[٣]
كما أن الإسلام لم يعد الخلق سلوكاً فقط، بل عده عبادة يؤجر عليها الإنسان، ومجالاً للتنافس بين العباد، وقد جاءت العديد من الأدلة الشرعية على ذلك، ومنها: [٥]
قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون). [٦]
رتب الإسلام على حسن الخلق أجراً ثقيلاً في الميزان، قال - صلى الله عليه وسلم-: (ما من شيءِ أثقلَ في الميزان مِن حُسن الخُلق). [٧]
قال - صلى الله عليه وسلم-: (إن المؤمنَ لَيُدركُ بحُسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم)؛ [٨] أي أنه جعل حسن الخلق كأجر العبادات الأساسية. الكذب ليس من صفات المؤمنين. سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟، فقال: (تقوى اللهِ وحُسن الخُلق)؛ [٩] أي أن حسن الخلق وسيلة من وسائل دخول الجنة. وفي حديث آخر ضمن لصاحب الخلق دخول الجنة، بل الوصول إلى أعلى درجاتها، فقال: (أنا زعيمٌ ببيت في ربَضِ أطراف الجنَّةِ لِمَن ترَك المِراءَ وإن كان محقًّا، وببيتٍ في وسَط الجنة لِمَن ترَك الكذبَ وإن كان مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّة لمن حسُن خلُقه).
- حديث عن الكذب - موضوع
- الكذب ليس من صفات المؤمنين
- أيكون المؤمن كذاباً؟؟
حديث عن الكذب - موضوع
السؤال:
هل ورد عن النبي ﷺ أن المؤمن لا يكذب لكن قد يعمل المعاصي الأخرى، فما هو توجيه الحديث من كذب فتاب ويخشى أن يكون قد كتب كذابًا. فما عليه؟
الجواب:
المؤمن الصادق لا يكذب، ولكن قد يكذب لنقص إيمانه وضعف إيمانه، فالواجب على كل مؤمن أن يحذر الكذب، ينبغي أن يتحرى الصدق، يقول النبي ﷺ: عليكم بالصدق! حديث عن الكذب - موضوع. فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب! فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار [1] ، ويقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، ويقول سبحانه: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [المائدة:119]. فالواجب تحري الصدق والحذر من الكذب أينما كان إلا في الأوجه التي يجوز فيها الكذب، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها: لم يسمع النبي ﷺ يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها [2] ، في هذا لا بأس في الثلاث إذا كذب للمصلحة، في هذه الثلاث فلا بأس: الإصلاح بين الناس، وفي الحرب من غير أن يغدر، وفي حديث الرجل مع امرأته، والمرأة مع زوجها [3].
الكذب ليس من صفات المؤمنين
ذات صلة ما أهمية الأخلاق أهمية الأخلاق ومكانتها في الإسلام
صقل شخصية الفرد
تعتبر الأخلاق حدى مقومات شخصية المسلم؛ فهي تزرع في نفس صاحبها الرحمة والصدق والعدل والأمانة والحياء والعفة والتعاون والتكافل والإخلاص، والتواضع وغيرها من الأخلاق الحميدة، فالأخلاق الحسنة هي اللبنة الأساسية للفلاح والنجاح، قال تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)، [١] ، ويقول تعالى: ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)، [٢] والتزكية تعني تهذيب النفس باطناً وظاهراً في حركاته وسكناته. [٣]
تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة
إن سعادة الإنسان تكون على قدر امتثال المسلم بتعاليم الإسلام في سلوكه وأخلاقه، [٤] فالسعادة تكون في الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح؛ حيث إن الالتزام بقواعد الأخلاق الإسلامية كفيل بتحقيق أكبر قدر ممكن من السعادة للفرد والجماعة، فأسس الأخلاق الإسلامية لم تهمل أي جانب من جوانب الحياة لتحقيق سعادة الفرد الذي يمارس فضائل الأخلاق ويجتنب رذائلها، كما أنها تعمل على تحقيق سعادة المجتمع من خلال تقوية أواصر المحبة والتعاون التي تنتج بين أفراد المجتمع نتيجة التعامل الخلوق فيما بينهم.
أيكون المؤمن كذاباً؟؟
وأما قوله: إن المؤمن قد يكون بخيلا، وقد يكون جبانا، فهذا معلوم بالمشاهدة، معروف بالأخبار والمعاينة، ولكن ليس البخل ولا الجبن من صفات الأنبياء، ولا الجلة من الفضلاء; لأن الكرم والسخاء من رفيع الخصال. وكذلك النجدة والشجاعة وقوة النفس على المدافعة إذا كان في الحق; ألا ترى إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: " ثم لا تجدوني بخيلا، ولا جبانا ". من "الاستذكار" (27/354) ، وينظر أيضا: "التمهيد شرح الموطأ" لابن عبد البر (16/253). وأما الحديث الثاني فهو حديث صحيح متفق عليه ، أخرجه البخاري في "صحيحه" (2475) ، ومسلم في "صحيحه" (57) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ، يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ». ومثل هذا الحديث في المعنى ما أخرجه أبو داود في "سننه" (4690) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا زَنَى الرَّجُلُ خَرجَ منه الإيمانُ، كان عليه كالظُّلَّة ، فإذا أقلَعَ رَجَعَ إليه الإيمان".
ومن أنواع الكذب الذي شدَّد الإسلام في التحذير منه الأيمانُ الكاذبة في بيع السلعة، فعَنْ أَبِي ذَر رضي الله عنه عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلّمُهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَلاَ يُزَكّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» قَالَ: فقالها رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلاَثَ مِرَارٍ، قَالَ أَبُو ذَرَ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ: «الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ وَالْمَنّانُ وَالْمُنَفّقُ سِلْعَتَهُ بالحلف الكاذب». ومن أكثر أنواع الكذب انتشاراً الكذب في المزاح حيث يظن البعض أنه يحل له الكذب إذا كان مازحاً، وهو العذر الذي يستباح به الكذب وهذا خطأ شائع ولا أصل له في الشرع المطهَّر، والكذب حرام مازحاً كان صاحبه أو جادّاً، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأمزح ولا أقول إلا حقّاً». وعن أبي هريرة قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: «إني لا أقول إلا حقا». أشرف محمد شبل
تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز