والحديث صححه ابن الملقن في "البدر المنير" (4/173) ، والشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (857). فتبين من سياق الحديث: أنه كان جائزا للمصلي أن يرد السلام نطقا في الصلاة ، ثم نهى الله بعد ذلك عن الكلام في الصلاة ، فأصبح محظورا ممنوعا بعد أن كان مباحا. قال ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (3/207): " أجمع العلماء أن المصلي لا يرد السلام متكلمًا ". انتهى. وقد نصّ أهل العلم على أن حديث ابن مسعود دليل على أن المنع من الكلام الأجنبي في الصلاة ، ومن ذلك ردّ السلام ، وأنه ناسخ لما كان عليه الأمر قبل ذلك من الإباحة. قال ابن عبد البر في "التمهيد" (1/354):" وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنَ الْكَلَامِ كَانَ بَعْدَ إِبَاحَتِهِ فِي الصَّلَاةِ ، وَأَنَّ الْكَلَامَ فِيهَا مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْهُ ، وَالْمَنْعِ مِنْهُ ". انتهى. وقال ابن العربي في "المسالك في شرح موطأ مالك" (3/181):" وحديث ابن مسعود: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا يُتَكلم في الصلاة. فلا يجوز الكلام في الصلاة ؛ لأنه أمر نُسِخ ، والمنسوخ لا يجوز العمل به ". انتهى. إسلام ويب - رد المحتار على الدر المختار - كتاب الصلاة - باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها- الجزء رقم1. وقال ابن الجوزي في " إخبار أهل الرسوخ.. " (ص42):" رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يُصَلِّي فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ.
- إسلام ويب - رد المحتار على الدر المختار - كتاب الصلاة - باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها- الجزء رقم1
إسلام ويب - رد المحتار على الدر المختار - كتاب الصلاة - باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها- الجزء رقم1
وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الركعتين بعد العصر، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، قالت دخل وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار فصلاهما، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه، فقولي له: تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري، ففعلت الجارية، فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: ( يابنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر، فإنه أتاني أناس من بني عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان) رواه البخاري ومسلم. ففي هذه الأحاديث مشروعية السلام على المصلي وهو في صلاته، وأنه إنما يرد السلام بالإشارة لإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ورده بالإشارة فقط. انتهى. وقال العلامة الشوكاني في نيل الأوطار:
وعن عبد الله بن مسعود حديث عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي: { سلمنا عليه فلم يرد علينا}
وينبغي أن يحمل الرد المنفي ههنا على الرد بالكلام لا الرد بالإشارة؛ لأن ابن مسعود نفسه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد عليه بالإشار،ة ولو لم ترد عنه هذه الرواية لكان الواجب هو ذلك جمعا بين الأحاديث.
( قوله وقد زدت عليه المتفقه على أستاذه) كما في القنية والمغني ومطير الحمام ، وألحقته فقلت كذلك أستاذ إلخ ، هكذا يوجد في بعض النسخ ، وهو من تتمة عبارة صاحب النهر ، والبيت المذكور من نظمه ( قوله كذلك أستاذ) فيه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم ح عن شيخه.