أما النوم فهو الداعي الثقيل. وهنا أنزل الله عليهم النعاس بمثابة مقدمة للنوم ليستريحوا قليلاً. ونعلم أن النوم آية من آيات الله عز وجل في كونه؛ لأن الجسم حين يعبر عن نفسه بالحركة والطاقة ويأكل الغذاء ويشرب الماء ويتنفس الهواء، كل ذلك يتحول إلى طاقة ثم إلى وقود للحركة. اذ يغشيكم النعاس. وهذه الطاقة تتكون بالتفاعل بين العناصر المختلفة، من تمثيل للغذاء وتحويل الطعام إلى نوعيات مختلفة لتغذية كل خلية من خلايا الجسم بما يناسبها، ثم استخلاص " الأوكسجين " عبر التنفس وطرد ثاني أكسيد الكربون، وعشرات الآلاف من التفاعلات الكيميائية لا توجد بها فضلات لتخرج، وهي تختلف عن التفاعلات الأخرى التي تخرج منها الفضلات من أحد السبيلين، أو من صماخ الأذن أو غير ذلك. ومثل هذه الفضلات إنما تنتج من الاحتراقات التي نقول عنها: " العادم " في الآلات الميكانيكية. والعادم هو نتيجة الاحتراق وهي غازات تنفصل لتسير الحركة. وفي الإنسان نجد العادم يتمثل في الغائط، وما خرج من صماخ الأذن، و " عماص العين " ، والعرة، كلها عوادم. لكنْ هناك لون من تركيبة هذه التفاعلات يُمثل لإيجاد الطاقة وليس له عادم. والوسيلة الأساسية لاستعادة التوازن الكيميائي المناسب للإنسان هي أن نريح الجسم، وتتفاعل مواد الجسم مع نفسها ويعود طبيعياً.
- القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنفال - الآية 11
القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنفال - الآية 11
وذلك أنهم عدد الناس ، وكانوا حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله ، إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا ، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذممنا ، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى أن عليها نصرته إلا بالمدينة ، وأنه ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو بغير بلادهم. فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه سعد بن معاذ - وقيل سعد بن عبادة ، ويمكن أنهما تكلما جميعا في ذلك اليوم - فقال: يا رسول الله ، كأنك تريدنا معشر الأنصار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجل فقال: إنا قد آمنا بك واتبعناك ، فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك. القرآن الكريم - تفسير القرطبي - تفسير سورة الأنفال - الآية 11. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امضوا على بركة الله فكأني أنظر إلى مصارع القوم. فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبق قريشا إلى ماء بدر. ومنع قريشا من السبق إليه مطر عظيم أنزله الله عليهم ، ولم يصب منه المسلمين إلا ما شد لهم دهس الوادي وأعانهم على المسير. والدهس: الرمل اللين الذي تسوخ فيه الأرجل. فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أدنى ماء من مياه بدر إلى المدينة ، فأشار عليه الحباب بن المنذر بن عمرو بن الجموح بغير ذلك وقال له: يا رسول الله ، أرأيت هذا المنزل ، أمنزلا أنزلكه الله فليس لنا أن نتقدمه أو نتأخر عنه ، أم هو [ ص: 336] الرأي والحرب والمكيدة ؟ فقال عليه السلام: بل هو الرأي والحرب والمكيدة.
(إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ) الأنفال 11 خاف المسلمون من المشركين لكثرتهم، فعالج خوفهم بالنوم، وما استيقظوا منه إلا وأنفسهم تغمرها السكينة، وكلنا يعلم بالتجربة أن النوم يخفف الكثير من وطأة الحزن والخوف، قال الإمام علي (ع): ما انقض النوم لعزائم اليوم. أي قد يعزم المرء على أمر فإذا نام وقام انحلت عزيمته. التفسير الكاشف ج3 ص457 أقرأ التالي 18 يناير، 2021 آية وتفسير: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم 16 يناير، 2021 آية وتفسير: يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال 12 يناير، 2021 آية وتفسير: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب 9 يناير، 2021 آية وتفسير: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم