تفسير القرآن الكريم
- تفسير: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر)
تفسير: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر)
قال ابن عطية: وهذا قول جار على طريقة الرموز, ولا يصح عن جعفر بن محمد ولا ينبغي أن يلتفت إليه. وقيل: المعنى " وما تسقط من ورقة " أي من ورقة الشجر إلا يعلم متى تسقط وأين تسقط وكم تدور في الهواء, ولا حبة إلا يعلم متى تنبت وكم تنبت ومن يأكلها, " وظلمات الأرض " بطونها وهذا أصح; فإنه موافق للحديث وهو مقتضى الآية. تفسير: (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر). والله الموفق للهداية. وقيل: " في ظلمات الأرض " يعني الصخرة التي هي أسفل الأرضين السابعة. " ولا رطب ولا يابس " بالخفض عطفا على اللفظ. وقرأ ابن السميقع والحسن وغيرهما بالرفع فيهما عطفا على موضع " من ورقة "; ف " - من " على هذا للتوكيد إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ أي في اللوح المحفوظ لتعتبر الملائكة بذلك, لا أنه سبحانه كتب ذلك لنسيان يلحقه, تعالى عن ذلك. وقيل: كتبه وهو يعلمه لتعظيم الأمر, أي اعلموا أن هذا الذي ليس فيه ثواب ولا عقاب مكتوب, فكيف بما فيه ثواب وعقاب.
وذكر البرّ والبحر لقصد الإحاطة بجميع ما حوته هذه الكرة ، لأنّ البرّ هو سطح الأرض الذي يمشي فيه الحيوان غير سابح ، والبحر هو الماء الكثير الذي يغمر جزءاً من الأرض سواء كان الماء ملحاً أم عذباً. والعرب تسمِّي النهر بحراً كالفرات ودجلة. والموصول للعموم فيشمل الذوات والمعاني كلّها. وجملة: { وما تسقط من ورقة} عطف على جملة: { ويعلم ما في البرّ والبحر} لقصد زيادة التعميم في الجزئيات الدقيقة. فإحاطة العلم بالخفايا مع كونها من أضعف الجزئيات مؤذن بإحاطة العلم بما هو أعظم أولى به. وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هوشنگ. وهذه من معجزات القرآن فإنّ الله علِمَ ما يعتقده الفلاسفة وعلم أنْ سيقول بقولهم من لا رسوخ له في الدين من أتباع الإسلام فلم يترك للتأويل في حقيقة علمه مجالاً ، إذ قال: { وما تسقط من ورقة إلاّ يعلمها ولا حبَّة في ظُلمات الأرض} كما سنبيّن الاختيار في وجه إعرابه. والمراد بالورقة ورقة من الشّجر. وحرف ( مِنْ) زائد لتأكيد النفي ليفيد العموم نصّاً. وجملة { يعلمها} في موضع الحال من { ورقة} الواقعة في حيِّز النفي المستغنية بالعموم عن الصفة. وذلك لأنّ الاستثناء مفرّغ من أحوال ، وهذه الحال حال لازمة بعد النفي حصل بها مع الفعل المنفي الفائدة الاستثناء من عموم الأحوال ، أي ما تسقط من ورقة في حالة إلاّ حالة يعلمها.