقول: "مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا: اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى اللهم الرفيق الأعلى" فكانت آخر كلمة تكلم بها حتى قبض [16] ، ومالت يده الشريفة.
ص275 - كتاب تاريخ الإسلام ط التوفيقية - وفيات الطبقة - المكتبة الشاملة
اليوم هو الإثنين 23 رمضان (9) 1443 هجريًا الموافق 25 ابريل - نيسان (4) 2022 ميلاديًا. اليوم هو اليوم رقم 260 من العام 1443 هجري (سنة بسيطة) و اليوم رقم 115 من العام 2022 ميلادي (سنة بسيطة). هذا هو التاريخ الهجري اليوم في مدن عمان. بما في ذلك مسقط, السيب, صلالة, بوشر, صحار, السويق, عبري, صحم, بركاء, الرستاق, البريمي, نزوى, صور, بهلاء, الخابورة, شناص, سفالات سمائل, إزكي, ليوا, إبراء ومدن أخرى.
وفاة الرسول هجري - ووردز
قال ابن عبد البر: "ثم لما دنت وفاته - عليه السلام -، أخذه وجعه في بيت ميمونة، فخرج إلى أحد، فصلى عليهم صلاة الميت، ودعا لهم، وكان ذلك بعد ثماني سنوات من استشهادهم" [4]. اهـ،
وكان أول ما يشكو في علته الآلام الشديدة في رأسه، فدخل على عائشة - رضي الله عنها -، فقالت: وارأساه يا نبي الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك لو كان وأنا حي، فأستغفر لك، وأدعو لك"، فقالت عائشة: واثكلياه، والله إني لأظنك تحب موتي، ولو كان ذاك، لظللت آخر يومك معرسًا ببعض أزواجك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بل أنا ورأساه" [5]. ص275 - كتاب تاريخ الإسلام ط التوفيقية - وفيات الطبقة - المكتبة الشاملة. وفي الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسأل في مرضه الذي مات فيه، يقول: "أين أنا غدًا؟ أين أنا غدًا؟" يريد يوم عائشة، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء [6]. تقول عائشة - رضي الله عنها -، وهي تحكي مشهد احتضاره - عليه السلام -: "كان بين يديه ركوة فيها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول: "لا إله إلا الله إن للموت سكرات". ثم نصب يده فجعل يقول: "في الرفيق الأعلى". حتى قبض ومالت يده [7]. تقول عائشة - رضي الله عنها -: مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنه لبين حاقنتي وذاقنتي، فلا أكره شدة الموت لأحد أبدًا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - [8] ، وتقول أيضًا: "ما رأيت أحدًا أشد عليه الوجع من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -" [9].
بل إنه عليه الصلاة والسلام: توفي ودجرعه مرهونة عند يهودي بقلاقين صاعًا من شعير [20]. ٣- أن موته عليه الصلاة والسلام من أعظم المصائب، ولن يبتلى المسلمون بمصيبة أعظم من وفاته، روى الدارمي في سننه من حديث ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي فإنها من أعظم المصائب" [21] ليكون ذلك تسلية له في مصيبته. وروى الترمذي في سننه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء وما نفضنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الأيدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا" [22]. وقالت فاطمة - رضي الله عنها - لأنس بعدما دفن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التراب؟! " [23]. قال الشاعر:
اصبر لكل مصيبة وتجلد
واعلم بأن المرء غير مخلد
وإذا أتتك مصيبة تشجى بها
فاذكر مصابك بالنبي محمد [24]
اللهم احشرنا في زمرته، وأوردنا حوضه، واجعلنا من أتباعه. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
[1] البخاري برقم (٤٦٦)، ومسلم برقم (٢٣٨٢).