وقوله: (أم زاغت عنهم الأبصار) (أم) منقطعة كأنهم أضربوا عن إنكار الاستسخار، وأنكروا على أنفسهم ما هو أشد منه، وهو أنهم جعلوهم محقرين لا ينظر إليهم بوجه، والتعبير بـ(زاغت) دون" أزغنا" للمبالغة كأن العين بنفسها تمجهم؛ لقبح النظر إليهم، وقوله: (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) الإشارة فيه إلى: التفاوض والتقاول والتدافع الذي حكي عنهم، و(تخاصم) بالرفع على قراءة الجمهور خبر لمبتدأ محذوف أي: هو تخاصم والجملة في محل نصب بيان لاسم الإشارة، والإبهام ثم التبيين لزيادة التقرير، وأما على قراءة النصب فهو بدل من اسم الإشارة أيضًا. المعنى الإجمالي:
الأمر هذا الذي وصفنا، وإن للمتجاوزينَ حقَّ التوحيدِ إلى الكفرِ لَقَبِيحَ مَرْجِعٍ. النار المحرقة البعيدة القاع يدخلونها ويعذبون بها ويفترشونها، فقبح وذم وساء الفراش جهنم. تفسير آيات من سورة ص. هذا العذاب فليحسوا به، ماء شديد الحرارة، وقيح وصديد يجري من أجساد أهل النار، أو عين في جهنم ينغمسون فيها، يصهر به ما في بطونهم والجلود، وعذاب آخر من مثل المذكور في الشدة والفظاعة أنواع، ويقال للرؤساء عند دخولهم النار: هذا جمع كثير داخل وسط شدة مخيفة في صحبتكم! فيقول الرؤساء: لا سعة عليهم، إنهم داخلون النار، قال الأتباع للرؤساء: بل أنتم لا سعة عليكم، أنتم سببتم لنا هذا العذاب، فبئس المقر للجميع جهنم، قالوا: سيدنا ومالكنا، مَن سَبَّبَ لنا هذا العذابَ فزده عقابًا مضاعفًا في جهنمَ، وقالوا: أي شيء حدث لنا حال كوننا لا نبصرُ رجالًا في جهنم كنا نعتبرهم في الدنيا من الأراذل؟ وننكر على أنفسنا الآن الاستهزاء بهم في الدنيا أو جعلهم مسخرين، بل ننكر على أنفسنا ما هو أفظع وأشد، وهو جعلهم محقرين حتى كأن العين بنفسها تمجُّهم لقبح النظر إليهم، إن هذا التدافع والتفاوض والتقاول لا بد من وقوعه البتة، وهو تقاول أهل النار.
- تفسير سورة ص السعدي
- تفسير سورة ص للناشئين
تفسير سورة ص السعدي
8 - أيصح أن ينزل عليه القرآن من بيننا، ويخص به، ولا ينزل علينا ونحن السادة الكبراء، بل هؤلاء المشركون في شك مما ينزل عليك من الوحي، ولمَّا يذوقوا عذاب الله، فاغتروا بإمهالهم، ولو ذاقوه لما تجاسروا على الكفر والشرك بالله والشك فيما يوحى إليك. 9 - أم عند هؤلاء المشركين المكذبين خزائن فضل ربك العزيز الذي لا يغالبه أحد، الذي يعطي ما يريد لمن يريد، ومن خزائن فضله النبوة، فيعطيها من يشاء، وليست هي لهم هُم حتى يمنحوها من شاؤوا ويمنعوها من أرادوا. 10 - أم لهم ملك السماوات وملك الأرض وملك ما فيهما؟ فيحق لهم أن يعطوا ويمنعوا؟ إن كان هذا زعمهم فليأخذوا بالأسباب الموصلة إلى السماء ليتمكنوا من الحكم بما أرادوا من منع أو إعطاء، ولن يستطيعوا ذلك. 11 - هؤلاء المكذبون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - جند مهزوم مثل من سبقه من الجنود التي كذبت رسلها. تفسير سورة ص للناشئين. 12 - ليس هؤلاء المكذبون أول مكذب؛ فقد كذب قبلهم قوم نوح، وكذبت عاد، وكذب فرعون الذي كانت له أوتاد يعذب بها الناس. 13 - وكذبت ثمود، وكذب قوم لوط، وكذب قوم شعيب، أولئك هم الأحزاب الذين تحزبوا على تكذيب رسلهم والكفر بما جاؤوا به. 14 - ما كل أحد من هذه الأحزاب إلا وقع منه تكذيب الرسل، فحق عليهم عذاب الله وحل عليهم عقابه وإن تأخر إلى حين.
تفسير سورة ص للناشئين
ما ترشد إليه الآيات:
1- بيانُ حالِ أهل النار. 2- تنوعُ عقابهم. 3- تبرؤُ الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبَعوا. 4- الدعاءُ عليهم. 5- دعاءُ الأتباع على المتبوعين. 6- وصفُهم بأنهم سببُ بلائهم. 7- تبكيتُهم لأنفسهم على ما قدموا من الإساءة للفقراء. 8- الواقعةُ خافضة رافعة. 9- تخاصمُ أهلِ النارِ حقٌّ لا بد من وقوعِه.
قال له صاحبه: وما ذاك ؟ قال: من ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله ، فيكشف ما به فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له. فقال أيوب: لا أدري ما تقول غير أن الله يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله - عز وجل - فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما ، كراهية أن يذكرا الله إلا في حق. قال: وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم أبطأ عليها وأوحى الله تعالى إلى أيوب - عليه السلام - أن ( اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) فاستبطأته فتلقته تنظر فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان. فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى. فوالله على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا. تفسير سورة ص التفسير الميسر. قال: فإني أنا هو. قال: وكان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر الشعير حتى فاض. هذا لفظ ابن جرير رحمه الله وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " بينما أيوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحثو في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال: بلى يا رب ولكن لا غنى بي عن بركتك ".