تاريخ النشر: 2012-04-03 11:29:23
المجيب: د. محمد عبد العليم
تــقيـيـم:
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أكتب إليكم بعد أن حاولت بشتى الطرق أن أعتمد على نفسي في علاج مرضي، فأنا أعاني من حالة اكتئاب بسبب الخوف من الموت حالة شديدة جدًا. لماذا أخاف من الموت ؟. فأنا فتاة أبلغ من العمر 25 عاما، مخطوبة، ومقدمة على الزواج، وموعد زفافي آخر شهر 6 ، إن شاء الله، ومشكلتي تتلخص في أني أخاف خوفا شديدًا من الموت، علما أنني مؤمنة -الحمد لله-، لكن الحالة التي تصيبني حالة غير عادية جاءت لي قبل ذلك بعد وفاة جدتي منذ سنوات، وقد شفيت منها بعد استشاراتكم، ونصائحكم، وقد رزقني الله بعمل وقتها فانشغلت عن هذا المرض. الآن عاد لي الخوف من جديد، وقد حدث لي منذ أشهر عندما طلبتني إحدى صديقاتي في الفجر كي توقظني لأصلي الفجر منذ ذلك اليوم، وأنا أخاف أن أقوم لصلاة الفجر، وأحس أني لو صليت سأموت بعدها، وقويت نفسي، وكنت أحاول؛ لأني كنت أستيقظ على الآذان، فكنت أقوم أصلي خوفا من أني أسمع الآذان لأصلي وبعدها جاءت وفاة عمي وزادت حالتي في السوء من الخوف الشديد، واستيقظت في الليل قبل الفجر، وأنا أرتعش، وأحس أني مخنوقة ونفسي مكتومة. أخاف لو سمعت صوت كلاب في وقتها، وأخاف حتى من الكلام لو أحد سلم علي بقوة أقول هذا يودعني، ولو زرت أختي أقول هذه آخر مرة أراها، حتى أني بعدت عن بعض أصدقائي خوفا من الحسد، وأصبحت إنسانة سلبية جدًا على الرغم من أني حاولت بشتى الطرق أن أعالج نفسي، وأذكر الله في سري، وأستغفر، وأقول هذا شيطان، لكن وقتها أقول أنا سأموت، وربي يذكرني لأني تعبت فعلا.
29- بخاف من الموت ومش قادرة أعيش.. أعمل إيه؟ - مصطفى حسني - Youtube
29- بخاف من الموت ومش قادرة أعيش.. أعمل إيه؟ - مصطفى حسني - YouTube
لماذا أخاف من الموت ؟
أسأل الله أن يُفَرِّج كربك، وأن يُعَجِّل الخلاص لكم جميعًا. أما بالنسبة لما عجزتَ عن ردِّه من الديون، فالواجبُ عليك أن تُثبته في وصيةٍ لك؛ خشية أن يُفاجئك الموت قبل سداده؛ لما روى البخاري (2738)، ومسلم (1627)، عن ابن عمر أنه سمع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ له شيءٌ يوصي فيه يبيت ثلاث ليالٍ إلا ووصيته عنده مكتوبةٌ))؛ قال عبدالله بن عمر: "ما مرَّتْ عليَّ ليلةٌ منذ سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي". ولتعلمْ - أيها الحبيب - أن المسلمَ الصادقَ إن عزم على رد الحقوق لأهلها، ثم فاجأه الموت، فإنه يرجى مِن الله تعالى أن يعفوَ ويتجاوزَ عنه، وأن يرضي عنه أصحاب الحقوق يوم القيامة؛ لما رواه البخاري (2387) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن أخذ أموال الناس يُريد أداءها أدى الله عنه، ومَن أخذ يريد إتلافها، أتْلَفَهُ الله)). 29- بخاف من الموت ومش قادرة أعيش.. أعمل إيه؟ - مصطفى حسني - YouTube. قال الحافظ ابن حجرٍ - رحمه الله - في الفتح: "قوله: ((أدى الله عنه)) في رواية الكُشْمِيهَنِيِّ: ((أداها الله عنه))، ولابن ماجه وابن حبان والحاكم مِن حديث ميمونة: ((ما من مسلمٍ يدان دينًا يعلم الله أنه يريد أداءه، إلا أداه الله عنه في الدنيا))، وظاهرُه يحيل المسألة المشهورة فيمن مات قبل الوفاء بغير تقصيرٍ منه؛ كأن يعسر مثلًا، أو يفجأه الموت وله مالٌ مخبوءٌ، وكانتْ نيته وفاء دينه، ولم يوف عنه في الدنيا.
أخاف من الموت.. نصائح وتوصية
الروح ، ذلك الكنه السديمي الضبابي المجهول لدينا ، ليست ذات أبعادٍ ثلاثة ، ولا أربعة ، ولا أكثر ولا أقل ، بل هي متعالية على جميع الأبعاد. فلماذا نُحبّ أن نبقى سجناء الصلصال والفَخَّارِ والحمإ المسنون ؟! أيُّ ضعفٍ هذا الذي يسيطر علينا ، وأيُّ رعب ورهبة وارتياعٍ يَتَمَلَّكُنَا ويَتَخَلَّلُنَا ويَسْكُنُنَا لمجرد استحضار فكرة الخروج من السجن ؟! أخاف من الموت.. نصائح وتوصية. هل أَلِفْنَاهُ فلم يخطر ببالنا أن نخرج منه يوماً ما ؟! أَيَّةُ أَنْفُسٍ تلك التي تلتذّ وتذوب حبا بالسجن راسفةً في الأغلال مُضْنَاةً تَنُوْءُ بالقيود وتَحْبُوْ بطيئةً كسلحفاة عرجاء عمياء ؟! أهي أَنْفُسٌ ماسوشية فتيشيّة ؟! أم هي أنفسٌ هزيلة عجفاءُ مهزوزة ؟! ثم تعالوا جميعاً إلى هنا ، أين تكمن اللذة في البقاء داخل جسدٍ فانٍ عُرْضَةٍ للآفات سريع العطب ، وأَيَّةُ متعة في التَعَرُّضِ لِوَخْزِ الآلام النفسية والجسدية كُلَّ حين ، وأية سعادة موهومة في الإجازة الخاطفة أثناء الغيبوبة الجَبْرِيَّةِ كُلَّ ليلة ثم بداية الكرّة مرةً أخرى في دوامةٍ لا تنتهي من اللهاث وراء السراب والاستماتة في سبيل جمع المال وبناء البيوت وأنت تعلم علم اليقين أنك لن تبقى حتى تحوز المتعة الكاملة والسعادة المطلقة.
* أثر: قيل لعمر بن عبدالعزيز – رحمه الله – في مرضه الذي مات فيه: هَلاّ تَدَاوَيْت يا أبا عبد الملك ؟! فقال: والله لو كان شفائي في لمس أُذُنِي ما لمستُها ؛ نِعْمَ المَذْهُوْبُ إليه ربّي ، وما أنا على صحبتكم بحريص. (توفي وهو في الحادية والأربعين من عمره!! ) * مِنَ الغَرْب: قالت إحدى المفكّرات الغربيات وقد تَعَجَّبَ عُوَّادُها وهي على فراش الموت من أنها قلقة مرتبكة رغم أنها كانت لا تهاب الموت ولها في ذلك أقوال كثيرة ؛ فقالت: دائماً ما أشعر بالارتباك والقلق عندما أقوم بأمرٍ ما لأول مرّة. * ومن الشرق: قال أبو العلاء المعرّي:
تَعَبٌ كُلُّهَا الحَيَاةُ فَمَا أَعْـــــــــــ *** ـــــــــجَبُ إلا مِنْ رَاغِبٍ في ازْدِيَادِ
للكاتب/ فيصل الماجد