معنى آية: براءة من الله ورسوله
تبين الآية الكريمة أن كل من كان له عهد عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المشركين فهو إلى مدة عهده، وأن من كان له عند رسول الله عهد مطلق فهو إلى مدة أربعة أشهر، ثم بعد هذه المدة تكون البراءة من الله ورسوله من هؤلاء، حيث قال تعالى: (بَراءَةٌ مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ إِلَى الَّذينَ عاهَدتُم مِنَ المُشرِكينَ) ، [٣] ويعني ذلك أن لهم الحرب من الله ورسوله إلا أن يدخلوا في الإسلام، [٤] فقد برئ الله تعالى ورسوله من إعطاء العهود للمشركين والوفاء بها إذا هم نقضوها. حيث نزلت هذه الآية وما بعدها لمّا قويت شوكة الإسلام، وذلك حين رجع النبي -صلى الله عليه وسلم- من تبوك، وكان ذلك في آخر حياته، وكان المشركون ينقضون عهدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره الله أن ينقض عهودهم، [٥] فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآيات مع أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- فقرأها على الناس في الموسم، وكان فرضاً، فلا يجوز أن يعطى أحد فوق هذه المدة. [٦]
ويمكن أن يقال أن هذه الآيات فيها مفارقةٌ للمشركين، وبراءةٌ منهم من كل وجه، فلم يعاهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدها أحد، وقد ورد أن هذا الأمر كان بعرفة، فأنفذ بذلك المشركين أربعة أشهر، كما في قوله تعالى: (فَسيحوا فِي الأَرضِ أَربَعَةَ أَشهُرٍ) ، [٧] فكانت هذه الِأشهر هي: عشر من ذي الحجة، ومحرم، وصفر، وربيع الأول، وعشر من ربيع الآخر، وقد جاء التأكيد على إزالة مظاهر الشرك والوثنية من جزيرة العرب، كما في وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعلي، وهي: (ولا يحُجَّنَّ بَعدَ العامِ مُشرِكٌ، ولا يَطوفَنَّ بالبيتِ عُريانٌ).
تفسير قوله تعالى : بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
السؤال: أخ سوداني أيضًا يقول عوض الله جبران عثمان، أخونا يسأل عن تفسير قوله تعالى: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [التوبة:1]؟
الجواب: هذه الآية نزلت في آخر حياة النبي ﷺ، وكان الرسول ﷺ قد عاهد بعض المشركين إلى مدد معلومة، وبعضهم بينه وبينه عهد مطلق، وبعضهم لا عهد له، فأنزل الله هذه الآية فيها البراءة من المشركين، وفيها نبذ العهود إليهم؛ ولهذا قال سبحانه: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ [التوبة:1-2] الآية. براءة من الله ورسوله الى الذين عاهدتم. فالله أمره جل وعلا أن يتبرأ منهم، ومن كان له عهد فهو إلى مدته، ومن كان عهده مطلق أو لا عهد له جعل الله له أربعة أشهر، وبعث الصديق وعلي ومن معهما في عام تسع من الهجرة ينادون في الموسم: من كان له عهد عند رسول الله ﷺ فهو على مدته، ومن لم يكن له عهد أو له عهد مطلق فله أربعة أشهر، بعدها يكون حربًا للرسول ﷺ إلا أن يدخل في الإسلام. فهذا هو معنى الآية عند أهل العلم. نعم. فتاوى ذات صلة
فقالوا: بماذا؟ فقرأ عليهم ثلاثين أو أربعين آية. وعن مجاهد رضي الله عنه ثلاثة عشرة آية، ثم قال: أمرت بأربع: «أن لا يقرب البيت بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا كل نفس مؤمنة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده» فقالوا عند ذلك يا علي، أبلغ ابن عمك أنا قد نبذنا العهد وراء ظهورنا، وأنه ليس بيننا وبينه عهد إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف. وقيل: إنما أمر أن لا يبلغ عنه إلا رجل منه؛ لأنّ العرب عادتها في نقض عهودها أن يتولى ذلك على القبيلة رجل منها، فلو تولاه أبو بكر رضي الله عنه. لجاز أن يقولوا هذا خلاف ما يعرف فينا من نقض العهود فأزيحت علتهم بتولية ذلك علياً رضي الله عنه فإن قلت: الأشهر الأربعة ما هي؟ قلت: عن الزهري رضي الله عنه أنّ براءة نزلت في شوال، فهي أربعة أشهر: شوّال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، وقيل هي عشرون من ذي الحجة، والمحرّم، وصفر، وشهر ربيع الأوّل، وعشر من شهر ربيع الآخر. تفسير قوله تعالى : بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. وكانت حرماً؛ لأنهم أُومنوا فيها وحرّم قتلهم وقتالهم. أو على التغليب؛ لأنّ ذا الحجة والمحرّم منها. وقيل: لعشر من ذي القعدة إلى عشر من ربيع الأول؛ لأنّ الحج في تلك السنة كان في ذلك الوقت للنسيء الذي كان فيهم، ثم صار في السنة الثانية من ذي الحجة.
تفسير الآية &Quot; براءة من الله ورسوله &Quot; | المرسال
الرابعة: قوله تعالى براءة تقول: برئت من الشيء أبرأ براءة فأنا منه بريء إذا أزلته عن نفسك وقطعت سبب ما بينك وبينه. و براءة رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره هذه براءة. ويصح أن ترفع بالابتداء. والخبر في قوله: إلى الذين. تفسير الآية " براءة من الله ورسوله " | المرسال. وجاز الابتداء بالنكرة لأنها موصوفة فتعرفت تعريفا ما وجاز الإخبار عنها. وقرأ عيسى بن عمر " براءة " بالنصب على تقدير التزموا براءة ، ففيها معنى الإغراء. وهي مصدر على فعالة كالشناءة والدناءة. الخامسة: قوله تعالى إلى الذين عاهدتم من المشركين ، يعني إلى الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان المتولي للعقود ، وأصحابه بذلك كلهم راضون فكأنهم عاقدوا وعاهدوا ؛ فنسب العقد إليهم. وكذلك ما عقده أئمة الكفر على قومهم ؛ منسوب إليهم ، محسوب عليهم ، يؤاخذون به إذ لا يمكن غير ذلك ؛ فإن تحصيل الرضا من الجميع متعذر ، فإذا عقد الإمام لما يراه من المصلحة أمرا لزم جميع الرعايا.
وتنزل عليه الآيات فيقول: « ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ». وكانت " الأنفال " من أوائل ما أنزلوا و " براءة " من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنه منها فظننت أنها منها فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم. [ وخرجه أبو عيسى الترمذي وقال: هذا حديث حسن]. وقول ثالث: روي عن عثمان أيضًا: أنه لما سقط أولها سقط بسم الله الرحمن الرحيم معه. وروي ذلك عن ابن عجلان أنه بلغه أن سورة " براءة " كانت تعدل البقرة أو قربها فذهب منها فلذلك لم يكتب بينهما بسم الله الرحمن الرحيم. وقال سعيد بن جبير: كانت مثل سورة البقرة. وقول رابع: قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما. قالوا: لما كتبوا المصحف في خلافة عثمان اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: براءة والأنفال سورة واحدة. وقال بعضهم: هما سورتان. فتركت بينهما فرجة لقول من قال أنهما سورتان وتركت بسم الله الرحمن الرحيم لقول من قال هما سورة واحدة فرضي الفريقان معا وثبتت حجتاهما في المصحف. وقول خامس: قال عبدالله بن عباس: سألت علي بن أبي طالب لما لم يكتب في براءة بسم الله الرحمن الرحيم؟ قال: لأن بسم الله الرحمن الرحيم أمان وبراءة نزلت بالسيف ليس فيها أمان.
تفسير قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه...} الآية
س: سائل يسأل عن تفسير قوله تعالى: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [التوبة:1].
مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (289/8). فتاوى ذات صلة