جاء في كتاب التيسير في أصول التفسير لمؤلفه
عطاء بن خليل أبو الرشته
أمير حزب التحرير حفظه الله في تفسيره لهذه الآيات ما يلي:
يبين الله سبحانه في هذه الآيات:
إن الله سبحانه قد أحلّ مباشرة الزوج لزوجه في ليلة الصيام، فقد جعل الله كلًا منهما سترًا لصاحبه ينكشف عليها وتنكشف عليه، فكأن كلًا منهما لباس لصاحبه. ( الرَّفَثُ) أصله من رفث في كلامه وترفث أي أفحش وأفصح بما يكنى به، والمراد به هنا الجماع. إن الله سبحانه قد علم أنكم تخونون أنفسكم وتوقعونها في الظلم بمباشرة النساء في ليالي رمضان، وأن الله سبحانه قد تاب عليكم وعفا عنكم فلم يؤاخذكم بما فعلتم ويعاقبكم عليه، بل تجاوز عما فعلتموه، والآن جعله حلالًا لكم فلا إثم في مباشرة النساء في ليل الصوم. ما حكم الجماع في العشر الاواخر من رمضان؟. روى أبو هريرة t قال: "كان المسلمون إذا صلوا العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا، وإن عمر بن الخطاب أصاب أهله بعد صلاة العشاء وأن صرمة بن قيس غلبته عينه بعد صلاة المغرب فنام ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فقام فأكل وشرب، فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فأنزل الله: ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) الآية" [1].
- هن لباس لكم وأنتم لباس لهن
هن لباس لكم وأنتم لباس لهن
مصدر الخبر: صحيفة السوسنة الأخبار الأردن 2022-4-21 43 اخبار عربية اليوم
والطعام والشراب والمباشرة لا تنتهي بهذا الفجر الكاذب بل بطلوع الفجر الصادق الذي بيناه. "عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) عمدت إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي، قال فجعلت أنظر إليهما فلما تبين لي الأبيض من الأسود أمسكت فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت فقال: إن وسادك إذن لعريض، إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل " [3]. "ثم إن الله سبحانه أنزل بعد ذلك ( مِنَ الْفَجْرِ) كما روى البخاري في صحـيـحـه عن سهل بن سعد" [4]. هن لباس لكم و انتم لباس لهن. فكانت بيانًا للمجمل ( الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ). ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) يطلب الله سبحانه أن نتمَّ الصيام إلى الليل، وهو يعني أن يدخل جزء من الليل ولو يسير؛ لأن النهار متصل بالليل، فحتى يكمل صيام النهار لا بدّ من تلامس بين النهار والليل، وهذا يعني بدء الليل حتى يصح الفطر " إذا أدبر النهار من هنا وأقبل الليل من هنا فقد أفطر الصائم " [5]. ومن هنا كانت القاعدة ( ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) فلا يمكن أن يكتمل النهار دون دخول جزء ولو يسير من الليل لملامسته له، ولذلك قالوا "الغاية تدخل في المغيّا " وعلى نحو هذا قوله تعالى ( () * +, ) المائدة/آية6 فلا يمكن أن تغسل اليد إلى المرفق إلا بدخول جزء من المرفق في الغسل ولو كان يسيرًا.