فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) ( فلما أسلما) انقادا وخضعا لأمر الله - تعالى - قال قتادة: أسلم إبراهيم ابنه وأسلم الابن نفسه ، ( وتله للجبين) أي: صرعه على الأرض. فلما أسلما وتله للجبين - ياسر الدوسري - YouTube. قال ابن عباس: أضجعه على جبينه على الأرض والجبهة بين الجبينين ، قالوا: فقال له ابنه الذي أراد ذبحه: يا أبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب ، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء فينقص أجري وتراه أمي فتحزن ، واشحذ شفرتك ، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون علي فإن الموت شديد ، وإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني ، وإن رأيت أن ترد قميصي على أمي فافعل ، فإنه عسى أن يكون أسلى لها عني ، فقال له إبراهيم عليه السلام: نعم العون أنت يا بني على أمر الله ، ففعل إبراهيم ما أمر به ابنه ، ثم أقبل عليه فقبله وقد ربطه وهو يبكي والابن - أيضا - يبكي ثم إنه وضع السكين على حلقه فلم تحك السكين. ويروى أنه كان يجر الشفرة في حلقه فلا تقطع ، فشحذها مرتين أو ثلاثة بالحجر ، كل ذلك لا تستطيع. قال السدي: ضرب الله - تعالى - صفحة من نحاس على حلقه قالوا: فقال الابن عند ذلك: يا أبت كبني لوجهي على جبيني فإنك إذا نظرت في وجهي رحمتني وأدركتك رقة تحول بينك وبين أمر الله تعالى ، وإني لا أنظر إلى الشفرة فأجزع ، ففعل ذلك إبراهيم ثم وضع الشفرة على قفاه فانقلبت السكين ونودي: أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا.
فلما أسلما وتله للجبين - ياسر الدوسري - Youtube
وقيل: ( أسلما) ، [ يعني]: استسلما وانقادا; إبراهيم امتثل أمر الله ، وإسماعيل طاعة الله وأبيه. قاله مجاهد ، وعكرمة والسدي ، وقتادة ، وابن إسحاق ، وغيرهم. ومعنى ( وتله للجبين) أي: صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ، ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ، ليكون أهون عليه ، قال ابن عباس ، ومجاهد وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة: ( وتله للجبين): أكبه على وجهه. وقال الإمام أحمد: حدثنا سريج ويونس قالا حدثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، عن ابن عباس أنه قال: لما أمر إبراهيم بالمناسك عرض له الشيطان عند السعي ، فسابقه فسبقه إبراهيم ، ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة ، فعرض له الشيطان ، فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات ، وثم تله للجبين ، وعلى إسماعيل قميص أبيض ، فقال له: يا أبت ، إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره ، فاخلعه حتى تكفنني فيه. فعالجه ليخلعه ، فنودي من خلفه: ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) ، فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أبيض أقرن أعين. قال ابن عباس: لقد رأيتنا نتبع ذلك الضرب من الكباش. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الصافات - الآية 104. وذكر تمام الحديث في " المناسك " بطوله. ثم رواه أحمد بطوله عن يونس ، عن حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، فذكر نحوه إلا أنه قال: " إسحاق ".
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة الصافات - الآية 104
وقوله ( إن هذا لهو البلاء المبين): يقول - تعالى ذكره -: إن أمرنا إياك يا إبراهيم بذبح ابنك إسحاق ، لهو البلاء ، يقول: لهو الاختبار الذي يبين لمن فكر فيه أنه بلاء شديد ومحنة عظيمة. وكان ابن زيد يقول: البلاء في هذا الموضع الشر وليس باختبار. [ ص: 79] حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: ابن زيد ، في قوله ( إن هذا لهو البلاء المبين) قال: هذا فى البلاء الذي نزل به في أن يذبح ابنه. ( صدقت الرؤيا): ابتليت ببلاء عظيم أمرت أن تذبح ابنك قال: وهذا من البلاء المكروه وهو الشر وليس من بلاء الاختبار.
مصدر الموضوع الاصلي: فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ قال الله تبارك وتعالى في قصة إبراهيم وابنه عليهما السلام:﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾(الصافات: 103- 105). وكان إبراهيم- عليه السلام- قد رأى في المنام أنه يذبح ابنه ؛ كما أخبر الله تعالى عن ذلك بقوله:﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾(الصافات: 102). أولاً- ومن الشبهات التي تثار هنا السؤال عن جواب ﴿ فَلَمَّا ﴾ في الآية الأولى ، فيقال: أين جوابها ؟ كما قيل: أين جواب ﴿ فَلَمَّا ﴾ في قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام:﴿ فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾(يوسف: 15) ؟ وللنحاة والمفسرين في الجواب عن هذه الشبهة قولان: أحدهما: أن جواب ﴿ فَلَمَّا ﴾ مذكور في الكلام.