الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذه العبارة رواها الحارثي في مسند أبي حنيفة عن ابن عباس مرفوعاً. وأخرجها ابن السمعاني عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وقال الحافظ ابن حجر: وفي سنده من لا يعرف. وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث مسند الفردوس: اشتهر على الألسنة، والمعروف في كتب الحديث أنه من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغير لفظه. اهـ. من كشف الخفاء. وأخرج الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإنَّ الإمام إن يُخطئْ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة». ما صحة حديث: «ادرؤوا الحدود بالشبهات»؟. وفي رواية أخرى للترمذي: «ادرؤوا الحدود ما استطعتم». وأجمع الفقهاء على أن الحدود تدرأ بالشبهات، والشبهة ما يشبه الثابت وليس بثابت، كمن وطئ امرأة ظنها زوجته، وكمن سرق لدفع هلاك محقَّق عن نفسه، كما حصل في زمن سيدنا عمر رضي الله عنه حيث لم يقطع يد السارق في عام المجاعة، لأنه ما سرق إلا لشدة الجوع. وهكذا. هذا، والله تعالى أعلم.
- شرح حديث: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» - عبد العزيز بن باز - طريق الإسلام
- ما صحة حديث: «ادرؤوا الحدود بالشبهات»؟
- بسم الله الرحمان الرحيم بالخط العثماني
شرح حديث: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» - عبد العزيز بن باز - طريق الإسلام
والنوع الثاني من الشبهة: الشبهة في الفاعل: كمن وطئ امرأة ظنها زوجته. والنوع الثالث: شبهة في الجهة: أي: ما اختلف الفقهاء في حله و حرمته كالنكاح بلا ولي أو بلا شهود، و كل نكاح مختلف فيه فلا يعتبر الوطء في هذا النكاح المختلف في جوازه زناً يحد فاعله بل يقوم الخلاف فيه شبهة تمنع الحد عن الفاعل. شرح حديث: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» - عبد العزيز بن باز - طريق الإسلام. 219- نتائج الأخذ بالقاعدة:
والأخذ بقاعدة:"ادرؤوا الحدود بالشبهات"، سقوط الحد عن الفاعل و قد يعزر الفاعل في بعض الحالات كما في سرقة الأب من مال ولده، يسقط عنه حد السرقة ولكنه يعزر، و من يأت زوجته في دبرها يدرأ عنه الحد للشبهة في المحل ولكنه يعزر وكذا من يأتي زوجته و هي حائض. 220 – من فروع و تطبيقات القاعدة:
منها: ما ذكرناه من أمثلة في أثناء كلامنا عن الشبهة وأنواعها ، ومنها: سقوط حد القذف عن أربعة شهدوا بزنا امرأة، و شهد أربع أنها عذراء؛ لاحتمال صدق شهود الزنا و أنها عذراء لم تُزل بكارتها بالزنا ، و سقط عنها الحد لشبهة البكارة ، و منها: لو ادعى كون المسروق ملكه، سقط الحد، ولو لم يثبت ادعاؤه، و منها: رجوع المقر بالزنا عن إقراره. 221 – الشبهة في القصاص:
القصاص كالحدود في الدفع بالشبهة، فيسقط بها كما تسقط الحدود بها، فلا قصاص على من ذبح نائماً و ادعى أنه ذبحه وهو ميت، و عليه الدية، ولا قصاص بقتل من قال: اقتلني فقتله.
ما صحة حديث: «ادرؤوا الحدود بالشبهات»؟
فتأمل أخي القارئ قول الشيخ ابن الهمام: "يحتال في درئه بلا شك". هذا، ولو شئنا أن نستحضر أقوال العلماء وتقريراتهم لطال بنا المقام. والمقصود من كل ما سبق أن يقال: إن المقطوع به والذي لا يقبل الشك أن الحدود تدرأ بالشبهات وإن ضعفَت كما قال الشاطبي؛ ذاك أن الله تعالى خلق العباد لعبادته {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فإذا أمكن يتركوا وحيواتهم –لا سيّما إذا كان الحد حد قتل وإزهاق روح- ليحققوا حكمة الله تعالى فهو القصد الأعظم من خلقهم، فإذا عرضت شبهة ترفع الحدّ عن المتهم؛ فالسعي في قبولها مشروع، بل الاحتيال لها كما قال ابن الهمام، وكما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ماعز حين لقنه الشبهة، ومع الغامدية حين أراد أن يردّها، وسألته: أتريد أن تردّني؟ فلم ينكر سؤالها. وبعد، فإن ما يتعلق بالشعر والأدب والرواية مما فيه إغماض ومجاز وكنايات لا تصريح فيها؛ هو من أدخل الأمور بالشبهة وألصقها بها، إذ لا يمكن –والحالة هذه- القطع به على مراد صاحبه إلا أن يقر ويعترف بأن مراده كفر وردّة؛ مما كتبَه بشروط الإقرار المعروفة في مظانّها.
والشبهة قد تتطرق إلى جميع سبل الإثبات على المتّهم، في الإقرار، والشهادة، والقرائن، وتفصيل هذا في مظانّه من كتب أهل العلم. وللفقهاء أمثلة يذكرونها في تطبيق هذه القاعدة الجليلة؛ فمن ذلك مثلاً: أنْ لو اتهمت امرأة غير ذات زوج بالزنى بسبب ظهور الحمل عليها؛ والحمل أمر ظاهر بيّن لا شكّ فيه، فهل الحمل بمجرّده سبب كاف لإيقاع الحدّ عليها؟
أما الجمهور –كما يقول الإمام الشوكاني– فلا يعدونه سببًا كافيًا، ما لم يكن معه بيّنة أو اعتراف، هذا والحمل من أظهر الأشياء وأبينها، فلو زعمت المتهمة أنها كانت نائمة، أو أنها كانت مكرَهة؛ أو غير ذلك من الشبهات أُخِذ بقولها وأسقط عنها هذا الحدّ. هذا في مسألة كالحمل وهو ظاهر؛ فكيف لو كان الأمر متعلقًا بقصيدة أو رواية مما يغلب عليه استعمال المجاز ويقوم على الكناية والإغماض ويقبل التأويل وتعدد الأفهام؟ فالشكّ فيها والتأويل والاحتمال؛ لها مجال كبير للشبهة التي ترفع الحدّ. بل حتى الإقرار حين لا يكون هناك دليل غيره –ومعلوم أن الإقرار سيد الأدلة-؛ يرى الفقهاء أن العدول عنه شبهة تسقط الحدّ. وعندما جاء ماعز إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم أخذ يلقّنه الشبهة، وعندما جاءته المرأة الغامديّة وصرفها؛ قالت له: "أتريد أن تردني كما رددت ماعزًا"؟
بل إن الشاطبيّ يرحمه الله ينص على أن الحدّ: "إذا عارضه شبهة وإن ضعفت؛ غلب حكمُها ودخل صاحبُها في حكم العفو".
بسم الله الرحمان الرحيم تسهيل زواج البنت - YouTube
بسم الله الرحمان الرحيم بالخط العثماني
بسم الله الرحمان الرحيم🤍✨ - YouTube
هدانا الله وإياهم إلى الصراط المستقيم. وقد صنف الإمام المحقق الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري المتوفى سنة 463 في البسملة كتاب ( الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف) مطبوع في الرسائل المنيرية (ج 2 ص 153 - 194) جمع فيه كل ما ورد في موضوع البسملة من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين والعلماء رضي الله عنهم أجمعين. وقد ذكر من حجج من أسقط بسم الله الرحمن الرحيم من أول فاتحة الكتاب في الصلاة وكره قراءتها فيها ولم يعدها آية - حديث أبي الجوزاء عن عائشة رضي الله عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين" ثم ساقه من طريق آخر إلى أبي الجوزاء عن عائشة قالت "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح الصلاة بالتكبير؛ والقراءة بالحمد لله رب العالمين، ويختمها بالتسليم" قال أبو عمر: رجال إسناد هذا الحديث ثقات كلهم، لا يختلف في ذلك إلا أنهم يقولون: إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة وحديثه عنها إرسال. وأما الفقهاء فيقولون: إن هذا الحديث لا حجة فيه لمن يرى إسقاط بسم الله الرحمن الرحيم من فاتحة الكتاب؛ وإنما فيه الحجة على من رأى أن فاتحة الكتاب وغيرها سواء؛ وأنه جائز قراءتها وقراءة غيرها دونها في الصلاة؛ ويجيز أن يفتتح الصلاة بغيرها من القرآن.