٥- ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. [في هذه الآية دليل على أن] السحر لا ينفع في الآخرة، ولا يُقرِّب إلى الله، وأنَّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاق؛ فإنَّ مبناه على الشرك، والكذب، والظلم، [و]مقصود صاحبه الظلم، والفواحش؛ [ابن تيمية]. ٦- ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾. سورة البقرة [45] تفسير الآيتين الآية 143 و144 - Tafsir Center for Quranic Studies | مركز تفسير للدراسات القرآنية. مع أن محبة الزوجين لا تقاس بمحبة غيرهما؛ لأن الله قال في حقهما: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة، وأنه يضر بإذن الله؛ [السعدي]. ٧- ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا ﴾. كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول عند تعلمهم أمر الدين: ﴿ رَاعِنَا ﴾؛ أي: راعِ أحوالنا، فيقصدون بها معنًى صحيحًا، وكان اليهود يريدون بها معنًى فاسدًا، فانتهزوا الفرصة، فصاروا يخاطبون الرسول بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة سدًّا لهذا الباب؛ ففيه:
• النهي عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم.
سورة البقرة [45] تفسير الآيتين الآية 143 و144 - Tafsir Center For Quranic Studies | مركز تفسير للدراسات القرآنية
[القرطبي]. التوجيهات:
١- الاستجابة للأوامر الشرعية بعد كثرة طرح الأسئلة المتكلفة نوع من التعنُّت أو التقوى الكاذبة، ﴿ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا۟ يَفْعَلُونَ ﴾. ٢- الله قادر على إظهارِ ما تخفيه من الذنوب؛ فلا تجعله أهون الناظرين إليك، ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَٱدَّٰرَْٰٔتُمْ فِيهَا ۖ وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾. تحميل كتاب مختصر تفسير ابن كثير PDF - مكتبة اللورد. ٣- المعاصي هي سبب قسوة القلب. العمل بالآيات:
1- ميزان القلب خلواته» انفرد بنفسك منشغلًا بعبادة من العبادات؛ فالله تعالى يعلم ما تُخفي وما تُظهر، ﴿ وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾. ٢- احذر طول العهد بمرققات القلوب، واعمل اليوم عملًا يرقق قلبك؛ ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾. ٣- أرسل رسالة أو مقالًا عن بعض نماذج النفاق المعاصرة، ﴿ وَإِذَا لَقُوا۟ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوٓا۟ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِۦ عِندَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾. معاني الكلمات:
﴿ لاَ ذَلُولٌ ﴾: غَيْرُ مُذَلَّلَةٍ لِلْعَمَلِ.
٢- الإيمان بالله سبحانه هو الرضى بالدين كاملا، أما انتقاء بعض الأحكام ورد البعض الآخر فنوع من النفاق والعياذ بالله، ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾. العمل بالآيات:
١- اسع في فك أسير بتقديم مال، أو بدعوة صالحة في جوف الليل، أو في ساعة إجابة، ﴿ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَٰرَىٰ تُفَٰدُوهُمْ ﴾. ٢- اطلب النصيحة من أحد الصالحين، واقبلها طالما أنها حق، ولا تردها لأنها لا توافق هواك، ﴿ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌۢ بِمَا لَا تَهْوَىٰٓ أَنفُسُكُمُ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾. ٣- قل: «رضيت بالله ربا، وبمحمد ﷺ رسولاً، وبالإسلام دينًا». معاني الكلمات:
﴿ تُفَادُوهُمْ ﴾: تُحَرِّرُوهم مِنَ الأَسْرِ بدَفْعِ الفِدْيَةِ. ﴿ خِزْيٌ ﴾: ذُلٌّ، وَفَضِيحَةٌ. ﴿ وَقَفَّيْنَا ﴾: أَتْبَعْنَا. مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل لسورة البقرة (77 – 83). ﴿ وَأَيَّدْنَاهُ ﴾: قَوَّيْنَاهُ. ﴿ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾: جِبْرِيلَ عليه السلام. ﴿ غُلْفٌ ﴾: مُغَلَّفَةٌ مُغَطَّاةٌ.
مختصر تفسير القرآن تدبر وعمل لسورة البقرة (77 – 83)
[ابن كثير]. 4- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8] نبه الله سبحانه على صفات المنافقين؛ لئلا يغترَّ بظاهر أمرهم المؤمنون؛ فيقع لذلك فسادٌ عريض من عدم الاحتراز منهم، ومن اعتقاد إيمانهم وهم كفار في نفس الأمر، وهذا من المحذورات الكبار. [ابن كثير]. 5- ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10] ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ﴾؛ أي: بسكونهم إلى الدنيا وحبِّهم لها، وغفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عنها. وقوله: ﴿ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾؛ أي: وكَلهم إلى أنفسهم، وجمع عليهم هموم الدنيا؛ فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام بالدِّين. ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ بما يفنى عما يبقى. وقال الجنيد: علل القلوب من اتباع الهوى، كما أن علل الجوارح من مرض البدن. [القرطبي]. 6- ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 16]؛ أي: رغبوا في الضلالة رغبةَ المشتري بالسلعة التي من رغبته فيها يبذل فيها الأثمانَ النفيسة، وهذا من أحسن الأمثلة؛ فإنه جعل الضلالة التي هي غاية الشر كالسلعة، وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزلة الثمن.
الدرس (48) من التعليق على تفسير البيضاوي؛ سورة البقرة (39) من الآية 118 حتى الآية 124 - قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ.. ) حتى قوله: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ.. ).
تحميل كتاب مختصر تفسير ابن كثير Pdf - مكتبة اللورد
• ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾. ٢- اسعَ في صلح بين اثنين؛ وخاصة زوجين، واعلم أن الشيطان وجنده يسعون للإفساد بين الناس والأزواج، فكن أنت مصلحًا، ﴿ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ﴾. ٣- حذر المجتمع من وجود السحرة، ووضح خطرهم عليه، ووجوب السعي والتعاون لكف شرهم، ﴿ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾. معاني الكلمات:
﴿ تَتْلُوا ﴾: تُحَدِّثُ، وَتَقْرَأُ. ﴿ بِبَابِلَ ﴾: أَرْض بِالْعِرَاقِ. ﴿ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾: اسْمُ مَلَكَيْنِ أَنْزَلَهُمَا اللهُ؛ ابتْلاءً مِنْهُ؛ لِتَعْلِيمِ السِّحْرِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ. ﴿ خَلاقٍ ﴾: نَصِيب وحظ.
الوقفات التدبرية:
1- ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾ [البقرة: 7] الذنوب إذا تتابعت على القلوب أغلَقتْها، وإذا أغلقتْها أتاها حينئذٍ الختمُ من قِبَلِ الله تعالى والطبع؛ فلا يكون للإيمان إليها مسلكٌ، ولا للكفر عنها مخلص، فذلك هو الختم والطبع الذي ذكَرَه في قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾. [ابن كثير]. 2- ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾ [البقرة: 7] ذَكَرَ الموانع المانعة لهم من الإيمان، فقال: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ﴾؛ أي: طبع عليها بطابع لا يدخلها الإيمانُ، ولا ينفذ فيها، فلا يعُون ما ينفعهم، ولا يسمعون ما يفيدهم، ﴿ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ﴾؛ أي: غشاء وغطاء وأكِنَّة تمنعها عن النظر الذي ينفعهم. وهذه طرق العلم والخير قد سُدَّتْ عليهم؛ فلا مطمع فيهم، ولا خير يرجى عندهم، وإنما مُنعوا ذلك وسُدَّت عنهم أبواب الإيمان بسبب كفرهم وجحودهم. [السعدي]. 3- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 8] لما تقدَّم وصف المؤمنين في صدر السورة بأربع آيات، ثم عَرَّفَ حال الكافرين بهاتين الآيتين، شرع تعالى في بيان حال المنافقين الذين يُظهِرون الإيمان ويُبطِنون الكفر، ولما كان أمرهم يشتبه على كثير من الناس؛ أطنَبَ في ذكرهم بصفات متعددة.