وتلك مزية للكناية على غيرها من أساليب البيان» (10). [1]-من التعاريف التي عرفت بها الكناية في الاصطلاح:"لفظ أطلق وأريد به لازم معناه مع جوازه إرادة ذلك المعنى، أي المعنى الحققي للفظ الكناية". علم البيان، عبد العزيز عتيق، بيروت–لبنان، دار النهضة العربية، الطبعة: بدون، 1405هـ/ 1982م، ص203. [2]-الكامل في اللغة والأدب، المبرد، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، دار الفكر العربي، الطبعة: الثالثة، 1417 هـ/1997م، ج2، ص216-215. [3]- كتاب الصناعتين، أبو هلال العسكري، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، بيروت، المكتبة العنصرية، 1419 هـ، ص368. [4]- المصنف، أبو بكر عبد الرزاق الصنعاني، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، الهند، المجلس العلمي، بيروت، المكتب الإسلامي، الطبعة: الثانية، 1403هـ، ح6، ص277. الكناية في القرآن وحفظ اللسان من الألفاظ المستقبحة - إسلام أون لاين. [5]- نهاية الأرب في فنون الأدب، شهاب الدين النويري، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1423 هـ، ج3، ص153. [6]-البحر المحيط في التفسير، أبو حيان الأندلسي، تحقيق: صدقي محمد جميل، بيروت، دار الفكر، الطبعة: 1420هـ، ج2، ص428. [7]- جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبري، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، 1422هـ/ 2001م، ج3، ص233.
جريدة الرياض | إمام المسجد النبوي يحذر من تضييع الحقوق والمماطلة في أدائها
وأما للتفخيم والتعظيم والتبجيل كقولهم:"أبو فلان" صيانة لاسمه عن الابتذال، ومن هذا الوجه اشتقت الكنية (2). إذن؛ فالكناية من أغراضها أنها تأتي للرغبة عن اللفظ الخسيس المفحش إلى ما يدل على معناه، وهذا ما أكده أبو هلال العسكري حينما قرن الكناية بالتعريض، وكأنه اعتبرهما أمرا واحدا، ثم يعرفهما، بقوله:« الكناية والتعريض: وهو أن يكنى عن الشىء ويعرّض به ولا يصرح، على حسب ما عملوا باللّحن والتّورية عن الشىء. كما فعل العنبرى إذ بعث إلى قومه بصرّة شوك وصرّة رمل وحنظلة، يريد: جاءتكم بنو حنظلة فى عدد كثير ككثرة الرمل والشوك. خطبه مكتوبه عن الظلم. وفى كتاب الله تعالى-عز وجل-: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ [المائدة:6]، فالغائط كناية عن الحاجة، وملامسة النساء كناية عن الجماع. وقوله تعالى: وفرش مرفوعة كناية عن النساء. » (3). ومما يؤكد استخدام وتوظيف القرآن الكريم أسلوب الكناية لأجل التعريض وتجنب القول الفاحش والقبيح وغير اللائق حديث عبد الله بن عباس الذي أخرجه عبد الرزاق عن الثوري عن عاصم عن بكر بن عبد الله المزني قال: قال: ابن عباس: (الدخول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس هذا الجماع غير أن الله حَيِيٌّ كريم يكنى بما شاء عما شاء) (4).
الكناية في القرآن وحفظ اللسان من الألفاظ المستقبحة - إسلام أون لاين
البخاري، 893، مسلم: 1829
وهؤلاء كلهم استووا في الاسم لكن المسؤولية اختلفت، والإنسان تكون مسؤوليته بقدر السلطة التي يتولاها، فليحذر الإنسان مِن تولي وظيفةٍ ليس قادرا عليها، فهذا أبو ذر الغفاري يطلب من النبي أن يوليه إمارة، فيقول له: ( يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها). خطبة جمعة عن الظلم. مسلم 1825
فالذي يتولى أمور الناس ينبغي أن تكون فيه قوة ليقف في وجه المفسدين الأقوياء، وليؤدي حق الضعفاء، وليعمل ما ينبغي من خدمة الصالح العام. وإن مما ينبغي أن يكون عليه حالُ من يلي أمور الناس، أيا كانت مرتبته وأيا كانت أن يكون منتبها إلى مدى إخلاصه في عمله وقيامه بالواجب وفي مقدمة ذلك الإحسان إلى الناس، فنبينا عليه الصلاة والسلام دعا ربه فقال: ( اللهم، من ولي من أمر أمتي شيئا فشقّ عليهم، فاشقُق عليه، ومَن ولي من أمر أمتي شيئا فرَفَقَ بهم، فارْفُق به). مسلم: 1828
فالمسؤول الذي يُوقع الناس في المشقة بالإساءة إليهم ويمنعهم من حقوقهم ويحمّلهم ما لا يطيقون يستحق غضب الله تعالى وعقابه. وقد جاء الوعيد الشديد لذاك المسؤول الذي يمتنع من استقبال الناس، وبالتالي تضييع حقوقهم، قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم، وخلّتهم وفقرهم، احتجب الله عنه دون حاجته وخلته، وفقره).
الظلم ظلمات يوم القيامة - ملتقى الخطباء
ومن آداب السفر إذا عزم عليه: أن يخرج من مظالم الخلق، ويرد ما أمكنه من ديونهم، ويستحل ممن كان بينه وبينه معاملة في شيء.
جريدة الرياض | إمام المسجد الحرام: حسن الخلق والكلمة الطيبة منجيات للمرء يوم القيامة
» (6). وقوله تبارك وتعالى: ﴿هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة:187]، وفي ذلك عدول عن التلفظ بلفظ المواقعة إلى لفظ غيره يؤدي معناه، وهو اللباس المتضمن معنى الستر (7). وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً﴾[ البقرة: 235]. والمراد بقوله تعالى:﴿ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا﴾ [البقرة: 235] كناية عن الجماع. وداع رمضان (خطبة). وقد فسر الوعد السر هنا بتفسيرات أخرى لا تبتعد عن المقصد والمبتغى من النهي القرآني، من ذلك بأن لا تراعي القول مع المعتدة، فلا تقل لها مثلا: إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري ونحو هذا (8). وهذا الأمر لا يقتصر على المعتدة بل يتعداها إلى غيرها، فلا يجوز للمسلم أن يطلق كلامه مع المرأة، ويواعدها بالزواج ثم يخلف ذلك. ومن الأمثلة على تجنب القرآن الكريم التصريح في بعض المواقف والانتقال إلى الكناية ما ذكرناه سابقا فيما يخص أوجه الكناية في اللغة العربية قوله تعالى: ﴿ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [سورة المائدة: 6]، فالغائط: المطمئن من الأرض، وكانوا يأتونه لحاجتهم ويستترون به عن الأماكن المرتفعة (9).
وداع رمضان (خطبة)
ولذلك وردت آيات عديدة في مواقف ومواضع شتى من الكتاب العزيز لم يعبر عنها، وهي في الحقيقة كنايات عدل بها عن التصريح تنزيها عن اللفظ المستهجن، ومن الناس من يصرح بها، ويظهر فيها ما لا يجوز أن يظهر، لكن القرآن تعامل مع الأمر بقاعدة ليس كل شيء يقال. جريدة الرياض | إمام المسجد الحرام: حسن الخلق والكلمة الطيبة منجيات للمرء يوم القيامة. ومن تلك المواقف القرآنية التي تدلنا على ذلك ما ورد في قوله تعالى:﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [سورة البقرة:187]. والمراد بـ ﴿ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ﴾ هنا أنه كناية عن الجماع، وعدي به إلى غيره لتضمنه معنى الإفضاء، وسببها هنا أن يكون التصريح مما يستقبح ذكره. وقوله تعالى:﴿ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [سورة البقرة: 223]. وهو كناية حيث شبه النساء بالحرث (5) ، وفي ذلك تنزه حسب رأي كثير من أهل التفسير عن اللفظ المستهجن، فذلك تعبير عن الجماع لكن بألفاظ منتقاة، وهذه الكناية في الآية وصفها الإمام أبو حيان الأندلسي بأنها من بديع الكنايات في القرآن الكريم بقوله:«وهذه الكناية في النكاح من بديع كنايات القرآن، قالوا: وهو مثل قوله تعالى: ﴿يَأْكُلُ الطَّعامَ﴾ ومثل قوله: ﴿وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها﴾ [سورة الأحزاب: 27]، على قول من فسره بالنساء.
حتى مروا على رجل فقالوا: فلان شهيد، وقد اختلف في تعيينه، فقيل: هو مدعم، وقيل: هو كركرة أو كركرة، وكلاهما ممن كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلا، لما ذكروا هذا الرجل قال: كلا، أقرهم على ما تقدم من أسماء لكن هذا الرجل قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: كلا، وكلا كلمة نفي لكنها متضمنة النفي الشديد، الردع والزجر أي ليس الأمر كما تقولون أو تظنون، قد حكموا بظاهر حاله لكن النبي صلى الله عليه وسلم أطلعه الله على شيء من حاله فوته هذه الفضيلة العظيمة وهي الشهادة. الغلول خيانة في المال:
فقال: «إني رأيته في النار» أي يعذب بها، في بردة غلها أو عباءة أي في كساء، قطعة قماش، بردة أو عباءة غلها من الغنيمة أي أخذها من غير حق. خطبه جمعه عن الظلم. هذا الحديث فيه عدة فوائد أبرزها خطورة الغلول، والغلول هو ما أخذ من المال على وجه الخيانة، وقد غلب استعماله فيما يؤخذ من الغنيمة لكن يطلق على ما يؤخذ على وجه الخيانة من الغنيمة ومن غيرها. الحكم بالظاهر:
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر هؤلاء على وصفهم من وصفوا بأنهم شهداء، وهذا مبني على ظاهر الحال ومنه أخذ بعض أهل العلم جواز قول: فلان شهيد، وقد ترجم البخاري لذلك في صحيحه فقال: باب يقال فلان شهيد، أي قول: فلان شهيد، وأن ذلك قد ورد لكن الاستدلال بهذا محل تأمل ونظر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم فلما ذكروا شخصًا لم يعلموا من حاله انتفاء هذا الوصف بين لهم انتفاء هذا الوصف، وهذا يوجب أن يتوقف الإنسان عن الشهادة بالشهادة لمعين، إنما ترجى له الشهادة، ويؤمل أن يكون من الشهداء أما الجزم فإن هذا يتطلب علمًا.