لِمُضاعفةِ الأُجور حِكَمٌ جليلةٌ، فمن أهمها: تَعوِيضُ الأُمَّةِ عن قِصَرِ أعمارِها بالنسبة لأعمار الأُمَمِ السَّابقة: قال ابنُ هُبيرة رحمه الله: (إنَّ الله تعالى لَمَّا صَرَمَ هذه الأُمَّة أخْلَفَها على ما قَصُرَ من أعمارها بتضعيف أعمالها). وأكَّد هذا النيسابوري رحمه الله بقوله: (كان لِلأُمَمِ أعمارٌ طويلةٌ، وطاعاتٌ كثيرةٌ، فوَضَعَ اللهُ لهذه الأُمَّة ليلةَ القدر خيراً من ألفِ شهرٍ، وأضْعافَ الأعمال: كقوله تعالى: { مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} [الأنعام: 160]؛ وقولِه: سبحانه: { كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261]؛ وقوله تعالى: { إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ} [الزمر: 10]. ومن الحِكَم: رَحْمَةُ اللهِ بالعبد حتى لا يَهْلَك في الآخِرة؛ لِكَثْرَةِ سيِّئاته: قال النيسابوري رحمه الله: (لو أنَّ الخُصماء يَتعلَّقون بهم يوم القيامة فيذهبون بأعمالهم، إلى أنْ تَبَقَّى الإضعافُ؛ فيقول اللهُ تعالى: أضعافُهم ليستْ من فِعلهم، هي من رحمتي، فلا أقْتَصُّ منهم أبداً). الطمع في كرم الله وفضله - منبع الحلول. فحِكْمَةُ التَّضعيف؛ لئلاَّ يُفلِسَ العبدُ إذا اجتمع عليه الخُصوم، فيُدْفع إليهم واحدة، وتبقى له تِسْع، فالتَّضعيف فَضْلٌ من الله تعالى، وأصل الحسنة الواحدة عدلٌ منه تبارك وتعالى.
ما يدل على يكرم الله وفضلة مضاعفة الأجر على الصدفة - منبر العلم
[٩]
نيل البركة في المال
تعهد الله للمتصدقين بتنمية أموالهم ومباركتها، قال الله -تعالى-: ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) ، [١٠] أي أن للمتصدق من الله سبعمئة ضعف جزاءً على ما تصدق به كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ( منْ أنفقَ نفقةً في سبيلِ اللهِ، كتبتْ له سبعمائةُ ضعفٍ). [١١]
وإن الله ليدخر الصدقة التي تصدق بها العبد، قال الله -تعالى-: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ، [١٢] ولو كانت الصدقة شيئاً قليلاً فإن الله سبحانه يُخلف مكانها ويزيدها سبحانه، ويبارك للمتصدق في رزقه وفي ماله. [١٣]
حتى أن الله يُربِي الصدقة لعبده حتى تكون يوم القيامة كالجبل، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن تَصَدَّقَ بعَدْلِ تَمْرَةٍ مِن كَسْبٍ طَيِّبٍ، ولَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ، وإنَّ اللَّهَ يَتَقَبَّلُهَا بيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ).
الطمع في كرم الله وفضله - منبع الحلول
بتصرّف. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:1410 ، صحيح. ↑ رواه الالباني، في صحيح الجامع، عن عائشة ام المؤمني، الصفحة أو الرقم:1642. ↑ عبد المحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد ، صفحة 11، جزء 148. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن انس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2041 ، صحيح. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن ابو امامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:3358 ، صحيح. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:660 ، حديث صحيح. ↑ عطية سالم، كتاب شرح بلوغ المرام لعطية سالم ، صفحة 4، جزء 136. بتصرّف. ↑ رواه شعيب الأرناووط، في تخريج المشكل والأثار، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم:3836 ، حديث صحيح. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:1442 ، حديث صحيح. ما يدل على يكرم الله وفضلة مضاعفة الأجر على الصدفة - منبر العلم. ↑ احمد العتيبي، "اعمال تدعوا الملائكة لأصحابها" ، صيد الفوائد. بتصرّف. ↑ سورة التوبة، آية:103
↑ محمد رشيد رضا، تفسير المنار ، صفحة 20، جزء 11. ↑ رواه مسلم بن الحجاج، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم:1078، صحيح. ↑ سورة المعارج، آية:24 25
↑ عطية سالم ، كتاب شرح الأربعين النووية لعطية سالم ، صفحة 4، جزء 50.
مايدل على يكرم الله وفضله مضاعفة الأجر على الصدفة. ….. – ليلاس نيوز
أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ قَالَ: « « أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْغِنَى، وَلاَ تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ » قُلْتَ: لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ» (رواه البخاري ومسلم). قال ابنُ بطالٍ رحمه الله: (فيه أنَّ أعمال البِرِّ كلَّما صَعُبَتْ كان أجرها أعظم؛ لأنَّ الصَّحيح الشَّحيح إذا خشى الفقرَ، وأمَّل الغِنَى صَعُبَتْ عليه النَّفَقة، وسَوَّلَ له الشيطان ُ طولَ العمر، وحُلولَ الفقر به، فمَنْ تصدَّق في هذه الحال؛ فهو مُؤثِرٌ لِثَوابِ الله على هوى نفسِه). ومن الأسباب: النَّفْعُ المُتعدِّي، والدلالة على الخير: وفي الحديث: « إِنَّ الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ » صحيح - رواه الترمذي. وأورد ابنُ حجرٍ رحمه الله – بعضَ أسبابِ المُضاعفة، وذَكَرَ منها: (تَعَدِّي النَّفْعِ؛ كَالصَّدَقَةِ الْجَارِيَةِ، وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالسُّنَّةِ الْحَسَنَةِ). وقال السعدي رحمه الله: (مِثْلُ العملِ الذي يُثْمِرُ أعمالاً أُخَر، ويَقتدي به غيرُه، أو يُشارِكُه فيه مُشارِك). ومن أسباب المضاعفة: شَرَفُ الزَّمان: مثل العمرة في رمضان ، وقيام ليلة القدر ، قال تعالى: { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3].
قال ابن رجب رحمه الله: (فَالْمُضَاعَفَةُ لِلْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَابُدَّ مِنْهُ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ تَكُونُ بِحَسَبِ إِحْسَانِ الْإِسْلَامِ). ومن أسباب مضاعفة الأجور: نَفْعَ الحَسَنةِ، والحاجةُ إليها: قال ابن رجب رحمه الله – في حديثه عن أسباب المُضاعفة: (الْحَاجَة إِلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَفَضْلِهِ؛ كَالنَّفَقَةِ فِي الْجِهَادِ، وَفِي الْحَجِّ، وَفِي الْأَقَارِبِ، وَفِي الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ، وَأَوْقَاتِ الْحَاجَةِ إِلَى النَّفَقَةِ). واللهُ تعالى يُضاعِف فوق ذلك بِحَسَبِ حال المُنفِق وإيمانِه وإحسانِه، ونَفْعِ نفقتِه وقَدْرِها، ووقُوعِها مَوقِعَها؛ لذلك ضُوعِفَ أجرُ الصحابةِ رضي الله عنهم، وأصبح القليلُ الذي يُنفِقُه أحدُهم أكثرَ ثواباً من الكثير الذي يُنفِقُه غيرُهم. ومن أسباب المُضاعفة: مَشَقَّةُ الحَسَنَة: قال ابنُ دقيقِ العيدِ رحمه الله: (الأجور قد تتفاوت بِحَسَبِ زيادةِ المَشَقَّات، لا سيما ما كان أجرُه بِحَسَبِ مَشقَّتِه، إذْ لِمَشَقَّتِه دَخْلٌ في الأجر). ويدل عليه: حديثُ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!
معنى عنوان الدرس كلّ درهم بعشرة أي مضاعفة الأجر والثواب من الله، فالمؤمن مسئول عن كل عمل يقوم به فإن كان حسنًا يؤجر عليه، وإذا كان شرًا يعاقب عليه، ولن يفوته شيئًا، ولا حتى ذرة الستر والخطيئة التي نحن فيها يجب أن يبتعد، وقد أوضح لنا الله تعالى جميع الوصايا وعباداتنا التي يجب أن نطيعها، وكل الذنوب والمعاصي التي يجب أن نتجنبه، لذلك رفع الحرج عن أمته في عدم التزامهم بما أمر به من أمور واضحة للعيان. ولما حث الله تعالى عباده على الطاعة تضاعف أجر الحسنات، فكان يفعل عشرة أضعاف الحسنات كما ان الشوكة يشاكها المؤمن فيحتسب ويصبر يثاب عليها ويأخذ عليها أجراً، ويقبل أجرها لأنه يعلم أنها تدفع الإنسان إلى فعل الطاعة والصبر على أي ضرر قد يصيبه مهما كان عظيماً، لأنه متأكد من أنه مع الله لن تكون هناك أي خسائر كل هذا نسبي ومحسوب معه. معنى عنوان الدرس كلّ درهم بعشرة أي مضاعفة الأجر والثواب من الله؟ الإجابة: العبارة صحيحة