وهذه الأوامر ليست خاصة في تعامل البشر مع بعضهم فقط، بل هي مما ينبغي أن يكون سلوكا دائمًا يتخذه الناس في التعامل مع المرضى سواء كانوا من الآدميين أو من غيرهم، فقال صلى الله عليه وسلم: « لا يوردن ممرض على مصح » (رواه البخاري). ما معنى الوقاية خير من العلاج - لمحة معرفة. وهذا نص عام يشمل الآدميين وغيرهم، وهذا لمنع انتقال العدوى من المريض إلى الصحيح. ومن هذا الباب أيضا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الماء الراكد خشية تلويثه على الناس، ومنعًا من انتقال المرض إلى الآخرين إن كان ثمة مرض، فقال صلى الله عليه وسلم: « اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل » (رواه أبوداود). إن الحكماء يقولون: الوقاية خير من العلاج، والعلماء يقولون: الدفع أيسر من الرفع، ولقد جاء الشرع بقاعدة عظيمة هي قاعدة سد الذرائع، وهذه القاعدة لو تدبرتها لعلمت أنها هي نفس ما قاله العلماء من أن الدفع أسهل من الرفع، وهي عبارة عما كان مباحًا في نفسه لكن الوقوع فيه يؤدى إلى محرم، فحرمه الشرع من أجل غيره. إن الشريعة الإسلامية تنهى المسلم عن التعرض لما يصيبه بالأذى في دينه أو جسده أو ماله، وقديما قال علماؤنا: السلامة لا يعدلها شيء، فعلى المسلم أن ينأى بنفسه عن مواطن البلاء وأن يحذر أن يكون سببًا في انتشاره بتقصيره في تعلم دينه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يحفظ بلادنا وأهلنا من كل مكروه وسوء.
ما معنى الوقاية خير من العلاج - لمحة معرفة
وأباح الشَّرع للمُحرِم أن يحلق شعره إذا آذته هوامُّ رأسه، قال تعالى: { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]. معنى الوقاية خير من العلاج. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة وقد رآه تتساقط هوامُّ رأسه على وجهه: « أيؤذيك هوامُّ رأسك »؟ قال: نعم، فأمره أن يحلق. رواه الإمام أحمد. فمع أنَّ المُحرم يُمنع من حلق شعره مادام محرما إلا أنَّه هنا أمره الله عز وجل، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلق، وفى هذا منع من انتشار الداء أو تسرُّبه للجسد، وهو داخل في الوقاية من الأمراض. وأمر الله عز وجل باعتزال النساء في المحيض خشية الإصابة بالأمراض، ومنعًا من مباشرة الأذى، وفى هذا حفظ للبدن، ومنع من تلوُّثه بالمرض قال تعالى:{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222].
_______________________________ الكاتب: المعتز بالله الكامل