قال الطيبي: معناه كان النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قوم سلم تسليمه الاستئذان، وإذا دخل سلم تسليمة التحية، ثم إذا قام من المجلس سلم تسليمة الوداع، وهي في معنى الدعاء. وهذه التسليمات كلها مسنونة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليها، ولا مزيد في السنة على هذه الأقسام [7]. وقال ابن القيم: هذا كان هديه في السلام على الجمع الكثير الذين لا يبلغهم سلام واحد، أو هديه في إسماع السلام الثاني والثالث، إن ظن أن الأول لم يحصل به الإسماع [8]. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه كيفية السلام وصيغته الكاملة:
عن عمران بن حصين، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ» ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، فجلس، فقال: «عِشْرُونَ» ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، فجلس، فقال: «ثَلَاثُونَ» [9]. قصة نزول جبريل عليه السلام على الرسول. قال الطيبي: اعلم أن أفضل السلام أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلم عليه واحدا. ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويأتي بواو العطف في قوله: وعليكم السلام، وأقل السلام أن يقول: السلام عليكم [10].
معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإسلام سؤال وجواب
تاريخ النشر: الإثنين 19 رمضان 1433 هـ - 6-8-2012 م
التقييم:
رقم الفتوى: 184773
26366
0
356
السؤال
قرأت في شرح البيقونية للشيخ محمّد أمين ابن عبد الله الأثيوبي ص13: ومعنى الصّلاة من الله الرّحمة المقرونة بالتعظيم، ومعنى السّلام تأمينه صلّى الله عليه وسلّم ممّا يخافه على أمّته، لأنّه معصوم، نعم يُخافُ صلّى الله عليه وسلّم خوف إجلال ومهابة، إذ هو أشدّ النّاس قربا إلى الله تعالى. انتهى كلامه، فهل هذا الكلام صحيح؟. الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 121929 ، كلام أهل العلم في معنى التسليم.
الحديث عن أدب الزيارة النبوية تَتَداعَى إليه أمور تُثِير الحس المُؤمِن، وتجعله يشدو بقلبه ولسانه: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. إن زيارة الرسول الكريم تَعنِي التواجُد في المدينة المنوَّرة والصلاة في المسجد النبوي تشريف، والتشرُّف بالسلام على سيد الأولين والآخرين. أما المدينة ففضلها عظيم ومكانتها كبيرة ومنزلَتُها في الدِّين رفيعة، فهي مُلتَقَى المهاجرين والأنصار، وفيها تأسَّست الدولة الإسلامية، ومنها خرجت جيوش الرحمن وكتائب الإسلام تنشُر نور الله في كل مكان. وقد أخبر الصادق المصدوق ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا يدخلها الطاعون ولا الدجَّال، وأن الإيمان يأرِزُ إلى المدينة كما تَأرِز الحيةُ إلى جُحرها، وأنها تنفي الناس كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديد، وأن المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. معنى الصلاة والسلام على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإسلام سؤال وجواب. وعن مالك ـ رضي الله عنه ـ أن بلغه أن عمر بن عبد العزيز حين خرج من المدينة التفت إليها فبكى ثم قال لمَن معه: يا مزاحمُ، أتخشى أن تكون ممن نفتِ المدينة؟! وسبب زيارة المسجد النبوي لأنه خير مسجد بعد المسجد الحرام، وأحد المساجد الثلاثة التي تُضاعَف فيها الصلاة، ويُسعَى إليها من آفاق الأرض، قال ـ عليه الصلاة السلام: "لا تُشَدُّ الرِّحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد الأقصى".
قصة نزول جبريل عليه السلام على الرسول
كان صلى الله عليه وسلم يعلم الصحابة الجمع بين السلام والاستئذان:
عن ربعي، قال: حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال: ألج [11] ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: «اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟» فسمعه الرجل، فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل [12]. السلام علي الرسول في المسجد النبوي. قال النووي: السنة أن يسلم ويستأذن ثلاثا فيجمع بين السلام والاستئذان كما صرح به في القرآن واختلفوا في أنه هل يستحب تقديم السلام ثم الاستئذان أو تقديم الاستئذان ثم السلام الصحيح الذي جاءت به السنة وقاله المحققون أنه يقدم السلام فيقول السلام عليكم أأدخل والثاني يقدم الاستئذان والثالث وهو اختيار الماوردي من أصحابنا إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدم السلام والاقدم الاستئذان [13]. ختامًا:
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياكم جميعًا للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [1] مختار الصحاح (ص: 325).
هذا وصلوا على من أمركم الله تعالى بالصلاة والسلام عليه قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.
أين ولد الرسول عليه الصلاة والسلام؟ - موضوع سؤال وجواب
وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل. أو كان الرجال جمعاً
كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يُخَفْ عليه ولا عليهن ولا عليها أو
عليهم فتنة. روى أبو داود (5204) عن أَسْمَاء ابْنَة يَزِيدَ قالت: مَرَّ
عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ
عَلَيْنَا. صححه الألباني في صحيح أبي داود. وروى البخاري (6248) عن سَهْلٍ بن سعد قَالَ: كَانَتْ لَنَا
عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضَاعَةَ ( نَخْلٍ بِالْمَدِينَةِ) فَتَأْخُذُ مِنْ
أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ وَتُكَرْكِرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ (
أي تطحن) فَإِذَا صَلَّيْنَا الْجُمُعَةَ انْصَرَفْنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا
فَتُقَدِّمُهُ إِلَيْنَا". انتهى كلام النووي. وقال الحافظ في "الفتح":
عن جواز سلام الرجال على النساء ، والنساء على الرجال، قال:
الْمُرَاد بِجَوَازِهِ أَنْ يَكُون عِنْد أَمْن الْفِتْنَة. ونَقَل عن الْحَلِيمِيّ أنه قال: كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعِصْمَةِ مَأْمُونًا مِنْ الْفِتْنَة, فَمَنْ وَثِقَ مِنْ
نَفْسه بِالسَّلامَةِ فَلْيُسَلِّمْ وَإِلا فَالصَّمْت أَسْلَم.
سُئِلَ الإمام مَالِك هَلْ: يُسَلَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ ؟
فَقَالَ: أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ (وهي العجوز) فَلا أَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا
الشَّابَّةُ فَلا أُحِبُّ ذَلِكَ. وعلَّل الزرقاني في شرحه على الموطأ (4/358) عدم محبة مالك لذلك: بخوف الفتنة بسماع ردها للسلام. وفي الآداب الشرعية (1/ 375) ذكر ابن مفلح أن ابن منصور قال
للإمام أحمد: التسليم على النساء ؟ قال: إذا كانت عجوزاً فلا بأس به. وقال صالح (ابن الإمام أحمد): سألت أبي يُسَلَّمُ على المرأة ؟
قال: أما الكبيرة فلا بأس ، وأما الشابة فلا تستنطق. يعني لا يطلب منها أن تتكلم
برد السلام. وقال النووي في كتابه "الأذكار" (ص 407):
"قال أصحابنا: والمرأة مع المرأة كالرجل مع الرجل ، وأما المرأة
مع الرجل ، فإن كانت المرأة زوجته ، أو جاريته ، أو محرماً من محارمه فهي معه
كالرجل ، فيستحب لكل واحد منهما ابتداء الآخر بالسلام ويجب على الآخر رد السلام
عليه. وإن كانت أجنبية ، فإن كانت جميلة يخاف الافتتان بها لم يسلم الرجل عليها ،
ولو سلم لم يجز لها رد الجواب ، ولم تسلم هي عليه ابتداء ، فإن سلمت لم تستحق
جواباً فإن أجابها كره له. وإن كانت عجوزاً لا يفتتن بها جاز أن تسلم على الرجل ، وعلى
الرجل رد السلام عليها.