قال الجوهري: الإد والإدة الداهية والأمر الفظيع ومنه قوله تعالى لقد جئتم شيئا إدا وكذلك الآد مثل فاعل. وجمع الإدة إدد. وأدت فلانا داهية تؤده أدا ( بالفتح). والإد أيضا الشدة. قال الراجز: نضون عني شدة وأدا من بعد ما كنت صملا جلدا انتهى كلامه. الباحث القرآني. وقرأ أبو عبد الله وأبو عبد الرحمن السلمي أدا بفتح الهمزة النحاس يقال أد يؤد أدا فهو آد والاسم الإد ؛ إذا جاء بشيء عظيم منكر وقال الراجز: قد لقي الأقران مني نكرا داهية دهياء إدا إمرا عن غير النحاس ؛ الثعلبي وفيه ثلاث لغات ( إدا) بالكسر وهي قراءة العامة ( وأدا) بالفتح وهي قراءة السلمي و ( آد) مثل ماد وهي لغة لبعض العرب رويت عن ابن عباس وأبي العالية ؛ وكأنها مأخوذة من الثقل: آده الحمل يئوده أودا أثقله. الطبرى: حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله (شَيْئًا إِدًّا) يقول: قولا عظيما. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) يقول: لقد جئتم شيئا عظيما وهو المنكر من القول. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله (شَيْئًا إِدًّا) قال: عظيما.
لقد جئتم شيئا اداره
وقَرَأ نافِعٌ، والكِسائِيُّ بِياءٍ تَحْتِيَّةٍ عَلى عَدَمِ الِاعْتِدادِ بِالتَّأْنِيثِ. وذَلِكَ جائِزٌ في الِاسْتِعْمالِ إذا لَمْ يَكُنِ الفِعْلُ رافِعًا لِضَمِيرٍ مُؤَنَّثٍ مُتَّصِلٍ، وقَرَأ البَقِيَّةُ (تَكادُ) بِالتّاءِ المُثَنّاةِ الفَوْقِيَّةِ، وهو الوَجْهُ الآخَرُ. والتَّفَطُّرُ: الِانْشِقاقُ، والجَمْعُ بَيْنَهُ وبَيْنَ (﴿وتَنْشَقُّ الأرْضُ﴾) تَفَنَّنٌ في اسْتِعْمالِ المُتَرادِفِ لِدَفْعِ ثِقَلِ تَكْرِيرِ اللَّفْظِ. والخُرُورُ: السُّقُوطُ. و(مَن) في قَوْلِهِ (مِنهُ) لِلتَّعْلِيلِ، والضَّمِيرُ المَجْرُورُ بِ (مِن) عائِدٌ إلى (( ﴿شَيْئًا إدًّا﴾))، أوْ إلى القَوْلِ المُسْتَفادِ مِن (﴿قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا﴾). (p-١٧١)والكَلامُ جارٍ عَلى المُبالَغَةِ في التَّهْوِيلِ مِن فَظاعَةِ هَذا القَوْلِ بِحَيْثُ أنَّهُ يُبَلَّغُ إلى الجَماداتِ العَظِيمَةِ فَيُغَيِّرُ كِيانَها. وقَرَأ نافِعٌ، وابْنُ كَثِيرٍ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ، والكِسائِيُّ يَتَفَطَّرُنَّ بِمُثَنّاةٍ تَحْتِيَّةٍ بَعْدَها تاءٌ فَوْقِيَّةٌ. لقد جئتم شيئا إدارة. وقَرَأ أبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، وأبُو جَعْفَرٍ، ويَعْقُوبُ، وخَلَفٌ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ بِتَحْتِيَّةٍ بَعْدَها نُونٌ مِنَ الِانْفِطارِ.
لقد جئتم شيئا إدا
تقول الناشطة البريطانية ANNIE BESANT في محاضرةٍ لها ألقتْها في الهند في عام 1903م: "إنه مِن المُستحيل على مَن يدرُس سيرة وشخصية النبي العربي العظيم، ويدرس كيف كانت دعوته وكيف كانت حياته، لا يَملِك إلا أن يشعر بالتبجيل والاحترام لهذا النبي العظيم الذي كان واحدًا من أعظم وأسمى الأنبياء جميعًا. وقد أذكر لكم في كلامي أشياءً قد تبدو مألوفةً ومعروفة عند كثيرين، ولكني شخصيًا، كلما أعدت القراءة في حياته وسيرته، تَنتابني مشاعر جديدة من الاحترام والتبجيل لهذا المُعلِّم العربي العظيم". كم يغدو الأمر قبيحًا جدًا حين تقرأ هذا الكلام المُنصف من غير المسلمين، وتقارنه بما يتقيأه بعض السفهاء عندنا على جرائدهم الصفراء، و كم يصبح الأمر بشعًا حين تستباح مقدسات الإسلام على أرض الإسلام فلا يكاد يحرك أهل الإسلام ساكنًا! { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا} [ مريم: 89] يا بني علمان حين تطاولتم على نبينا العدنان؟ ما لكم وللسيرة ولفقهها وقد أوتيتم من العقول أحطّها وأغباها؟ أنّى لقلوبكم المريضة أن تستوعب أمور التشريع حتى تنبروا للإفتاء فيه وتمحيص أموره ومعانيه؟ خبروني يا مجالسنا العلمية ويا رابطتنا المحمدية ويا دعاتنا إلى متى هذا الصمت القبوري؟ صمتكم عجز.. صمتكم ذل.. صمتكم زاد الأراذل جرأة على ديننا.. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - القول في تأويل قوله تعالى "وقالوا اتخذ الرحمن ولدا "- الجزء رقم18. صمتكم جريمة.. والساكت عن الحق شيطان أخرس!!!
لقد جئتم شيئا إدارة
(p-١٧٠)وذِكْرُ الرَّحْمَنِ هُنا حِكايَةٌ لِقَوْلِهِمْ بِالمَعْنى، وهم لا يَذَكُرُونَ اسْمَ الرَّحْمَنِ ولا يُقِرُّونَ بِهِ، وقَدْ أنْكَرُوهُ كَما حَكى اللَّهُ عَنْهم (﴿وإذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قالُوا وما الرَّحْمَنُ﴾ [الفرقان: ٦٠]). فَهم إنَّما يَقُولُونَ (اتَّخَذَ اللَّهُ ولَدًا) كَما حُكِيَ عَنْهم في آياتٍ كَثِيرَةٍ مِنها آيَةُ سُورَةِ الكَهْفِ. فَذِكْرُ الرَّحْمَنِ هُنا وضَعٌ لِلْمُرادِفِ في مَوْضِعِ مُرادِفِهِ. فَذِكْرُ اسْمِ الرَّحْمَنِ لِقَصْدِ إغاظَتِهِمْ بِذِكْرِ اسْمٍ أنْكَرُوهُ. وفِيهِ أيْضًا إيماءٌ إلى اخْتِلالِ قَوْلِهِمْ لِمُنافاةِ وصْفِ الرَّحْمَنِ اتِّخاذَ الوَلَدِ كَما سَيَأْتِي في قَوْلِهِ (﴿وما يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أنْ يَتَّخِذَ ولَدًا﴾). والخِطابُ في (﴿لَقَدْ جِئْتُمْ﴾) لِلَّذِينِ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا، فَهو التِفاتٌ لِقَصْدِ إبْلاغِهِمُ التَّوْبِيخَ عَلى وجْهٍ شَدِيدِ الصَّراحَةِ لا يَلْتَبِسُ فِيهِ المُرادُ. كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ آنِفًا (﴿وإنْ مِنكم إلّا وارِدُها﴾ [مريم: ٧١]) فَلا يَحْسُنُ تَقْدِيرُ: قُلْ لَقَدْ جِئْتُمْ. لقد جئتم شيئا اداره. وجُمْلَةُ (﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إدًّا﴾) مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيانِ ما اقْتَضَتْهُ جُمْلَةُ (﴿وقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ ولَدًا﴾) مِن التَّشْنِيعِ والتَّفْظِيعِ.
مَا هِيَ نَتِيجَةُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: للهِ وَلَدٌ؟ النَّتِيجَةُ كَمَا أَخْبَرَ اللهُ تعالى بِقَوْلِهِ: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدَاً﴾. كَلِمَةُ شَتْمٍ للهِ تعالى وَسَبٍّ، مَا أَثَرُهَا في عَالَمِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ؟ أَثَرُهَا كَمَا قَالَ تعالى: ﴿لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئَاً إِدَّاً * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدَّاً * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدَاً * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدَاً * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدَاً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدَّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدَاً﴾. لقد جئتم شيئا إدا. كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ كَادَتِ السَّمَاوَاتُ أَنْ تَتَفَطَّرَ بِسَبَبِهَا، وَكَادَتِ الأَرْضُ أَنْ تَنْشَقَّ، وَكَادَتِ الجِبَالُ أَنْ تَخِرَّ، لَوْلَا تَسْخِيرُ اللهِ تعالى هَذِهِ الكَائِنَاتِ لِهَذَا الإِنْسَانِ ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾. مَنْ يَتَصَوَّرُ أَثَرَ هَذِهِ الكَلِمَةِ التي يَتَفَوَّهُ بِهَا العَبْدُ؟
يَا عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَعْظَمِ البَلَايَا، وَأَخْطَرِ الرَّزَايَا، أَنْ تَرَى كَلِمَةَ الكُفْرِ، وَسَبَّ الذَّاتِ الإِلَهِيَّةِ، أَو سَبَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، أَو الدِّينِ، انْـتَشَرَتْ في بِلَادِنَا انْتِشَارَاً خَطِيرَاً جِدَّاً، في الأَسْوَاقِ، فِي الشَّوَارِعِ، فِي المَحَلَّاتِ، في الجَامِعَاتِ، في المُؤَسَّسَاتِ، في صُفُوفِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ، وَفِي صُفُوفِ المُعَلِّمِينَ وَالُجهَّالِ.
عشت في أمريكا أربع سنوات في مجتمع علميٍ قريب من العلمانية بالفعل، أفرش سجادتي حيث أدركتني الصلاة، أشغل القرآن بصوت المنشاوي في مختبري، بلحية أطول مما هي حاليًا، أمتنع عن المشاركة في كثيرٍ من مناسباتهم تجنبا للمحظورات، أمتنع عن مصافحة نسائهم، وأدعوهم إلى حضور فعاليات الدعوة إلى الإسلام. وهم مع ذلك يحترمونني ويُظهرون الاحترام لديني، بل وحصل أن يمتنعوا عن "البيرة" في مجالسهم العلمية لأحضرها ويغيروا موعد محاضرة بما يتناسب مع صلاتي الجمعة... كل ما يهمهم هو إتقاني لبحثي ودراستي، علمًا بأني عاصرت أحداث سبتمبر هناك. أما من يوصفون بالعلمانية في بلاد المسلمين، فكثير منهم يعادي الإسلام، والإسلام فقط! تشرَق به حلوقهم وتعمى بنوره عيونهم، يشمئزون من شعائره ويسخرون مما قصُرت عقولهم الملوثة وأهواؤهم المنحرفة عن إدراك حكمته، بينما يستطيبون فضلات أسيادهم الغربيين! القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة مريم - الآية 89. لا يطبقون مبادئ "حرية التعبير" إلا على مهاجمي الإسلام، ولا مبادئ "احترام الآخر" إلا مع الأقليات والشواذ (مع عدم تسويتنا بينهما)، ولا يعرفون "حقًا" إلا للمرأة التي غرروا بها أن تتبذل في مظهرها وتعصي ربها، أما النساء اللواتي يُضطهدن لحجابهن، ونساء المعتقلين الإسلاميين، والنساء اللواتي أكل المفسدون لقمة عيشهن حتى اضطر بعضهن إلى مسالك الحرام!