أما عن مسألتنا فلو جاء رجل آخر وعقد على امرأة ما زالت في عدة طلاق رجعي ثم دخل بها فلا يتأبّد التحريم؛ لأنها زوجة لمطلِّقِها ما دامت في العدة، فكأن العاقد إذا وطئها صار كمن زنا بزوجة الغير، ولا يحرُم بالزنا حلال، فلذلك لا تتأبّد الحرمة. وهل يُحَدُّ الواطئ حينئذ لأنه زان أو لا؟ كلام الفقهاء في باب الحد يدل على أنه يحد-كما في شراح مختصر خليل. أفسد زوجته عليه ثم تزوجها هو:
هل يصح نكاح من خَبَّبَ امرأة على زوجها؟
بداية، معنى قولنا(خبب امرأة على زوجها)=أي إفسادها عليه بإغرائها بطلب الطلاق من زوجها ونحو ذلك من أجل أن يتزوجها هو. وقد صح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال:(ليس منا من خبب امرأة على زوجها)
وقد وقع الإجماع على حرمة ذلك. بل هو من الذنوب العظيمة، وهو من فعل السحرة، ومن أعظم أفعال الشياطين، كما في صحيح مسلم
" إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، فيدنيه منه، ويقول: نِعْمَ أنت، فليتزمه". ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أما عن حكم هذا النكاح:
فإن المشهور في المذهب-كما ذكره البنّاني- أن من خبَّب امرأة على زوجها فطلقها ثم تزوجها المُخبِّبُ بعد قضاء عدتها=فإن النكاح يُفسخ ولو بعد الدخول، ولكن لا تتأبّد الحرمة.
- ملعون من خبب امرأة على زوجها – كنوز التراث الإسلامي
- ليس منا من خبب امرأة على زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى
- ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى
ملعون من خبب امرأة على زوجها – كنوز التراث الإسلامي
انظر ( 26890) ، (
52768) ، ( 66266) ، (
59907). كما نرجو أن يكون ذلك حافزاً لكما على إخلاص التوبة لله تعالى ،
والإنابة إليه ، وسؤال المغفرة منه سبحانه على ما فات ، وأخيرا
رد المظالم إلى أهلها. واعلم – أخي الكريم – أن الله سبحانه يقبل التوبة عن عباده إذا
صدقوا فيها ، وأن باب رحمته مفتوح لا يغلق حتى تطلع الشمس من
مغربها ، بل كثيرا ما يكون العبد بعد المعصية والتوبة خيرا منه
قبلها. يقول سبحانه وتعالى: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ
أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ
اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ
هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ
وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ
ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) الزمر/53-54. ويقول عز وجل: ( إنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222. ليس منا من خبب امرأة على زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى. ثانياً:
من شروط التوبة الصادقة رد المظالم إلى أهلها ، فإن المؤاخذة لا
تسقط حتى ترجع المظلمة ويأخذ المظلوم حقه في الدنيا قبل الآخرة. فالواجب على تلك المرأة الرجوع إلى بيتها ، ومحاولة الاعتذار
إلى زوجها السابق عن طريق بعض المقربين منهما ، ولو رفع الأمر
إلى القاضي لما أجاز أي عقد على تلك المرأة حتى تتوب وترجع إلى
زوجها.
ليس منا من خبب امرأة على زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى
ولقد قص علينا القرآن الكريم قصة امرأة متزوجة أحبت فتى غير زوجها، فدفعها هذا الحب إلى أمور كثيرة لا يرضى عنها خلق ولا دين، وأعني بها امرأة العزيز، وفتاها يوسف الصديق. حاولت أن تغري الشاب بكل الوسائل، وراودته عن نفسه صراحة، ولم تتورع عن خيانة زوجها لو استطاعت، ولما لم يستجب الشاب النقي لرغبتها العاتية، عملت على سجنه وإذلاله ليكون من الصاغرين، كما صرحت بذلك لأترابها من نساء المدينة المترفات: (قالت: فذلكن الذي لمتنني فيه، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم، ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين). هذا مع أن هذه المرأة كانت معذورة بعض العذر، فهي لم تسع إلى هذا الشاب، بل زوجها الذي اشتراه وجاء به إلى بيتها، فبات يصابحها ويماسيها، وتراه أمامها في كل حين إذ هو – بحكم العرف والقانون هناك – عبدها وخادمها وقد آتاه الله من الحسن والجمال ما آتاه، مما أصبح مضرب الأمثال. ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى. أ. هـ
ويقول الدكتور أحمد الشرباصي ـ رحمه الله ـ من علماء الأزهر:
لقد حَرَّمَ الله – جلَّ جلاله – زَوَاجَ المرأة المتزوجة، وذلك بنص القرآن الكريم، حين ذَكَرَ ذلك ضمن المُحَرَّمَات بقوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ) (النساء: 24) ومن الكبائر التي يلجأ إليها مَن ليس له دين ولا خُلُق ولا ضمير أن تتطلَّع عينُ الإنسان الخبيثة إلى زوجة غيره، فيطمع فيها، ثم يُحاول هَدْمَ بيت الزوجية، مُنْدفعًا بشيطانه وشهوته، يُريد مِن وراء ذلك أن يُفسد الحياة الزوجية؛ وأن يَهدم بيتها الذي حَصَّنَه الله ورسوله، وإنما يُريد ذلك الأثيم من وراء محاولته أن يستجيب لشهوته المُنْحَرِفَة التي لا يرضى عنها الله ولا رسوله.
ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها - إسلام ويب - مركز الفتوى
وأما أن المرأة الثيب كانت زوجة لغيرك ، وكان بينهما ما يكون
بين المرء وزوجه ، فهذا هاجس لا قيمة له في واقع الأمر ؛ فالذي
يأنف الحر منه أن تكون امرأة لوثت نفسها بعشرة في الحرام ، وأما
ما أحله الله له لعباده وشرعه لهم ، فلا وجه للأنفة منه!! قال الله تعالى: ( عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ
يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ
مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ
ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً) (التحريم:5) ؛ فجعل الله تعالى
النعمة بزواج الثيب ، كالنعمة بزواج البكر. ملعون من خبب امرأة على زوجها – كنوز التراث الإسلامي. ثم ما تخشاه من ضياع أولادك ، هو وارد في كل زيجة تفكر فيها ،
بعد زواجك الأول ؛ والذي نرجوه أنك ، إذا تزوجت هذا المرأة أو
غيرها ، ألا تبني بيتا جديدا على أنقاض بيتك الأول ، الذي فيه
زوجك الأولى وأولادك ؛ بل الواجب على من أراد خوض تلك التجربة
أن يكون عنده من الحكمة والكياسة ما يعينه على تدبير أمر بيته ،
وسياسة رعيته ، وأن يكون عنده من العدل بين نسائه ، وإعطاء كل
ذي حق حقه ، ما لا يبقي عليه تبعة لأحد ، ولا مظلمة يطلبه بها
عند ربه. قيل لرجل من العرب كان يجمع الضرائر: كيف تقدر على
جمعهنّ؟
قال: كان لنا شبابٌ يصابرهنّ علينا، ثم كان لنا مالٌ يصبّرهنّ
لنا، ثم بقي خلق حسن، فنحن نتعاشر به ونتعايش
[ عيون الأخبار 1/396].
المقدم: جزاكم الله خيراً، وأحسن إليكم. فتاوى ذات صلة